-A +A
حمود أبو طالب
لم يعد ممكناً فهم ما يحدث في هذا العالم بسهولة، أو تفسيره بحسب المنطق. وأيضاً لم نعد نعرف إلى أي مصير يقود الساسة عالماً مكتظاً بالكوارث والمآسي، أو ما هي حساباتهم والنتائج التي يريدون الوصول إليها وهم يخلقون أزمة بعد أخرى، تجعل الأمن أملاً عصي المنال.

العالم كله يراقب الحرب الروسية الأوكرانية منذ أكثر من عامين، أو الحرب الروسية الغربية الأمريكية التي وُضعت أوكرانيا في أتونها، ورغم سوء هذه الحرب وخطر تداعياتها على العالم بأسره، إلا أنها منذ بدأت وهي حرب بين جيوش رسمية، لكن يوم الجمعة الماضي ربما يشكل فصلاً جديداً في تطورات الحرب بعد العمل الإرهابي الذي حدث في المركز التجاري بموسكو وحصد أكثر من 130 ضحية، فصل لا نستطيع التنبؤ بكيفيّته لكنه بالتأكيد سيكون أسوأ من ذي قبل.


أربعة أشخاص فقط استطاعوا بشكل محيّر اختراق شبكة أمنية عتيدة لدولة كبرى في حالة حرب، أعدوا ونفذوا مهمتهم بنجاح، ليخرج بيان بعد ذلك من تنظيم داعش ينسب لنفسه تنفيذ العملية، دون توضيح أسباب أو أهداف أو مطالب. وبعد امتصاص الصدمة والقبض على الفاعلين حدث ما هو متوقع عندما لمّح الرئيس بوتين باتهام أوكرانيا بالضلوع في الحادثة، ليرد الرئيس الأوكراني بالنفي والسخرية من بوتين.

إلى هنا قد يكون الأمر مفهوماً، لكن غير المفهوم هو التصريح الأمريكي المثير عقب الحادثة بأن أمريكا حذرت روسيا منها، فقد قالت أدريان واتسون، المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: «في وقت سابق هذا الشهر، كانت لدى الإدارة الأمريكيّة معلومات بشأن مخطّط هجوم إرهابي في موسكو يُحتمل أن يستهدف تجمّعات كبيرة، بما في ذلك الحفلات الموسيقيّة، وقد تشاركت واشنطن هذه المعلومات مع السلطات الروسيّة». أي أن أمريكا لم تحذر فقط، وإنما حددت الأماكن المستهدفة، وذلك ما حدث، فكيف تهاونت أو استخفت روسيا بهذه المعلومة الخطيرة.

هذا هو السؤال المهم، وهو أحد الأسباب التي تجعلنا نتساءل بقلق ماذا يحدث في كواليس سياسة المتخاصمين والمتحاربين الكبار، وما الذي يرمون إليه حتى لو كان باستخدام تنظيمات الإرهاب التي هي في الأساس أحد أسوأ اختراعاتهم.

ما هو السيناريو بعد حادثة الجمعة في موسكو؟ لا ندري، لكنه سيكون أسوأ على أي حال.