-A +A
عبده خال
الحركة من أهم مقومات الحياة، فالمجتمعات تشكّل تنوعاً بشرياً يخضع لتلك الحركية، فالمجتمعات الثابتة لا يمكن لها التناغم مع المعطيات المستحدثة، كون الثبات هو السكون، وفي تلك الحركة الدائبة لا يمكن لأي جزء من أجزائها أن يكون ثابتاً متخلفاً عن الحركة العامة، فكل مكونات تلك المجتمعات تكتسب حركية الحياة ذاتها بحيث تتناغم مع السرعة الواجب إحداثها تشكلاً مع المتغيرات الدافعة للسير للأمام، وأي تلكؤ -لأي مجتمع- أو تقاعس يؤثر تأثيراً سلبياً في وجوده بين المجتمعات المتحركة.

طرأ في البال جدلية الثابت والمتحرك وأنا أتابع لقاء مع مسؤول ثقافي عربي يتحدث عن الثوابت الثقافية التي تعتبر حجر الزاوية في قرارات المنشأة التي يترأسها وأن تلك الثوابت لا مندوح عن الافتراق عنها قيد أنمله، وطال حديثه عن تلك الثوابت التي تجاوزها الزمن والواقع بمعطيات حياتية وثقافية متجددة تسخر من تلك الثوابت.


وفي اعتقادي أن حركيّة الزمن لا تبقي أي شأن من شؤون الحياة في حالة ثبات مطلقاً، فكل مكوناتها تتحرك دفعة واحدة، فالثوابت تعني الموات لمن يتمسك بها، ومن يريد السير مع حركيّة الحياة عليه تجديد ثوابته، ففي كل فترة زمنية هناك ثابت قابل للتغير بما يتناسب مع حركيّة الواقع، فالمعطيات المستحدثة تغيّر أصل كل ثابت، فليس هناك ثوابت تظل جامدة لمئات أو عشرات السنوات، بل يوجد لكل منحى حركة تتلاءم مع واقعها، وهذا لا يعني الاستلاب أو الابتزاز وإنما يعني أن جوهر ما تؤمن به لديه طاقة متجددة قادرة على البقاء والنمو عبر كل التشكيلات الزمنية.

فالهوية الثقافية أو الدينية ما لم تكن قادرة على الانتقال عبر الزمن ستكون في المؤخرة مهما ادعينا تناسب تلك الثوابت مع المتغيرات المتلاحقة التي تحدثها حركية الحياة.

ومن يتابع الحركية الفائقة للمملكة يرى أنها قطعت مسافات شاسعة من النمو في جميع المجالات بعكس عما كانت عليه، فالقرارات السيادية التي اتخذها سمو الأمير محمد بن سلمان أدت إلى الانفكاك من الثبات صوب الحركة الفاعلة ذات التصاعد؛ لأن كل نجاح يؤدي إلى نجاح.

ولا يمكن لأي ثبات المراهنة إلى التقدم، ولله الحمد بأننا نتقدم بالفعل الحركي الحادث، الذي يستهدف بلوغ المستقبل بأفضل النتائج.