هناك مقولة منسوبة لموشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عن العرب عقب حرب 67، يقول فيها إن العرب لا يقرأون، وهو يقصد بطبيعة الحال أن العرب يهزمون في حروبهم بسبب عدم قدرتهم على فهم مجريات الأحداث وعدم استيعابهم للدروس التاريخية، ولأنهم غير قادرين على فهم الواقع أو الاستفادة من تجاربه، غير أنه إن جاز لنا الرد على تلك المقولة بعد عقود من اندلاع تلك الحرب، فيمكننا التأكيد والجزم بأن قادة إسرائيل هم الذين لا يفهمون، بل وإنهم هم الذين يصرون على ألا يفهمون، وهم يكررون أخطاءهم بحماقة منقطعة النظير.
على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن العمليات العسكرية التدميرية والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق غزة والضفة الغربية ولبنان، غير أن أرقام الضحايا تتجاوز عشرات الألوف من القتلى ومئات الألوف من الجرحى، فقد تسبّبت تلك العمليات في إبادة أسر بأكملها وهم أبرياء لا علاقة لهم بالحرب، بخلاف تدمير المرافق ودك البيوت وتسوية غالبية المباني بغزة على الأرض، وقد ارتكبت إسرائيل تلك المذابح أملاً في وأد المقاومة وتفكيكها كما تدعي، غير أن السؤال هو: هل ستنجح إسرائيل في ذلك؟.
دعونا نستعرض سريعاً أبرز المحطات لهذا النهج الإبادي الذي اتبعته إسرائيل ضد العرب ولا تزال تتبعه حتى الآن لنتبيّن ما إذا كانت قد تمكّنت من تحقيق هدفها أم لا، وكثيرة هي الأحداث التي قامت خلالها إسرائيل بإبادة رموز المقاومة الفلسطينية منذ نشأتها في العام 1948 وحتى يومنا هذا، ففي عام 1973 قامت إسرائيل بعملية «فردان» وقتلت خلالها ثلاثة من أبرز القادة الفلسطينيين وقتذاك وهم أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، وتوقعت إسرائيل -وآملت- أن يؤدي قتل هؤلاء القادة لإضعاف القضية حتى تتحلل تدريجياً إلى أن تنتهي تماماً، وهو ما لم يحدث بالقطع واستمرت المقاومة، وفي عام 1987 اندلعت انتفاضة الحجارة، والتي رغم ضعفها أقضت مضجع إسرائيل وتحولت تدريجياً إلى كابوس ثقيل، قامت إسرائيل على إثرها باغتيال القيادي خليل الوزير المعروف بأبو جهاد، غير أن الانتفاضة لم تتأثر باغتياله واستمرت، وفي عام 1991 وسّعت إسرائيل جبهة الحرب فقتلت أمين عام حزب الله عباس الموسوي معتقدة أنها وجّهت ضربة قاصمة للحزب، غير أن أنشطة الحزب المقاومة استمرت، ثم توالى بعدها مسلسل اغتيالات القادة الفلسطينيين وحلم تفكيك القضية ودفع العرب لنسيانها لا يزال يراود إسرائيل في أحلامها، فقامت باغتيال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم الكثيرين، وهو ما يصعب حصره في هذا الحيز المحدود.
وخلال هذه العقود الطويلة لم يتوقف نزيف الدم، لم تتفكك المقاومة ولم تمت القضية، وذلك لسبب بسيط للغاية لا تدركه إسرائيل -أو لعلها لا تريد أن تدركه- وهو أن القضية لا ترتبط بقيادات أو أشخاص بعينهم، بل هي قضية شعب وأمة سلبت أراضيهم وحقوقهم، وبعيداً عن عملية 7 أكتوبر التي قامت بها حماس منذ عام تقريباً، من الملاحظ أن إسرائيل تركز كثيراً في غالبية تصريحاتها على أهمية القضاء على حماس وتفكيك التنظيم، ولنفترض جدلاً أنها قضت على جميع قادة حماس فهل سيعني ذلك موت القضية الفلسطينية؟ من المؤكد أنه ستظهر فصائل أخرى فلسطينية بمسميات عديدة تسعى لإعادة الأراضي الفلسطينية، فالحق الفلسطيني هو مطلب إسلامي وعربي قبل أن يكون فلسطينياً، وأتمنى أن يجيب زعماء إسرائيل على سؤال بسيط جداً: هل تعتقدون أن القضية قد انتهت أو قد تنتهي بعد حرب الإبادة التي تسببتم فيها؟ أعتقد أن الإجابة المؤكدة هي كلا بالقطع، فقادة إسرائيل مصرون على ألا يفهموا أن القضية لا تتعلق بقائد بعينه، ولذلك لا يعتمدون في حل القضية إلا بالإمعان في القتل وتوسيع حرب الإبادة، وهو النهج الذي يستحيل أن ينهي القضية.
لقد أدرك بعض زعماء إسرائيل مثل إسحق رابين ومناحم بيجين أن استقرار إسرائيل يعتمد بصورة جوهرية على حل الدولتين، غير أن قادة إسرائيل حالياً يعملون في عكس هذا الاتجاه تماماً، فهم يعملون بغاية الجهد على القضاء على أي أمل في حل الدولتين، غير أن أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية ليسوا مخلدين في مناصبهم وسيتركونها يوماً ما عاجلاً أم آجلاً، فإن أرادوا السلام لأبنائهم وأحفادهم فلا طريق أمامهم سوى حل الدولتين، فإن لم يدركوا ذلك ستظل إسرائيل تعيش فوق صفيح ساخن، كما أن على إسرائيل أن تدرك أن تحقيق حلمها بالسلام مع المملكة العربية السعودية لن يرى النور إلا بعد تطبيقها لحل الدولتين، فالكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، وهي وحدها من سيقرر هل ستحقق السلام أم ستظل مصرة على ألا تفهم.
على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن العمليات العسكرية التدميرية والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق غزة والضفة الغربية ولبنان، غير أن أرقام الضحايا تتجاوز عشرات الألوف من القتلى ومئات الألوف من الجرحى، فقد تسبّبت تلك العمليات في إبادة أسر بأكملها وهم أبرياء لا علاقة لهم بالحرب، بخلاف تدمير المرافق ودك البيوت وتسوية غالبية المباني بغزة على الأرض، وقد ارتكبت إسرائيل تلك المذابح أملاً في وأد المقاومة وتفكيكها كما تدعي، غير أن السؤال هو: هل ستنجح إسرائيل في ذلك؟.
دعونا نستعرض سريعاً أبرز المحطات لهذا النهج الإبادي الذي اتبعته إسرائيل ضد العرب ولا تزال تتبعه حتى الآن لنتبيّن ما إذا كانت قد تمكّنت من تحقيق هدفها أم لا، وكثيرة هي الأحداث التي قامت خلالها إسرائيل بإبادة رموز المقاومة الفلسطينية منذ نشأتها في العام 1948 وحتى يومنا هذا، ففي عام 1973 قامت إسرائيل بعملية «فردان» وقتلت خلالها ثلاثة من أبرز القادة الفلسطينيين وقتذاك وهم أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، وتوقعت إسرائيل -وآملت- أن يؤدي قتل هؤلاء القادة لإضعاف القضية حتى تتحلل تدريجياً إلى أن تنتهي تماماً، وهو ما لم يحدث بالقطع واستمرت المقاومة، وفي عام 1987 اندلعت انتفاضة الحجارة، والتي رغم ضعفها أقضت مضجع إسرائيل وتحولت تدريجياً إلى كابوس ثقيل، قامت إسرائيل على إثرها باغتيال القيادي خليل الوزير المعروف بأبو جهاد، غير أن الانتفاضة لم تتأثر باغتياله واستمرت، وفي عام 1991 وسّعت إسرائيل جبهة الحرب فقتلت أمين عام حزب الله عباس الموسوي معتقدة أنها وجّهت ضربة قاصمة للحزب، غير أن أنشطة الحزب المقاومة استمرت، ثم توالى بعدها مسلسل اغتيالات القادة الفلسطينيين وحلم تفكيك القضية ودفع العرب لنسيانها لا يزال يراود إسرائيل في أحلامها، فقامت باغتيال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم الكثيرين، وهو ما يصعب حصره في هذا الحيز المحدود.
وخلال هذه العقود الطويلة لم يتوقف نزيف الدم، لم تتفكك المقاومة ولم تمت القضية، وذلك لسبب بسيط للغاية لا تدركه إسرائيل -أو لعلها لا تريد أن تدركه- وهو أن القضية لا ترتبط بقيادات أو أشخاص بعينهم، بل هي قضية شعب وأمة سلبت أراضيهم وحقوقهم، وبعيداً عن عملية 7 أكتوبر التي قامت بها حماس منذ عام تقريباً، من الملاحظ أن إسرائيل تركز كثيراً في غالبية تصريحاتها على أهمية القضاء على حماس وتفكيك التنظيم، ولنفترض جدلاً أنها قضت على جميع قادة حماس فهل سيعني ذلك موت القضية الفلسطينية؟ من المؤكد أنه ستظهر فصائل أخرى فلسطينية بمسميات عديدة تسعى لإعادة الأراضي الفلسطينية، فالحق الفلسطيني هو مطلب إسلامي وعربي قبل أن يكون فلسطينياً، وأتمنى أن يجيب زعماء إسرائيل على سؤال بسيط جداً: هل تعتقدون أن القضية قد انتهت أو قد تنتهي بعد حرب الإبادة التي تسببتم فيها؟ أعتقد أن الإجابة المؤكدة هي كلا بالقطع، فقادة إسرائيل مصرون على ألا يفهموا أن القضية لا تتعلق بقائد بعينه، ولذلك لا يعتمدون في حل القضية إلا بالإمعان في القتل وتوسيع حرب الإبادة، وهو النهج الذي يستحيل أن ينهي القضية.
لقد أدرك بعض زعماء إسرائيل مثل إسحق رابين ومناحم بيجين أن استقرار إسرائيل يعتمد بصورة جوهرية على حل الدولتين، غير أن قادة إسرائيل حالياً يعملون في عكس هذا الاتجاه تماماً، فهم يعملون بغاية الجهد على القضاء على أي أمل في حل الدولتين، غير أن أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية ليسوا مخلدين في مناصبهم وسيتركونها يوماً ما عاجلاً أم آجلاً، فإن أرادوا السلام لأبنائهم وأحفادهم فلا طريق أمامهم سوى حل الدولتين، فإن لم يدركوا ذلك ستظل إسرائيل تعيش فوق صفيح ساخن، كما أن على إسرائيل أن تدرك أن تحقيق حلمها بالسلام مع المملكة العربية السعودية لن يرى النور إلا بعد تطبيقها لحل الدولتين، فالكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، وهي وحدها من سيقرر هل ستحقق السلام أم ستظل مصرة على ألا تفهم.