وكأن رحيل الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن ليس كافياً وحده للحزن الثقيل الذي غشى نفوس الجميع، فأوجد معه حزناً آخر وألماً جديداً عندما عرفنا بالتزامن مع رحيله عن إصابة صديق عمره ورفيق دربه فنان العرب محمد عبده بمرض مشابه، ويتلقى علاجاً مشابهاً. كنا سنعرف في وقت ما عن مرض أبو نورة، لكن عمق العلاقة بينه وبين البدر عندما لاحت إشارات رحيله جعلت محمد في اتصاله الأخير به يكشف عن حقيقة مرضه، خلال مكالمة باكية ومبكية لكل من سمعها، اختصرت كل الحب والوفاء بينهما، ورحلة الزمن الطويل الذي جمعهما وقدما خلاله درر الغناء. فيا لها من مصادفة تكثفت فيها التراجيديا الموجعة، تناغم ثنائي في وقت الصحة والعطاء، وأيضاً في وقت المرض والمعاناة.
حديث أبو نورة في تلك المكالمة يختصر رحلة النصف قرن مع البدر، بكلماته المتعبة ودموعه الطافحة وحشرجة صوته استطاع التعبير بدقة جميلة عن المنجز العظيم للأغنية السعودية الذي حققه ونقلها إلى مرحلة تأريخية جديدة. صحيح أن آخرين غنوا قصائد للبدر وأجادوا تلحينها وأداءها، لكن المشروع الغنائي الحديث المتكامل تم تدشينه بثنائيته مع محمد عبده، ولذلك أكثر من سبب، فمثلما كان للبدر رؤية مختلفة للشعر، كان لمحمد رؤية مختلفة للفن أيضاً، ومثلما كان البدر جريئاً في اجتراح القصيدة الجديدة كان محمد جريئاً في ابتكار الألحان الجديدة التي تناسبها، وكما كان البدر مغامراً ومتحدياً للشكل الشعري الغنائي السائد، كان أبو نورة مغامراً ومتحدياً معه بتحويل شعر كان يظن البعض أنه غير قابل للغنائية إلى أغانٍ شاعت وذاعت وأصبحت أيقونات في الغناء العربي. كان البدر يتحدى نفسه شعراً ومحمد يتحدى نفسه لحناً، كانا يحرضان بعضهما على إبداع غير مسبوق، وهنا يكمن سر الكيمياء بين الشخصيتين التي تجعل البدر وكأنه يكتب لمحمد فقط، وتجعل أبو نورة يترجم باللحن أدق وأعمق وأصدق معاني البدر في قصيده.
قرابة 100 أغنية نتجت عن تعاون البدر ومحمد عبده، ما بين عاطفية ووطنية ووصفية وتأملية في الحياة والعلاقات والإنسانية، معظمها وأجملها وأعذبها من ألحان محمد، من زمن «لا تردين الرسايل» إلى زمن «رماد المصابيح» صاغ الاثنان عقداً باذخاً من جواهر الغناء التي لا تؤثر فيها عوامل اختلاف الذائقة بين الأجيال، أغنيات حظيت بالإجماع أنها سوف تكون خالدة في تأريخ الفن.
البدر ومحمد عبده روحان جمعت بينهما كيمياء سحرية فريدة، وكأن القدر يشير إلى تشابه روحيهما بشكل عجيب حتى في المرض حين يجمع بينهما العلاج الكيماوي، في نفس الظروف ونفس المكان. رحم الله البدر، وأما أنت يا حبيبنا أبو نورة فقلوبنا التي سكنتَها تلهج لك بصادق الدعاء أن يمن الله عليك بكامل العافية والصحة. كلنا معك، بقربك، نقاسمك التعب والرجاء والأمل، ونحمد الله أنك جعلتنا نطمئن بعد رسالتك إلى محبيك التي حملت بشارة تعافيك.
عد إلينا يا أبا نورة بكامل ألقك، فما زال هناك وقت للفرح والحب والبهجة والغناء. نحتاجك بشدة في هذا الزمن الموحش يا محمد، صديقاً يأنس أصدقاءه بحضوره البهي، وفناناً عظيماً لم ولن يشبهه أحد،ش عبَر الأزمنة وأعطى للفن قيمة سامقة ورسالة سامية. الذين يعرفونك عن قرب يعرفون فيك القوة والصلابة والإيمان والتفاؤل، ونحن بانتظار إشراقتك علينا بمشيئة الله، فالأماكن كلها مشتاقة لك، والأرواح أكثر.
حديث أبو نورة في تلك المكالمة يختصر رحلة النصف قرن مع البدر، بكلماته المتعبة ودموعه الطافحة وحشرجة صوته استطاع التعبير بدقة جميلة عن المنجز العظيم للأغنية السعودية الذي حققه ونقلها إلى مرحلة تأريخية جديدة. صحيح أن آخرين غنوا قصائد للبدر وأجادوا تلحينها وأداءها، لكن المشروع الغنائي الحديث المتكامل تم تدشينه بثنائيته مع محمد عبده، ولذلك أكثر من سبب، فمثلما كان للبدر رؤية مختلفة للشعر، كان لمحمد رؤية مختلفة للفن أيضاً، ومثلما كان البدر جريئاً في اجتراح القصيدة الجديدة كان محمد جريئاً في ابتكار الألحان الجديدة التي تناسبها، وكما كان البدر مغامراً ومتحدياً للشكل الشعري الغنائي السائد، كان أبو نورة مغامراً ومتحدياً معه بتحويل شعر كان يظن البعض أنه غير قابل للغنائية إلى أغانٍ شاعت وذاعت وأصبحت أيقونات في الغناء العربي. كان البدر يتحدى نفسه شعراً ومحمد يتحدى نفسه لحناً، كانا يحرضان بعضهما على إبداع غير مسبوق، وهنا يكمن سر الكيمياء بين الشخصيتين التي تجعل البدر وكأنه يكتب لمحمد فقط، وتجعل أبو نورة يترجم باللحن أدق وأعمق وأصدق معاني البدر في قصيده.
قرابة 100 أغنية نتجت عن تعاون البدر ومحمد عبده، ما بين عاطفية ووطنية ووصفية وتأملية في الحياة والعلاقات والإنسانية، معظمها وأجملها وأعذبها من ألحان محمد، من زمن «لا تردين الرسايل» إلى زمن «رماد المصابيح» صاغ الاثنان عقداً باذخاً من جواهر الغناء التي لا تؤثر فيها عوامل اختلاف الذائقة بين الأجيال، أغنيات حظيت بالإجماع أنها سوف تكون خالدة في تأريخ الفن.
البدر ومحمد عبده روحان جمعت بينهما كيمياء سحرية فريدة، وكأن القدر يشير إلى تشابه روحيهما بشكل عجيب حتى في المرض حين يجمع بينهما العلاج الكيماوي، في نفس الظروف ونفس المكان. رحم الله البدر، وأما أنت يا حبيبنا أبو نورة فقلوبنا التي سكنتَها تلهج لك بصادق الدعاء أن يمن الله عليك بكامل العافية والصحة. كلنا معك، بقربك، نقاسمك التعب والرجاء والأمل، ونحمد الله أنك جعلتنا نطمئن بعد رسالتك إلى محبيك التي حملت بشارة تعافيك.
عد إلينا يا أبا نورة بكامل ألقك، فما زال هناك وقت للفرح والحب والبهجة والغناء. نحتاجك بشدة في هذا الزمن الموحش يا محمد، صديقاً يأنس أصدقاءه بحضوره البهي، وفناناً عظيماً لم ولن يشبهه أحد،ش عبَر الأزمنة وأعطى للفن قيمة سامقة ورسالة سامية. الذين يعرفونك عن قرب يعرفون فيك القوة والصلابة والإيمان والتفاؤل، ونحن بانتظار إشراقتك علينا بمشيئة الله، فالأماكن كلها مشتاقة لك، والأرواح أكثر.