أيامٌ معدودات وينطلق العام الدراسي الجديد في 18 أغسطس المقبل، بعد أن حسمت وزارة التعليم أمرها بالاستمرار في نظام الفصول الدراسية الثلاثة، قاطعة بذلك الطريق على الشائعات والتخرّصات التي ذهبت إلى القول بعودة نظام التعليم إلى سابق عهده مع الفصلين الدراسيين، تبعًا لحالات الشكوى والتذمّر من الأسر، وولاة الأمور وقطاعات عديدة من المجتمع، ذهب بعضهم إلى التأكيد المطلق بفشل النظام الجديد، وعدم جدواه وتحقيقه للغرض المأمول منه.
ومع يقيني التام بأن المسؤولين عن التعليم في وطننا على قدر عالٍ من التأهيل والتدريب والمكانة التربوية التي تخوّلهم اختيار أفضل النظم التعليمية التي تحقق الغايات المنشودة، والمستهدفات المطلوبة لوطننا في ظل رؤية 2030، الهادفة إلّا أن الإصغاء إلى الأطراف الأخرى -وهي أطراف أصيلة في العملية التعليمية- يبدو ضروريًا ومهمًا لبلوغ المرامي المنتظرة، والأهداف المرجوّة.
وحتى لا يكون الأمر ضربًا من الأمنيات، وانسياقًا نحو الرغبات الشخصية غير المسنودة؛ علينا الموازنة المنطقية بين مرامي نظام التعليم الثلاثي الجديد، وما كان قبله، فما لا شك فيه أن الوجه الإيجابي لهذا النظام يتمثل في كونه مرنًا يتيح للطلاب فرصة تحسين المعدل التراكمي، والأداء العام، كما أنه نظريًا يفك الضغط عن الطلاب والمعلمين بتوزيع المقرر الدراسي على مدى زمني أطول، بما يقلل الإرهاق الذهني والعصبي، ويتيح الفرصة لزيادة وتنوع المقررات الدراسية، ويجعل من السهولة امتصاصها وحسن تلقيها، برجاء الوصول إلى تحصيل أكاديمي مثمر وذي نفع وجدوى، آخذين في الاعتبار أيضًا ما يتخلل هذا النظام من إجازات متقطعة من شأنها أن تمنح الطلاب فرصة لتجديد نشاطهم والعودة للدراسة بذهن صافٍ، حسب المتوقع.
غير أننا في المقابل نجد أن نظام الفصول الدراسية كان له أثر سالب ومباشر على الأسر والمعلمين والمثابات التعليمية، ولم يحقق الغايات المنشودة منه بالصورة المثالية المطروحة، فمثّل هذا النظام عبئًا واضحًا على الأسر سواء على المستوى المادي، بزيادة المصروفات، أو على النفسي بفتور الهمة والإحساس بالملل وعدم الرغبة، واستعجال نهاية العام بأي شكل من الأشكال، وبدا ذلك جليًا في كثرة الغياب عن الحضور، وعدم انتظام الجدول الدراسي بحيث لا يخلو يوم دراسي عن حصة أو حصتين بلا تدريس أو أنشطة، مما يزيد من عوامل الفوضى والاضطراب بين الطلاب، خاصة في سني المراهقة وفتوة الصبيان، كما أن زيادة المدى الزمني للدراسة زاد من الضغط الأكاديمي. وبالنسبة للمعلمين، تقلّصت مدة الإجازة، واختل بذلك جدول حياتهم اليومي، كما أن الإجازات القصيرة التي تتخلل هذا النظام لم تسهم في رفع معدل النشاط، بقدر ما أسهمت في اختلال الساعات البيولوجية لدى الطلاب والمعلمين والأسر، ونتيجة ذلك واضحة في جداول الحضور والغياب في المدارس ودور التعليم المختلفة.
وإذا ما وسعنا دائرة النظر في آثار نظام الفصول الدراسية الثلاثة، فأول ما نلمسه هو امتداد أثر الزحام المروري على الطرقات على مدى أشهر تقارب العشرة، وما يتبع الزحام المروري من أثر بيئي، وحوادث وآثار نفسية عديدة، كما أن هذا النظام لم يحقق الغاية المرجوّة من تنشيط السياحة الداخلية، بوصفها أحد المستهدفات الكبيرة في رؤية المملكة 2030، فقصر الإجازات، مع عوامل أخرى مرتبطة بصناعة السياحة عندنا، بقدر ما قيّدت حركة السفر إلى الخارج، وحدّت من رحلات السياحة الخارجية سابقًا، لكنها لم تتح الفرصة الكافية للتمدد في السياحة الداخلية بالشكل المطلوب والمنتظر، خاصة وأننا نعيش فترة ذهبية زاهية من حياتنا بما تقوم به هيئة الترفيه من برنامج ومواسم ترفيهية في أرجاء الوطن تتعارض مع هذه الفصول الثلاثة الدراسية.
والحال كذلك، وددت لو أشركت وزارة التعليم الأسر والطلاب، وكل من له أي صلة بأي صور من الصور في مخرجات ومسيرة العملية التعليمية، لتخرج بتصوّر متكامل عن جدوى أي نظام تتبعه، فليس بكافٍ أن يكون نظام الفصول الدراسية الثلاثة قد حقق نجاحه في بيئات بعينها، مثل ألمانيا، سنغافورة، والمملكة المتحدة، والبرتغال، وكوريا الجنوبية، وغيرها، فلكل بيئة ظروفها، ومستهدفاتها، فلو أن الوزارة عندنا مثلًا قامت بتجريب هذا النظام في نطاق محدود أولًا، وراقبت مخرجاته، واستيقنت من جدواه، ومن ثم عمّمت التجربة لكان ذلك أوفق وأجدى من العودة بعد التجربة لإتاحة خيار المفاضلة لبعض الجامعات بين النظامين؛ الثنائي أو الثلاثي، وفق مرئياتها، فطالما تركت الأمر للجامعات لتقرير ما تشاء، فذلك يعني عدم الموثوقية المطلقة بمخرجات النظام الجديد.
وتماشيًا مع الوضع القائم، وحقيقة أننا مقبلون على عام دراسي ثلاثي الفصول، فمن المهم تلافي السلبيات السابقة، والعمل ما أمكن من أجل تطوير المناهج الدراسية لتتناسب مع هذا النظام، مع ضرورة زيادة الأنشطة غير الصفية لرفع معدل النشاط وتقليل حالات الملل، مع التركيز على تنمية المهارات، واعتماد الدراسة عن بُعد في بعض المواد بما يقلل من الحضور الصفي، وينوّع خيارات الطلاب، ويرفع الضغط عن المعلمين.
كل أمنياتي لطلابنا بعامٍ دراسي ممتع؛ حافل بالجهد المثمر، والتحصيل الأكاديمي المفيد.
ومع يقيني التام بأن المسؤولين عن التعليم في وطننا على قدر عالٍ من التأهيل والتدريب والمكانة التربوية التي تخوّلهم اختيار أفضل النظم التعليمية التي تحقق الغايات المنشودة، والمستهدفات المطلوبة لوطننا في ظل رؤية 2030، الهادفة إلّا أن الإصغاء إلى الأطراف الأخرى -وهي أطراف أصيلة في العملية التعليمية- يبدو ضروريًا ومهمًا لبلوغ المرامي المنتظرة، والأهداف المرجوّة.
وحتى لا يكون الأمر ضربًا من الأمنيات، وانسياقًا نحو الرغبات الشخصية غير المسنودة؛ علينا الموازنة المنطقية بين مرامي نظام التعليم الثلاثي الجديد، وما كان قبله، فما لا شك فيه أن الوجه الإيجابي لهذا النظام يتمثل في كونه مرنًا يتيح للطلاب فرصة تحسين المعدل التراكمي، والأداء العام، كما أنه نظريًا يفك الضغط عن الطلاب والمعلمين بتوزيع المقرر الدراسي على مدى زمني أطول، بما يقلل الإرهاق الذهني والعصبي، ويتيح الفرصة لزيادة وتنوع المقررات الدراسية، ويجعل من السهولة امتصاصها وحسن تلقيها، برجاء الوصول إلى تحصيل أكاديمي مثمر وذي نفع وجدوى، آخذين في الاعتبار أيضًا ما يتخلل هذا النظام من إجازات متقطعة من شأنها أن تمنح الطلاب فرصة لتجديد نشاطهم والعودة للدراسة بذهن صافٍ، حسب المتوقع.
غير أننا في المقابل نجد أن نظام الفصول الدراسية كان له أثر سالب ومباشر على الأسر والمعلمين والمثابات التعليمية، ولم يحقق الغايات المنشودة منه بالصورة المثالية المطروحة، فمثّل هذا النظام عبئًا واضحًا على الأسر سواء على المستوى المادي، بزيادة المصروفات، أو على النفسي بفتور الهمة والإحساس بالملل وعدم الرغبة، واستعجال نهاية العام بأي شكل من الأشكال، وبدا ذلك جليًا في كثرة الغياب عن الحضور، وعدم انتظام الجدول الدراسي بحيث لا يخلو يوم دراسي عن حصة أو حصتين بلا تدريس أو أنشطة، مما يزيد من عوامل الفوضى والاضطراب بين الطلاب، خاصة في سني المراهقة وفتوة الصبيان، كما أن زيادة المدى الزمني للدراسة زاد من الضغط الأكاديمي. وبالنسبة للمعلمين، تقلّصت مدة الإجازة، واختل بذلك جدول حياتهم اليومي، كما أن الإجازات القصيرة التي تتخلل هذا النظام لم تسهم في رفع معدل النشاط، بقدر ما أسهمت في اختلال الساعات البيولوجية لدى الطلاب والمعلمين والأسر، ونتيجة ذلك واضحة في جداول الحضور والغياب في المدارس ودور التعليم المختلفة.
وإذا ما وسعنا دائرة النظر في آثار نظام الفصول الدراسية الثلاثة، فأول ما نلمسه هو امتداد أثر الزحام المروري على الطرقات على مدى أشهر تقارب العشرة، وما يتبع الزحام المروري من أثر بيئي، وحوادث وآثار نفسية عديدة، كما أن هذا النظام لم يحقق الغاية المرجوّة من تنشيط السياحة الداخلية، بوصفها أحد المستهدفات الكبيرة في رؤية المملكة 2030، فقصر الإجازات، مع عوامل أخرى مرتبطة بصناعة السياحة عندنا، بقدر ما قيّدت حركة السفر إلى الخارج، وحدّت من رحلات السياحة الخارجية سابقًا، لكنها لم تتح الفرصة الكافية للتمدد في السياحة الداخلية بالشكل المطلوب والمنتظر، خاصة وأننا نعيش فترة ذهبية زاهية من حياتنا بما تقوم به هيئة الترفيه من برنامج ومواسم ترفيهية في أرجاء الوطن تتعارض مع هذه الفصول الثلاثة الدراسية.
والحال كذلك، وددت لو أشركت وزارة التعليم الأسر والطلاب، وكل من له أي صلة بأي صور من الصور في مخرجات ومسيرة العملية التعليمية، لتخرج بتصوّر متكامل عن جدوى أي نظام تتبعه، فليس بكافٍ أن يكون نظام الفصول الدراسية الثلاثة قد حقق نجاحه في بيئات بعينها، مثل ألمانيا، سنغافورة، والمملكة المتحدة، والبرتغال، وكوريا الجنوبية، وغيرها، فلكل بيئة ظروفها، ومستهدفاتها، فلو أن الوزارة عندنا مثلًا قامت بتجريب هذا النظام في نطاق محدود أولًا، وراقبت مخرجاته، واستيقنت من جدواه، ومن ثم عمّمت التجربة لكان ذلك أوفق وأجدى من العودة بعد التجربة لإتاحة خيار المفاضلة لبعض الجامعات بين النظامين؛ الثنائي أو الثلاثي، وفق مرئياتها، فطالما تركت الأمر للجامعات لتقرير ما تشاء، فذلك يعني عدم الموثوقية المطلقة بمخرجات النظام الجديد.
وتماشيًا مع الوضع القائم، وحقيقة أننا مقبلون على عام دراسي ثلاثي الفصول، فمن المهم تلافي السلبيات السابقة، والعمل ما أمكن من أجل تطوير المناهج الدراسية لتتناسب مع هذا النظام، مع ضرورة زيادة الأنشطة غير الصفية لرفع معدل النشاط وتقليل حالات الملل، مع التركيز على تنمية المهارات، واعتماد الدراسة عن بُعد في بعض المواد بما يقلل من الحضور الصفي، وينوّع خيارات الطلاب، ويرفع الضغط عن المعلمين.
كل أمنياتي لطلابنا بعامٍ دراسي ممتع؛ حافل بالجهد المثمر، والتحصيل الأكاديمي المفيد.