-A +A
حمود أبو طالب
الخدمات الصحية معقدة وحساسة في أي مكان في العالم، حتى في الدول الرائدة في تصميم الأنظمة الصحية التي تعتبر نماذج لبقية الدول، مع بعض التعديلات المناسبة للاحتياجات المحلية. لا يوجد الآن نموذج ثابت لنظام صحي صالح لتطبيقه بحذافيره في مجتمع آخر، فهناك اعتبارات مهمة كاختلاف المشكلات الصحية ذات الأولوية، والوضع الاقتصادي، والثقافة الصحية للمجتمعات، والقدرة على إنتاج الدواء والمستلزمات والأجهزة الطبية، والأنظمة والتشريعات الصحية، والبنية التحتية للمرافق الصحية، والخدمات اللوجستية، وغير ذلك من العوامل المهمة. إلا أنه يبقى الوضع مختلفاً في بعض الدول كالمملكة وكثير غيرها في منطقتنا، عندما تكون وزارة الصحة ـ كجهة أساسية مسؤولة عن الخدمات الصحية ـ مسؤولة عن كل متطلبات الصحة، فهي المشرّع والمنظّم والمشرف، وهي التي تنشئ المرافق الصحية وتشغلها وتقوم بصيانتها، وهي التي تستورد الدواء وكل التجهيزات والمستلزمات، أي أنها المسؤولة عن كل شيء.

هذا الوضع هو أحد أسباب ترهل الخدمات الطبية لوزارة الصحة عبر عقود طويلة بما لا يتناسب مع المبالغ الضخمة لميزانياتها، وزارة مشغولة بكل شيء ومسؤولة عن كل شيء، ومن الطبيعي أن يكون ذلك على حساب الجودة، رغم عدم التقليل من جهودها للتطوير وتحسين خدماتها.


الآن، وضمن خطط الرؤية الوطنية للتحديث، بدأت الوزارة كغيرها من الجهات برنامج التحول، وكانت النقطة المفصلية إنشاء شركة الصحة القابضة، التي بدأت مؤخراً التجهيز لانطلاق المرحلة الثانية من التحول في وزارة الصحة عبر اجتماع موسع لمسؤولي الوزارة والشركة، وصدور بيان شامل لنتائج الاجتماع، أشار إلى بعض الجوانب التي تهم الناس وفي مقدمتها (التأكيد على استمرارية مجانية العلاج لجميع المواطنين وتحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية والوصول إليها)، وهذا هو بيت القصيد الذي يريد المواطنون سماعه.

لقد بادر معالي وزير الصحة للاجتماع مع بعض كتاب الرأي في جدة خلال موسم الحج، تحدث خلاله عن الخطوط العريضة لبرنامج التحول الصحي بحسب ما سمح به وقت اللقاء، ولكن لأن موضوع الصحة حساس ومهم للغاية، نأمل من الوزير في هذه المرحلة الحديث إلى كل المواطنين بالتفصيل عن كل ما يتعلق بالمستجدات في شؤون صحتهم إلى الآن، والإجابة عن استفساراتهم، وما هي الخطط والمراحل المستقبلية، حتى يطمئن الجميع، لا سيما وأن مسمى (شركة) للصحة مفهوم جديد قد يكون ملتبساً لدى الكثير.