لطالما أطلق السياسيون في الولايات المتحدة تصريحات عدائية ضد حكومات بعض من صنفتهم بدول العالم الثالث بحجة افتقار تلك الدول لأبسط حقوق الإنسان -على حد زعمها-، وقد تكون هناك بالفعل بعض الدول التي انتهكت حقوق الإنسان بشكل علني، لكن المثير للاستفزاز أن هناك دولاً أخرى أشد انتهاكاً لحقوق الإنسان، غير أن الولايات المتحدة لم تجرؤ حتى على انتقادها، والسبب في ذلك أن أي تصريح لأي سياسي أمريكي يرتبط في المقام الأول بمصالح الإدارة الأمريكية وعلاقتها بتلك الدول.
لقد عودت نفسي دوماً على عدم الحكم على الأمور بسطحية وكذلك على عدم الانجراف إلى الشعارات البراقة، كما أنني لا أرغب في أن أصدر حكماً على أمر دون الإلمام الكافي بكافة تفاصيله، لأنه في هذه الحالة أشبه بلوحة منقوصة الأجزاء، وقد تكمن الحقيقة في تلك الأجزاء المفقودة والتي قد يتم إخفاؤها عمداً، وفي عالم السياسة قد تعد تصريحات بعض السياسيين أشبه بدس السم في العسل، لذلك دوماً ما أكون حذراً تجاه تصريحات بعض الساسة الغربيين وخاصة الأمريكيين، وقد عززتْ هذه الشكوك مواقف كثيرة آخرها موقف الإدارة الأمريكية الحالية من الصراع الدائر في غزة.
منذ بدء الصراع في غزة شنت إسرائيل عمليات عسكرية عدوانية لا مثيل لها في التاريخ الحديث على السكان المدنيين، فقتلت عشرات الآلاف منهم وتركت ما يزيد على مليون فلسطيني فريسة للجوع والعطش وضحية للعديد من الأمراض، وبسبب دعم إدارة بايدن لإسرائيل انتفض الشعب الأمريكي وخرج في مظاهرات عارمة لإجبار الحكومة الأمريكية على وقف الدعم العسكري لحكومة إسرائيل، ونتيجة لعدم مبالاة إدارة بايدن بذلك تحولت تلك الاحتجاجات لاعتصامات في العديد من الجامعات الأمريكية لوقف نزيف الدم والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي تجري على مسمع ومرأى من العالم أجمع.
لقد تابعت كغيري قيام الشرطة الأمريكية بفض تلك الاعتصامات بعنف من خلال دفع المحتجين أرضاً قبل أن يقوم رجال الشرطة بوضع الأصفاد في أيديهم (ومنهم أساتذة في تلك الجامعات) ولم أصدق لأول وهلة ما يجري وتوقعت أن مثل هذه المقاطع مفبركة أو تخص أحداثاً أخرى، غير أن الكثير من المنصات الإخبارية تناقلت أخبار تلك المظاهرات، وقد شعرت -حينذاك- كما لو أن الزمن قد توقف بي وأن تفكيري قد أصابه الشلل بسبب كمية التناقضات بل والنفاق -إن صح التعبير- في مواقف وسياسة الإدارة الأمريكية، التي تسير في فلكها أيضاً بعض الدول الغربية.
لقد استقبلت الولايات المتحدة عشرات المنشقين الهاربين من أوطانهم ومنحتهم حق اللجوء السياسي، وفتحت لهم منابرها الإعلامية بدعوى أنهم مضطهدون في بلادهم ومحرومون من حرية الرأي، فإن كانت الولايات المتحدة نفسها تقوم باعتقال مواطنيها الذين اعتصموا في حرم بعض الجامعات تنديداً بموقف حكومتهم ودعمها اللامحدود للجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وضد المدنيين في غزة والضفة الغربية، فكيف تحرص على توفير حرية الرأي لهؤلاء المنشقين وتعتقل مواطنيها في نفس الوقت؟ كيف يمكن تفسير هذين الموقفين المتناقضين في الوقت الذي تسعى فيه لإقناعنا بأنها حامية حقوق الإنسان؟!.
الجواب المؤكد هو أن هؤلاء المنشقين ليسوا أكثر من قنابل موقوتة ترغب الولايات المتحدة في تفجيرها في المكان والوقت المناسبين لها، وهم أدواتها الرخيصة لابتزاز حكومات الدول التي خرج منها هؤلاء، والشعار الذي تغري به العالم هو احترامها لحقوق الإنسان الذي لا تلقي الولايات المتحدة له بالاً.
خلال الحرب الأخيرة على غزة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء بدعم شبه مطلق من العديد من الحكومات الغربية، عجت العديد من المنصات الإلكترونية باتهامات هؤلاء المنشقين وسخريتهم من مواقف الدول العربية (وعلى الأخص الدول الخليجية) إزاء تلك الحرب، وكأنهم كانوا السبب في اندلاعها من الأساس، لكن مثار استغرابي الحقيقي هو عدم تجرؤ أي منهم على توجيه النقد للدول التي منحتهم حق اللجوء بسبب دعمها المفرط لإسرائيل، في الوقت الذي نجد فيه أن مواطني تلك الدول قد اعتصموا في الساحات والميادين والجامعات تنديداً بموقف حكوماتهم الداعم لإسرائيل، والأمر لا يحتاج إلى تفسير؛ فأي نقد أو إساءة للحكومات التي منحتهم حق اللجوء يعني مخالفتهم للشروط التي حددتها تلك الدول لبقائهم فيها.
لقد عودت نفسي دوماً على عدم الحكم على الأمور بسطحية وكذلك على عدم الانجراف إلى الشعارات البراقة، كما أنني لا أرغب في أن أصدر حكماً على أمر دون الإلمام الكافي بكافة تفاصيله، لأنه في هذه الحالة أشبه بلوحة منقوصة الأجزاء، وقد تكمن الحقيقة في تلك الأجزاء المفقودة والتي قد يتم إخفاؤها عمداً، وفي عالم السياسة قد تعد تصريحات بعض السياسيين أشبه بدس السم في العسل، لذلك دوماً ما أكون حذراً تجاه تصريحات بعض الساسة الغربيين وخاصة الأمريكيين، وقد عززتْ هذه الشكوك مواقف كثيرة آخرها موقف الإدارة الأمريكية الحالية من الصراع الدائر في غزة.
منذ بدء الصراع في غزة شنت إسرائيل عمليات عسكرية عدوانية لا مثيل لها في التاريخ الحديث على السكان المدنيين، فقتلت عشرات الآلاف منهم وتركت ما يزيد على مليون فلسطيني فريسة للجوع والعطش وضحية للعديد من الأمراض، وبسبب دعم إدارة بايدن لإسرائيل انتفض الشعب الأمريكي وخرج في مظاهرات عارمة لإجبار الحكومة الأمريكية على وقف الدعم العسكري لحكومة إسرائيل، ونتيجة لعدم مبالاة إدارة بايدن بذلك تحولت تلك الاحتجاجات لاعتصامات في العديد من الجامعات الأمريكية لوقف نزيف الدم والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي تجري على مسمع ومرأى من العالم أجمع.
لقد تابعت كغيري قيام الشرطة الأمريكية بفض تلك الاعتصامات بعنف من خلال دفع المحتجين أرضاً قبل أن يقوم رجال الشرطة بوضع الأصفاد في أيديهم (ومنهم أساتذة في تلك الجامعات) ولم أصدق لأول وهلة ما يجري وتوقعت أن مثل هذه المقاطع مفبركة أو تخص أحداثاً أخرى، غير أن الكثير من المنصات الإخبارية تناقلت أخبار تلك المظاهرات، وقد شعرت -حينذاك- كما لو أن الزمن قد توقف بي وأن تفكيري قد أصابه الشلل بسبب كمية التناقضات بل والنفاق -إن صح التعبير- في مواقف وسياسة الإدارة الأمريكية، التي تسير في فلكها أيضاً بعض الدول الغربية.
لقد استقبلت الولايات المتحدة عشرات المنشقين الهاربين من أوطانهم ومنحتهم حق اللجوء السياسي، وفتحت لهم منابرها الإعلامية بدعوى أنهم مضطهدون في بلادهم ومحرومون من حرية الرأي، فإن كانت الولايات المتحدة نفسها تقوم باعتقال مواطنيها الذين اعتصموا في حرم بعض الجامعات تنديداً بموقف حكومتهم ودعمها اللامحدود للجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وضد المدنيين في غزة والضفة الغربية، فكيف تحرص على توفير حرية الرأي لهؤلاء المنشقين وتعتقل مواطنيها في نفس الوقت؟ كيف يمكن تفسير هذين الموقفين المتناقضين في الوقت الذي تسعى فيه لإقناعنا بأنها حامية حقوق الإنسان؟!.
الجواب المؤكد هو أن هؤلاء المنشقين ليسوا أكثر من قنابل موقوتة ترغب الولايات المتحدة في تفجيرها في المكان والوقت المناسبين لها، وهم أدواتها الرخيصة لابتزاز حكومات الدول التي خرج منها هؤلاء، والشعار الذي تغري به العالم هو احترامها لحقوق الإنسان الذي لا تلقي الولايات المتحدة له بالاً.
خلال الحرب الأخيرة على غزة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء بدعم شبه مطلق من العديد من الحكومات الغربية، عجت العديد من المنصات الإلكترونية باتهامات هؤلاء المنشقين وسخريتهم من مواقف الدول العربية (وعلى الأخص الدول الخليجية) إزاء تلك الحرب، وكأنهم كانوا السبب في اندلاعها من الأساس، لكن مثار استغرابي الحقيقي هو عدم تجرؤ أي منهم على توجيه النقد للدول التي منحتهم حق اللجوء بسبب دعمها المفرط لإسرائيل، في الوقت الذي نجد فيه أن مواطني تلك الدول قد اعتصموا في الساحات والميادين والجامعات تنديداً بموقف حكوماتهم الداعم لإسرائيل، والأمر لا يحتاج إلى تفسير؛ فأي نقد أو إساءة للحكومات التي منحتهم حق اللجوء يعني مخالفتهم للشروط التي حددتها تلك الدول لبقائهم فيها.