في عز الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، إنساناً وحجراً، وفي ذروة عمليات الإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، مجرم الحرب، الإرهابي البولندي نتن ياهو، إلى واشنطن، يوم 24/7/2024م، تلبية لدعوة حارة جدّاً، من غالبية أعضاء مجلسي الكونجرس الأمريكي، النواب والشيوخ، لزيارة أمريكا (قلعة الحرية والديمقراطية) ومخاطبة الكونجرس عما يجري في غزة، و«التفضل»، في اليوم التالي، بإلقاء كلمة عصماء فيهم.
ألقيت الكلمة، وأصغى الجميع -عدا قلة محدودة- إلى «الحكمة السياسية» التي أتحف نتن ياهو بها مستمعيه المحترمين. استغرقت الكلمة 55 دقيقة، قوبلت بتصفيق حار 81 مرة، بمعدل مرة كل 40 ثانية. واحتد التصفيق مع الوقوف، تبجيلاً واستحساناً، 38 مرة.. لدرجة أن نتن ياهو نفسه، نتيجة التصفيق والوقوف، قال لهم: «لا أريد أن تصفقوا، فقط انصتوا»...؟! وكان بعض الوقوف يستغرق نصف دقيقة. ومع ذلك، كانت القاعة تهتز بالتصفيق، غير المسبوق، وكأنها قاعة فرح كبرى، أو حفل زواج، يزف فيه عريس غفلة. وحرص كل عضو على أن يرى وهو يصفق.. وكأن هناك «جهة» تراقب من يصفق ويقف، ومن لا يصفق. وربما كان هناك استحسان للقتل، وسفك دماء الأبرياء.
ولا يستغرب من هذه السلطة التشريعية الأكبر لأعظم الدول أن تفعل ذلك. حيث يقال إن مسؤولاً كبيراً في السلطة التنفيذية هدد بمعاقبة من يسيء إلى نتن ياهو. ولا ننسى أن مجموعة من أعضاء هذا الكونجرس أرسلت لمحكمة العدل الدولية احتجاجاً على تجريمها لنتن ياهو، مهددين بـ«معاقبة» هذه المحكمة..!
****
ركز نتن ياهو، في خطابه، على ضرورة دعم العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية. وذكر سلسلة طويلة من الأكاذيب؛ ومنها ان حرب إسرائيل على غزة لم يُقتل فيها مدنيون.. وأن حربه هذه إنما تشمل «الدفاع عن أمريكا نفسها»..! تجاهل الحديث عن الهدنة، وحل الدولتين. وطالب أمريكا بالمسارعة بإرسال مزيد من الأسلحة، لتمكينه من قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين، بحجة مطاردة «حماس».
ومن خطابه تبيّن أن إسرائيل تنوي، بعد انتهاء الحرب، والقضاء على «حماس»، السيطرة على غزة عسكرياً، لفترة محدودة. ونزع سلاح غزة، من حماس وبقية الفصائل المسلحة في غزة. وبعد ذلك، يتم تعيين إدارة مدنية «غير متطرفة»، لتدير القطاع.
****
لا شك، ان هذه الزفة المقيتة، والحفاوة التي قوبل بها نتن ياهو، والتصفيق الحار الذي قوبلت به كلمة مجرم الحرب هذا، تثير الذهول والدهشة. لكن، خارج الكونجرس كان الوضع مختلفاً تماماً؛ حيث نظمت مظاهرة شعبية كثيفة، تشجب الكونجرس على استقباله الحافل لمجرم حرب عتيد. حتى في داخل الكونجرس، قاطع هذه الجلسة، احتجاجاً، حوالى 80 عضواً، من أبرزهم السيناتور النزيه «بيرني ساندرز»؛ وهو يهودي الديانة، نزيه السلوك. وصرح قبل هذه الزيارة أنه سيقاطع هذه الجلسة، غير المناسبة. وقال أيضاً: «إن قتل حوالى خُمس الفلسطينيين، وتدمير حوالى 80% من البنية التحتية لغزة، لا يعتبر دفاعاً عن النفس، بل هو عملية إبادة جماعية. وما سيقوله نتن ياهو، لن تصدقه غالبية الشعب الأمريكي». أما النائبة رشيدة طليب، فقد حضرت الجلسة حاملة لافتة كتب عليها «مجرم حرب»، ورفعتها أثناء خطاب الضيف الصهيوني القذر.
****
وكان لـ«حماس» رد فعل على خطاب نتن ياهو، تمثَّل في بيان أصدرته، ونشر في وسائل الإعلام المختلفة؛ فقد وصفت الخطاب بأنه يحمل أكاذيب شتى. وجاء في بيانها، مخاطبة أمريكا: «كان الأولى اعتقال نتن ياهو، كمجرم حرب، بدلاً من إعطائه فرصة لتلميع وجهه أمام العالم، والتغطية على عمليات القتل الجماعي، والتطهير العرقي في غزة».
ولا شك أن هذه الزفّة تؤكد قوة العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية، ومتانة التحالف الأمريكي - الصهيوني. ولكنها ذات أبعاد سلبية عدة، بالنسبة لأمريكا نفسها. إذ يرى المراقبون أن هذا اليوم سيسجل على أنه أحد أيام الهمجية والعار، في تاريخ الكونجرس، وتاريخ أمريكا بعامة. فاستقبال مجرم الحرب نتن ياهو، والحفاوة، والتصفيق الذي قوبل به، أمر لا يمكن قبوله من قبل أي إنسان شريف. تمت هذه الحفاوة والعالم يشاهد، منذ عشرة أشهر، جرائمه البشعة في غزة.. حيث قتل حوالى 40 ألفاً من المدنيين، وجرح أكثر من 100 ألف مدني فلسطيني، وشرد حوالى مليون نسمة. كما دمر حوالى 80% من المنازل، والبنية التحتية الغزية.
إن هذه الحفاوة تعتبر طعناً لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية. فاستضافة الكونجرس مجرم حرب، تدينه محكمة العدل الدولية، رغم استمرار جرائمه ضد الأبرياء من النساء والأطفال هو أمر مقيت، ومعيب. وقد أثبتت هذه الحفاوة (الزفة) ان ادعاء أمريكا بأنها حامية الحرية والديمقراطية، مجرد أكذوبة، وشعار زائف.. تستخدمه أمريكا لتمرير سياساتها العدوانية.
ألقيت الكلمة، وأصغى الجميع -عدا قلة محدودة- إلى «الحكمة السياسية» التي أتحف نتن ياهو بها مستمعيه المحترمين. استغرقت الكلمة 55 دقيقة، قوبلت بتصفيق حار 81 مرة، بمعدل مرة كل 40 ثانية. واحتد التصفيق مع الوقوف، تبجيلاً واستحساناً، 38 مرة.. لدرجة أن نتن ياهو نفسه، نتيجة التصفيق والوقوف، قال لهم: «لا أريد أن تصفقوا، فقط انصتوا»...؟! وكان بعض الوقوف يستغرق نصف دقيقة. ومع ذلك، كانت القاعة تهتز بالتصفيق، غير المسبوق، وكأنها قاعة فرح كبرى، أو حفل زواج، يزف فيه عريس غفلة. وحرص كل عضو على أن يرى وهو يصفق.. وكأن هناك «جهة» تراقب من يصفق ويقف، ومن لا يصفق. وربما كان هناك استحسان للقتل، وسفك دماء الأبرياء.
ولا يستغرب من هذه السلطة التشريعية الأكبر لأعظم الدول أن تفعل ذلك. حيث يقال إن مسؤولاً كبيراً في السلطة التنفيذية هدد بمعاقبة من يسيء إلى نتن ياهو. ولا ننسى أن مجموعة من أعضاء هذا الكونجرس أرسلت لمحكمة العدل الدولية احتجاجاً على تجريمها لنتن ياهو، مهددين بـ«معاقبة» هذه المحكمة..!
****
ركز نتن ياهو، في خطابه، على ضرورة دعم العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية. وذكر سلسلة طويلة من الأكاذيب؛ ومنها ان حرب إسرائيل على غزة لم يُقتل فيها مدنيون.. وأن حربه هذه إنما تشمل «الدفاع عن أمريكا نفسها»..! تجاهل الحديث عن الهدنة، وحل الدولتين. وطالب أمريكا بالمسارعة بإرسال مزيد من الأسلحة، لتمكينه من قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين، بحجة مطاردة «حماس».
ومن خطابه تبيّن أن إسرائيل تنوي، بعد انتهاء الحرب، والقضاء على «حماس»، السيطرة على غزة عسكرياً، لفترة محدودة. ونزع سلاح غزة، من حماس وبقية الفصائل المسلحة في غزة. وبعد ذلك، يتم تعيين إدارة مدنية «غير متطرفة»، لتدير القطاع.
****
لا شك، ان هذه الزفة المقيتة، والحفاوة التي قوبل بها نتن ياهو، والتصفيق الحار الذي قوبلت به كلمة مجرم الحرب هذا، تثير الذهول والدهشة. لكن، خارج الكونجرس كان الوضع مختلفاً تماماً؛ حيث نظمت مظاهرة شعبية كثيفة، تشجب الكونجرس على استقباله الحافل لمجرم حرب عتيد. حتى في داخل الكونجرس، قاطع هذه الجلسة، احتجاجاً، حوالى 80 عضواً، من أبرزهم السيناتور النزيه «بيرني ساندرز»؛ وهو يهودي الديانة، نزيه السلوك. وصرح قبل هذه الزيارة أنه سيقاطع هذه الجلسة، غير المناسبة. وقال أيضاً: «إن قتل حوالى خُمس الفلسطينيين، وتدمير حوالى 80% من البنية التحتية لغزة، لا يعتبر دفاعاً عن النفس، بل هو عملية إبادة جماعية. وما سيقوله نتن ياهو، لن تصدقه غالبية الشعب الأمريكي». أما النائبة رشيدة طليب، فقد حضرت الجلسة حاملة لافتة كتب عليها «مجرم حرب»، ورفعتها أثناء خطاب الضيف الصهيوني القذر.
****
وكان لـ«حماس» رد فعل على خطاب نتن ياهو، تمثَّل في بيان أصدرته، ونشر في وسائل الإعلام المختلفة؛ فقد وصفت الخطاب بأنه يحمل أكاذيب شتى. وجاء في بيانها، مخاطبة أمريكا: «كان الأولى اعتقال نتن ياهو، كمجرم حرب، بدلاً من إعطائه فرصة لتلميع وجهه أمام العالم، والتغطية على عمليات القتل الجماعي، والتطهير العرقي في غزة».
ولا شك أن هذه الزفّة تؤكد قوة العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية، ومتانة التحالف الأمريكي - الصهيوني. ولكنها ذات أبعاد سلبية عدة، بالنسبة لأمريكا نفسها. إذ يرى المراقبون أن هذا اليوم سيسجل على أنه أحد أيام الهمجية والعار، في تاريخ الكونجرس، وتاريخ أمريكا بعامة. فاستقبال مجرم الحرب نتن ياهو، والحفاوة، والتصفيق الذي قوبل به، أمر لا يمكن قبوله من قبل أي إنسان شريف. تمت هذه الحفاوة والعالم يشاهد، منذ عشرة أشهر، جرائمه البشعة في غزة.. حيث قتل حوالى 40 ألفاً من المدنيين، وجرح أكثر من 100 ألف مدني فلسطيني، وشرد حوالى مليون نسمة. كما دمر حوالى 80% من المنازل، والبنية التحتية الغزية.
إن هذه الحفاوة تعتبر طعناً لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية. فاستضافة الكونجرس مجرم حرب، تدينه محكمة العدل الدولية، رغم استمرار جرائمه ضد الأبرياء من النساء والأطفال هو أمر مقيت، ومعيب. وقد أثبتت هذه الحفاوة (الزفة) ان ادعاء أمريكا بأنها حامية الحرية والديمقراطية، مجرد أكذوبة، وشعار زائف.. تستخدمه أمريكا لتمرير سياساتها العدوانية.