-A +A
حمود أبو طالب
بالضرورة أن نتحدث عن واحد من أهم الملتقيات التي شهدتها مدينة الرياض هذا الأسبوع، «ملتقى الصحة العالمي»، الذي أصبح يعقد فيها سنوياً بانتظام، ويشارك فيه آلاف المتخصصين في مختلف جوانب الرعاية الصحية لمناقشة أحدث مستجداتها، وتعرض فيه شركات الدواء والأجهزة الطبية آخر ابتكاراتها، والأهم من كل ذلك هو استعراض التحديات التي تواجه قطاع الصحة وعرض السياسات والاستراتيجيات التي تساعد على تجاوزها.

القطاع الصحي في كل دول العالم قطاع معقد وحساس وكثير المتطلبات والتكاليف، وخططه قد تواجه مفاجآت ضخمة مثل الجوائح الطبية والكوارث الطبيعية والحروب، ولذلك عليه أن يكون جاهزاً لهذه الاحتمالات بالإضافة إلى وفائه بالواجبات الأساسية في الرعاية الطبية الوقائية والعلاجية. في المملكة، وضمن برامج التحول الوطني الشاملة، شهد القطاع الصحي نقلات كبيرة متسارعة تهدف إلى تحقيق المرونة والكفاءة والجاهزية والشمولية في تقديم الرعاية الصحية. بدأت وزارة الصحة كمقدم رئيسي للخدمة في التحول من جهاز مثقل بأعباء بيروقراطية إلى جهاز يركز على التخطيط والتنظيم لتقديم نموذج رعاية حديث. وبحسب تصريح وزير الصحة في الملتقى، فإن هذا النموذج أصبح يخدم اليوم 28 مليون مستفيد، ضعف ما كان يخدم العام الماضي، وبذراعه الرقمية قدم أكثر من 50 مليون موعد واستشارة افتراضية وتخطى 30 مليون مستفيد مرتبط بالملف الصحي الموحد «نفيس».


واستجابة للتحدي في مجال الكوادر البشرية التي يواجه العالم نقصاً متزايداً فيها، توسع البورد السعودي ليصل لأكثر من 170 برنامجاً صحياً، وفي آخر 5 سنوات زاد عدد المقاعد لأكثر مما تم خلال عقدين من الزمن، لتبلغ اليوم أكثر من 7 آلاف مقعد.

وفي مجال توطين الصناعات الدوائية، فإنه يشهد نشاطاً ودعماً كبيراً، فصناعة الأدوية واللقاحات تمثل اقتصاداً عالمياً ضخماً، بالإضافة إلى أهميتها كعنصر من أهم عناصر الأمن الصحي، وقد شهد الملتقى حدثين مهمين في هذا الجانب هما عقد اتفاقيتين لتصنيع 3 - 4 أصناف من الأنسولين في المملكة وكذلك توطين نوع مهم من أنواع العلاج المناعي يسمى برنامج (T- Cell).

ولأن القطاع الصحي الخاص يمثل الذراع المساندة أو الموازية للخدمات الطبية فإنه شهد حراكاً مهماً خلال الملتقى تمثل بإطلاقات توسعية بعشرات المليارات في مناطق مختلفة.

من هذا المشهد وهذا الحراك، تكون المملكة من أبرز دول العالم في تقديم الرعاية الطبية الحديثة، ومع معرفتنا أن المشوار طويل وليس سهلاً إلا أننا بدأنا في الطريق الصحيح.