يستطيع المرء أن يزعم؛ وبكل اطمئنان وثقة، أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت رائدة العالم في مجال إدارة الحشود. وهو زعم يعضده النجاح المضطرد في مواسم الحج التي ظلت المملكة تسجله في مضابط التميز الباهر، والحرفية العالية، حتى في أحلك الظروف وأعقدها، ولنا في موسم «الجائحة» العبرة والمثال على حسن صنيع المملكة وقدرتها على إدارة الحشود، بمستوى فاق التوقعات.
هذا الموسم، قدّمت المملكة المثال الأرقى، والنموذج الذي يجب أن يحتذى عالميًا، وهي تضع الحج تحت شعار «يسر وطمأنينة»، فبلغت بالتيسير غايته القصوى إلى حدّ الرفاهية، فكان أن سهّلت أولًا إجراءات الحج عبر مبادرة طريق مكة المكرمة، التي اتسعت دائرتها وباتت تشمل العديد من الدول، بما قلّص من زمن الإجراءات، وأعان الحجاج على الوصول الآمن والسريع إلى الأراضي المقدسة، مصحوبًا ذلك وضمن المبادرة نفسها بخدمة فرز وترميز الأمتعة، وبقية الخدمات اللوجستية المساندة في المبادرة.
كما شملت خدمات المملكة للحجاج تنويع وسائل النقل، وزيادة فاعلية قطار الحرمين وقطار المشاعر، والنقل الترددي، كما دخل «الاسكوتر» ضمن منظومة النقل في الحج هذا العام، أضف إلى ذلك تنفيذ تجربة «الأرصفة الباردة» في منطقة رمي الجمرات، وإضافة طبقة عازلة للحرارة في الممرات، لوقاية الحجاج من ارتفاع الحرارة، حسب توقعات الأرصاد.
وعلى المستوى البيئي والصحي، شهدنا اهتمامًا متعاظمًا، وخدمات على أرقى المستويات وغيرها من الخدمات التي بادرت بها المملكة تحقيقًا للجزء الأول من شعارها «يسر»..
أما فيما يخص الطمأنينة، فقد وضعت الجهات الأمنية خططها، وأعلنتها بحزم وعزم أن «أمن الحج خط أحمر»، وأن لا تهاون مع أي شعارات سياسية ترفع، أو تجاوزت أمنية، وأن «لا حج إلا بتصريح»، ضبطًا للتفلت، وصيانة لحق الحجاج في أداء مناسكهم بيسر وسهولة وأمان، فكان الانضباط في الرصد، والانسيابية في التفويج، والمعالجة الآنية لكل ما يطرأ، والمحاسبة الفورية لكل متجاوز، والمحصلة التي انتهينا إليها، موسم ناجح بكل المقاييس، بإشراف القيادة الرشيدة على هذا الإنجاز، الذي ظلت تحرسه بعينها الرقيبة، وتوجيهاتها السديدة.. فكانت الإشادة من الداخل والخارج تترى كفاء ما تم من نجاح باهر، ظلت مؤشراته مبذولة للجميع، ومشاهدة على أرض الواقع.
أصبت بالدهشة، لعدم استيعاب ما ورد في الأخبار عن اصطناع المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة «أداء»، لـ«الحاج الخفي»، بوصفه -حسب زعمه- أسلوبًا مبتكرًا، لقياس أداء 81 خدمة تقدمها 18 جهة حكومية، مع قياس مدى رضا المستفيدين، بحيث يؤدي «الحاج الخفي» مناسكه كبقية الحجاج، مضيفًا إليها مهمة رصد وحصر أداء الجهات الحكومية، في كل مراحل الحج، والغاية من ذلك «تحديد الفرص وتحسين وتطوير الخدمات العامة، بما يتم على إثرها تحليل النتائج ودراستها وإعداد التقارير لمتخذ القرار، بحيث يمكن توظيفها في دعم عمليات تحسين وتطوير الخدمات المقدمة من الأجهزة العامة»..
هذا «التخفّي» لا أجد له أي مبرر على الإطلاق، فليس ثمة ما هو مخفي عن أحد حتى يتخفّى أحدٌ ويصطنع دورًا لا يلائم قدسية المكان، ولا توفر المعلومة المبذولة لطالبها من كافة الجهات، بل إن المؤتمرات الصحفية الدورية التي تعقدها الجهات المعنية ظلت توفر المعلومات وتفتح المجال أمام السائلين بكل شفافية، فضلًا عن كون القيادة الرشيدة، على متابعة وإحاطة بكل ما يجري في الحج.. إذًا فهذا «الحاج الخفي»، لا حاجة له على الإطلاق للتخفّي، فقد كان بوسعه أن يتوجّه بصفته الوظيفية ويسأل ليجد المعلومة مبذولة له بيسر وشفافية، ويمكنه أن يُسرّح بصره في فضاء المناسك كلها ليلتقط ما شاء من ملاحظات ويرفعها للجهات المسؤولة، دون أن يخفي هويته، فلئن كانت «أداء» قد ماثلت «الحاج الخفي» بـ«الصحفي الخفي» فقد أخطأت التقدير، ذلك أن الصحفي الخفي يقصد جهات تتأبى عليه بالمعلومة، وتخفي نشاطها، وترتكب مخالفات وجرائم يتعصّى الوصول إليها إلا بالحيلة والأساليب غير المباشرة، وهو نشاط يتلاءَم وصحافة الاستقصاء، وهو مخالف كل المخالفة لشعيرة الحج، كما أسلفت، وحتى لو فرضنا جدلًا أن هذا «الحاج الخفي»، ذاهب باتجاه استطلاع الحجاج حول الخدمات المقدمة لهم، ومدى جودتها، فإنه بهذا «التخفّي» يفترض بالحجّاج عدم الصدق والأمانة إن هو أفصح عن هويته الأصلية، فهل هذا يليق بمن حج ووقف بعرفات، ويأمل أن يعود إلى وطنه كيوم ولدته أمه؟ أفيكون أول عهده بالصفحة الجديدة أن يكتب فيها كذبًا أو تدليسًا!؟
أفهم المقصد النبيل لـ«أداء»، وسعيها لتقديم أصدق المعلومات للجهات ذات الصلة حتى نصل بمملكتنا إلى الغاية المنشودة من الرفعة، ولكنها -برأيي- أخفقت باصطناعها لـ«الحاج الخفي»، فما له دور بهذه الصفة، ولا هو مكانه المناسب في الحج؛ وإن وجدت «أداء» غير ذلك، ورأت في «الحاج الخفي» وسيلتها المثلى لتحقيق مقصدها؛ فلا أقلّ من أن تنصحه بنزع «الصديرية» التي يرتديها وعليها شعار المركز، وإلا فما معنى التخفّي إذًا؟!
وكل عام وأنت بخير.
هذا الموسم، قدّمت المملكة المثال الأرقى، والنموذج الذي يجب أن يحتذى عالميًا، وهي تضع الحج تحت شعار «يسر وطمأنينة»، فبلغت بالتيسير غايته القصوى إلى حدّ الرفاهية، فكان أن سهّلت أولًا إجراءات الحج عبر مبادرة طريق مكة المكرمة، التي اتسعت دائرتها وباتت تشمل العديد من الدول، بما قلّص من زمن الإجراءات، وأعان الحجاج على الوصول الآمن والسريع إلى الأراضي المقدسة، مصحوبًا ذلك وضمن المبادرة نفسها بخدمة فرز وترميز الأمتعة، وبقية الخدمات اللوجستية المساندة في المبادرة.
كما شملت خدمات المملكة للحجاج تنويع وسائل النقل، وزيادة فاعلية قطار الحرمين وقطار المشاعر، والنقل الترددي، كما دخل «الاسكوتر» ضمن منظومة النقل في الحج هذا العام، أضف إلى ذلك تنفيذ تجربة «الأرصفة الباردة» في منطقة رمي الجمرات، وإضافة طبقة عازلة للحرارة في الممرات، لوقاية الحجاج من ارتفاع الحرارة، حسب توقعات الأرصاد.
وعلى المستوى البيئي والصحي، شهدنا اهتمامًا متعاظمًا، وخدمات على أرقى المستويات وغيرها من الخدمات التي بادرت بها المملكة تحقيقًا للجزء الأول من شعارها «يسر»..
أما فيما يخص الطمأنينة، فقد وضعت الجهات الأمنية خططها، وأعلنتها بحزم وعزم أن «أمن الحج خط أحمر»، وأن لا تهاون مع أي شعارات سياسية ترفع، أو تجاوزت أمنية، وأن «لا حج إلا بتصريح»، ضبطًا للتفلت، وصيانة لحق الحجاج في أداء مناسكهم بيسر وسهولة وأمان، فكان الانضباط في الرصد، والانسيابية في التفويج، والمعالجة الآنية لكل ما يطرأ، والمحاسبة الفورية لكل متجاوز، والمحصلة التي انتهينا إليها، موسم ناجح بكل المقاييس، بإشراف القيادة الرشيدة على هذا الإنجاز، الذي ظلت تحرسه بعينها الرقيبة، وتوجيهاتها السديدة.. فكانت الإشادة من الداخل والخارج تترى كفاء ما تم من نجاح باهر، ظلت مؤشراته مبذولة للجميع، ومشاهدة على أرض الواقع.
أصبت بالدهشة، لعدم استيعاب ما ورد في الأخبار عن اصطناع المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة «أداء»، لـ«الحاج الخفي»، بوصفه -حسب زعمه- أسلوبًا مبتكرًا، لقياس أداء 81 خدمة تقدمها 18 جهة حكومية، مع قياس مدى رضا المستفيدين، بحيث يؤدي «الحاج الخفي» مناسكه كبقية الحجاج، مضيفًا إليها مهمة رصد وحصر أداء الجهات الحكومية، في كل مراحل الحج، والغاية من ذلك «تحديد الفرص وتحسين وتطوير الخدمات العامة، بما يتم على إثرها تحليل النتائج ودراستها وإعداد التقارير لمتخذ القرار، بحيث يمكن توظيفها في دعم عمليات تحسين وتطوير الخدمات المقدمة من الأجهزة العامة»..
هذا «التخفّي» لا أجد له أي مبرر على الإطلاق، فليس ثمة ما هو مخفي عن أحد حتى يتخفّى أحدٌ ويصطنع دورًا لا يلائم قدسية المكان، ولا توفر المعلومة المبذولة لطالبها من كافة الجهات، بل إن المؤتمرات الصحفية الدورية التي تعقدها الجهات المعنية ظلت توفر المعلومات وتفتح المجال أمام السائلين بكل شفافية، فضلًا عن كون القيادة الرشيدة، على متابعة وإحاطة بكل ما يجري في الحج.. إذًا فهذا «الحاج الخفي»، لا حاجة له على الإطلاق للتخفّي، فقد كان بوسعه أن يتوجّه بصفته الوظيفية ويسأل ليجد المعلومة مبذولة له بيسر وشفافية، ويمكنه أن يُسرّح بصره في فضاء المناسك كلها ليلتقط ما شاء من ملاحظات ويرفعها للجهات المسؤولة، دون أن يخفي هويته، فلئن كانت «أداء» قد ماثلت «الحاج الخفي» بـ«الصحفي الخفي» فقد أخطأت التقدير، ذلك أن الصحفي الخفي يقصد جهات تتأبى عليه بالمعلومة، وتخفي نشاطها، وترتكب مخالفات وجرائم يتعصّى الوصول إليها إلا بالحيلة والأساليب غير المباشرة، وهو نشاط يتلاءَم وصحافة الاستقصاء، وهو مخالف كل المخالفة لشعيرة الحج، كما أسلفت، وحتى لو فرضنا جدلًا أن هذا «الحاج الخفي»، ذاهب باتجاه استطلاع الحجاج حول الخدمات المقدمة لهم، ومدى جودتها، فإنه بهذا «التخفّي» يفترض بالحجّاج عدم الصدق والأمانة إن هو أفصح عن هويته الأصلية، فهل هذا يليق بمن حج ووقف بعرفات، ويأمل أن يعود إلى وطنه كيوم ولدته أمه؟ أفيكون أول عهده بالصفحة الجديدة أن يكتب فيها كذبًا أو تدليسًا!؟
أفهم المقصد النبيل لـ«أداء»، وسعيها لتقديم أصدق المعلومات للجهات ذات الصلة حتى نصل بمملكتنا إلى الغاية المنشودة من الرفعة، ولكنها -برأيي- أخفقت باصطناعها لـ«الحاج الخفي»، فما له دور بهذه الصفة، ولا هو مكانه المناسب في الحج؛ وإن وجدت «أداء» غير ذلك، ورأت في «الحاج الخفي» وسيلتها المثلى لتحقيق مقصدها؛ فلا أقلّ من أن تنصحه بنزع «الصديرية» التي يرتديها وعليها شعار المركز، وإلا فما معنى التخفّي إذًا؟!
وكل عام وأنت بخير.