من المؤكد أن خوض الحروب يعتبر ضرورة في بعض الأحيان، فالكثير من الحروب تُفرض على بعض الأطراف فيضطرون لخوضها سواء لصد العدوان الموجه ضدهم أو لاستعادة ما سلب منهم، غير أن العامل الرئيسي في كسب أي حرب لا يرتبط بمدى عدالة القضية، بل يرتبط بصورة أساسية بكيفية إدارة الحرب ومعاركها، ويزخر التاريخ بالعديد من الحروب العسكرية التي لاحقت فيها الهزيمة صاحب الحق؛ لا لشيء إلا لأنه أدارها بطريقة خاطئة وعشوائية، فكانت هزيمته حتمية ولا مفر منها حتى قبل أن تبدأ فصول الحرب ذاتها.
على مدار التاريخ البشري، كانت الحروب تندلع بسبب قيام طرف بشن هجوم على الطرف الآخر، وقد يكون الطرف البادئ هو المعتدي بحق، فهو من طمع في ثروات دول أخرى على سبيل المثال، غير أنه من الممكن أن يبادر صاحب الحق في شن الحرب لاستعادة ما سلب منه، ومن الملاحظ أن الكثير من القادة العسكريين يعتقدون أن قيامهم بالضربة الأولى في الحرب كفيل بضمان النصر لهم، وذلك لأسباب عديدة أهمها عنصر المفاجأة، وإرهاب الخصم والتسبّب في إرباكه وبالتالي الفوز في المعركة وتحقيق نصر مباغت وسريع، ولا شك أن هذه الإستراتيجية نجحت بالفعل في بعض المعارك غير أنها لم تنجح دائماً.
هناك بالطبع الكثير من الأسباب التي تقف خلف خسارة الحرب؛ منها القدرات العسكرية للطرف الآخر وجاهزيته للعمل خلال الأحداث الطارئة بكفاءة، أو قدرته على استعادة صفوفه وتنظيمها بسرعة بعد تلقي الضربة الأولى، غير أن أهمها شبكة التحالفات الخاصة بهذا الطرف والتي سرعان ما قد تتدخل لإنقاذه وإعادة تسليحه على نحو يخل بموازين القوى، بحيث يتحوّل النصر السريع إلى هزيمة ساحقة لاحقاً، وتتحوّل نقاط الضعف إلى قوة بمرور الوقت.
وعودة لأحداث السابع من أكتوبر التي اندلعت العام الماضي ولا يزال أوارها مشتعلاً حتى اللحظة الحالية، فسنجد أن أهداف هذه الحرب التي تسبّبت فيها حماس لا تزال مبهمة وغامضة حتى لحظة كتابة هذه السطور، فقد اختطفت حماس ما يزيد على مائتي رهينة إسرائيلية في حركة مفاجئة، على أمل مبادلتهم ببعض مئات من الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية، غير أن هذا الهجوم المباغت تسبّب حتى الآن في تدمير كافة المرافق الحيوية والأساسية والمناطق السكنية في غزة تدميراً شبه كامل، بخلاف قتل وجرح ما يربو على مائة ألف قتيل فلسطيني ولبناني، كما أدى الصراع لتوسيع أمد الحرب وجر المنطقة بأكملها لخطر الانزلاق في حرب إقليمية مدمرة.
لا شك أن خوض أي حرب يتطلب الإلمام ببعض البدهيات قبل الانخراط فيها، ولعل أولى هذه البدهيات أن قرار شن الحرب يجب تقييمه من منطلق التكلفة والعائد، فالحرب التي لا تحقق للطرف الذي تسبب في اندلاعها العائد الذي يفوق تكلفة خوضها تعتبر خسارة فادحة له، فالحرب ليست نزهة والخسارة ليست مالية بل وبشرية أيضاً، فالدول التي تخوض حروباً تستغرق أعواماً طويلة حتى تعود لسابق عهدها، وعادة ما تتخلف عن ركب الحضارة كثيراً قبل أن تتمكن من استعادة ما خسرته، فالحروب تستنزف الدول حتى العمق، وليس من السهل تخطي نتائجها حتى بعد مرور عشرات الأعوام.
كما أنه من المهم ألا يبدأ طرف حربه مراهناً على أن المؤسسات الدولية ستقف في صفه لأن الحق معه، فالجميع يعرف الآن إلى أي مدى تنحاز هذه المؤسسات الدولية لأطراف دون غيرها، كما أن لإسرائيل وضعاً مختلفاً بسبب الدعم المطلق الذي تتلقاه من الولايات المتحدة والعديد من الدول الكبرى الأخرى، والرهان على دعم أي مؤسسة دولية هو نوع من الوهم الذي لن يتحقق.
يحضرنا في هذا السياق الكتاب الذي ألّفه العسكري الصيني «سون تزو» بعنوان «فن الحرب» وذلك منذ آلاف السنين، ويعد من أشهر المرجعيات في العلوم العسكرية، ومن أشهر مقولاته: إن كنت تعرف قدراتك وقدرات خصمك فما عليك أن تخشى من نتائج مائة معركة، ولو كنت تعرف قدراتك وتجهل قدرات خصمك فاستعد للهزيمة لاحقاً حتى لو انتصرت أولاً، أما إذا كنت تجهل قدراتك وتجهل قدرات خصمك أيضاً فالهزيمة المؤكدة هى حليفتك في كل معركة.
على مدار التاريخ البشري، كانت الحروب تندلع بسبب قيام طرف بشن هجوم على الطرف الآخر، وقد يكون الطرف البادئ هو المعتدي بحق، فهو من طمع في ثروات دول أخرى على سبيل المثال، غير أنه من الممكن أن يبادر صاحب الحق في شن الحرب لاستعادة ما سلب منه، ومن الملاحظ أن الكثير من القادة العسكريين يعتقدون أن قيامهم بالضربة الأولى في الحرب كفيل بضمان النصر لهم، وذلك لأسباب عديدة أهمها عنصر المفاجأة، وإرهاب الخصم والتسبّب في إرباكه وبالتالي الفوز في المعركة وتحقيق نصر مباغت وسريع، ولا شك أن هذه الإستراتيجية نجحت بالفعل في بعض المعارك غير أنها لم تنجح دائماً.
هناك بالطبع الكثير من الأسباب التي تقف خلف خسارة الحرب؛ منها القدرات العسكرية للطرف الآخر وجاهزيته للعمل خلال الأحداث الطارئة بكفاءة، أو قدرته على استعادة صفوفه وتنظيمها بسرعة بعد تلقي الضربة الأولى، غير أن أهمها شبكة التحالفات الخاصة بهذا الطرف والتي سرعان ما قد تتدخل لإنقاذه وإعادة تسليحه على نحو يخل بموازين القوى، بحيث يتحوّل النصر السريع إلى هزيمة ساحقة لاحقاً، وتتحوّل نقاط الضعف إلى قوة بمرور الوقت.
وعودة لأحداث السابع من أكتوبر التي اندلعت العام الماضي ولا يزال أوارها مشتعلاً حتى اللحظة الحالية، فسنجد أن أهداف هذه الحرب التي تسبّبت فيها حماس لا تزال مبهمة وغامضة حتى لحظة كتابة هذه السطور، فقد اختطفت حماس ما يزيد على مائتي رهينة إسرائيلية في حركة مفاجئة، على أمل مبادلتهم ببعض مئات من الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية، غير أن هذا الهجوم المباغت تسبّب حتى الآن في تدمير كافة المرافق الحيوية والأساسية والمناطق السكنية في غزة تدميراً شبه كامل، بخلاف قتل وجرح ما يربو على مائة ألف قتيل فلسطيني ولبناني، كما أدى الصراع لتوسيع أمد الحرب وجر المنطقة بأكملها لخطر الانزلاق في حرب إقليمية مدمرة.
لا شك أن خوض أي حرب يتطلب الإلمام ببعض البدهيات قبل الانخراط فيها، ولعل أولى هذه البدهيات أن قرار شن الحرب يجب تقييمه من منطلق التكلفة والعائد، فالحرب التي لا تحقق للطرف الذي تسبب في اندلاعها العائد الذي يفوق تكلفة خوضها تعتبر خسارة فادحة له، فالحرب ليست نزهة والخسارة ليست مالية بل وبشرية أيضاً، فالدول التي تخوض حروباً تستغرق أعواماً طويلة حتى تعود لسابق عهدها، وعادة ما تتخلف عن ركب الحضارة كثيراً قبل أن تتمكن من استعادة ما خسرته، فالحروب تستنزف الدول حتى العمق، وليس من السهل تخطي نتائجها حتى بعد مرور عشرات الأعوام.
كما أنه من المهم ألا يبدأ طرف حربه مراهناً على أن المؤسسات الدولية ستقف في صفه لأن الحق معه، فالجميع يعرف الآن إلى أي مدى تنحاز هذه المؤسسات الدولية لأطراف دون غيرها، كما أن لإسرائيل وضعاً مختلفاً بسبب الدعم المطلق الذي تتلقاه من الولايات المتحدة والعديد من الدول الكبرى الأخرى، والرهان على دعم أي مؤسسة دولية هو نوع من الوهم الذي لن يتحقق.
يحضرنا في هذا السياق الكتاب الذي ألّفه العسكري الصيني «سون تزو» بعنوان «فن الحرب» وذلك منذ آلاف السنين، ويعد من أشهر المرجعيات في العلوم العسكرية، ومن أشهر مقولاته: إن كنت تعرف قدراتك وقدرات خصمك فما عليك أن تخشى من نتائج مائة معركة، ولو كنت تعرف قدراتك وتجهل قدرات خصمك فاستعد للهزيمة لاحقاً حتى لو انتصرت أولاً، أما إذا كنت تجهل قدراتك وتجهل قدرات خصمك أيضاً فالهزيمة المؤكدة هى حليفتك في كل معركة.