-A +A
علي محمد الحازمي
من ينقذ القطاع التجاري والسكني من الارتفاعات غير المبررة في الإيجارات. معدلات تضخم عنوانها الرئيس «أسعار الإيجارات للمساكن كأكبر مؤثر في زيادة التضخم السنوي»، مستثمرون صغار خرجوا مهزومين مثقلين بالديون وعوائل أربك استقرارها وميزانياتها. كل هذا العبث يحدث بمزاجية مؤجر ليس له عذر سوى غياب التشريعات والأنظمة التي تحد من هكذا ارتفاعات. وهنا لا بد من بيان أن ما يحدث من رفع الإيجارات سواء السكني أو التجاري لا يربك المستثمرين والأسر فحسب، بل حتى الاقتصاد ككل.

على المستوى الاقتصادي، يؤدي تقلب الإيجارات إلى زيادة عدم اليقين ويقلل من ثقة المستهلك والشركات، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات أوسع على الاقتصاد الكلي مثل انخفاض الإنفاق والتوظيف والنمو الاقتصادي. في كل شهر تخبرنا هيئة الإحصاء أن أسعار الإيجارات هي المؤثر الأكبر في زيادة التضخم، مما يؤكد لنا أن هذه الأسعار المرتفعة في الإيجارات ستحد من القدرة الاستهلاكية للمستأجرين ويؤثر سلباً على الإنفاق الاستهلاكي الذي يعد واحداً من محركات النمو الاقتصادي إن لم يكن الأهم من ضمن تلك المكونات. وفي ظل تلك الظروف، عندما تغلق الشركات الصغيرة أبوابها بسبب الإيجارات التي لا يمكن تحملها، فإن ذلك يقود إلى انخفاض العائدات الضريبية للحكومة.


على المستوى التجاري، خرجت لنا تقارير مقلقة في عدد الإغلاقات المتكررة على مستوى المحال التجارية وخاصة لصغار المستثمرين والبعض الآخر مهدد بالبقاء. وحتى تتضح الرؤية، أصبح من الصعب تحمّل التكاليف الإيجارية بسبب الارتفاعات المتتالية للإيجارات التي لا يمكن التنبؤ بها، حيث جعلت من الصعب على المستثمرين وخاصة الصغار تقييم المخاطر واتخاذ قرارات سليمة، إما بسبب الخسارة المباشرة أو تقلص هوامش الربح للعديد من تلك المتاجر. وننوه إلى أن الإيجار يلتهم جزءاً كبيراً على نحو متزايد من ميزانياتها التشغيلية وهذا لم يترك مجالاً كبيراً للنفقات والاستثمارات الأخرى.

على المستوى السكني، يشكّل ارتفاع الإيجارات السكنية ضغطاً على ميزانيات الأسر، مما يترك الأسر ذات دخل تقديري أقل للإنفاق في الاقتصاد المحلي. وفي ضوء ذلك، تعاني الأسر المثقلة بالإيجارات المرتفعة من ارتفاع معدلات الإخلاء، وزيادة الهشاشة المالية. وقد يكون للحصة المتزايدة من الدخل التي تذهب نحو الإيجار آثار واسعة النطاق على الاستقرار على المدى الطويل للأسر المستأجرة. ومن هذا المبدأ، هناك علاقة عكسية لا يمكن دحضها بين عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع معدلات الإيجارات، حيث تعد القدرة على تحمّل تكاليف إيجارات السكن عاملاً رئيسياً في حياة العديد من الشباب، لأنها تشكّل حواجز مالية كبيرة.

اليوم نعلّق الجرس لهذه القضية التي أربكت جميع الأطراف، فهناك حاجة لإيجاد حلول متوازنة بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. عندما يكون هنا تقلب للإيجارات بشكل كبير، يجب على صنّاع القرار التدخل وسن الأنظمة والتشريعات التي تضمن حقوق جميع الأطراف بما يحقق المصلحة العامة التي هي في الأصل مقدمة على المصلحة الخاصة. سن نسب تذبذب صعوداً وهبوطاً لأسعار الإيجارات أصبح ضرورة يمليها علينا واقع القطاع التأجيري السكني والتجاري وخاصة في المدن الكبرى. فرض رسوم حكومية على الوحدات الشاغرة التجارية والسكنية، سيحد من هذه الارتفاعات. يجب الحد من عبثية الأسعار الفلكية في التطبيقات العقارية التي تحاول خلق صورة ذهنية خاطئة عن الأسعار لإرباك المؤجر والمستأجر.