-A +A
مازن بن عبد الوهاب كردي
استكمالا لما بدأناه في مقالاتنا السابقة عن نشأة وتطور القانون الدولي فيما يخص الفضاء، فإنني أشير إلى أنه بعد شهر واحد من إرسال أول قمر صناعي إلى الفضاء، سارعت الأمم المتحدة إلى معالجة مشكلات استخدام الفضاء الخارجي، حيث عبّرت في 11 نوفمبر 1957م عن قلقها بشأن نمو استخدام الفضاء لأسباب عسكرية، واهتمت الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والعديد من الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة بذلك الأمر، حيث أصدرت الجمعية العامة في 14 نوفمبر 1957م القرار رقم (1148) بضرورة قصر استخدام الفضاء على الأغراض السلمية واقتراح إجراء تحقيق تعاوني في نظام تفتيش يضمن إطلاق الأجسام الفضائية لأغراض سلمية وعملية فقط، ولهذا الغرض تشكّلت لجنة خاصة بالاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي في 13 ديسمبر 1958م عندما أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 1348 (د – 13) وكانت تضم في ذلك الوقت (18) عضواً ولجنتين فرعيتين: اللجنة الفنية واللجنة القانونية، وكان تركيز اللجان منصباً على دراسة موضوع الاستخدام السلمي للفضاء، ولكن حدث خلاف في وجهات النظر لأن اللجنة الأخيرة كانت مكونة من (12) دولة من الكتلة الغربية وثلاث دول فقط من الكتلة الشرقية وثلاث دول محايدة، وهذا بطبيعة الحال لم يرضِ الكتلة الشرقية خاصة وأن الاتحاد السوفيتي السابق الذي لم يكن حاضراً في دوراتها، وفيما بعد تشكلت لجنة دائمة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية في 12 ديسمبر 1959م، حيث أصدرت الجمعية العامة القرار رقم (1472 (د – 14) الذي أنشأ تلك اللجنة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية وأصبحت في ذلك الوقت مكونة من (24) دولة وعقدت اجتماعها الأول في 20 ديسمبر 1961م، واعتمدت اللجنة ثم الجمعية العامة القرار رقم 1721 بشأن التعاون الدولي في استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية وتم تقديم اقتراحين: الأول أن تكون الأنشطة متوافقة مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، والثاني بأن كل شخص يمكنه استكشاف الفضاء واستخدامه بحرية، ومن هذه المجموعة انبثقت اللجنة الفرعية العلمية والتقنية واللجنة الفرعية القانونية، وقد تضمن الاجتماع الأول للجنة الفرعية القانونية الذي عقد في الفترة من 28 مايو إلى 20 يونيو 1962م، توصيات بشأن كيفية تنظيم المسؤولية عن الحوادث الناتجة عن المركبات الفضائية بما في ذلك رواد الفضاء، كما تم بحث الاختصاص القانوني، وتحديد الحدود بين المجال الجوي والفضاء الخارجي والقانون الذي ينطبق على الأشخاص في الفضاء والبروتوكولات الخاصة بتجنب الصراعات بين مشاريع الفضاء والأنشطة الأخرى، وحماية البيئة الفضائية من التلوث وإشراف الأمم المتحدة على برامج الأقمار الصناعية والإذاعة والتلفزيون، ومما تجدر الإشارة إليه تقديم الاتحاد السوفيتي السابق خلال نفس الدورة مشروعاً بعنوان إعلان المبادئ الأساسية التي تحكم الأنشطة المتعلقة باكتشاف واستخدام الفضاء الخارجي، كما قدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجمهورية مصر العربية مشاريع قرارات حول نفس الموضوع، وقد أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 1802 (د – 17) في 14 ديسمبر 1962م باعتبار أن القانون الدولي المتعلق بأساسيات البحث في الفضاء واستخدامه يحتاج إلى التطوير، وأعدت وناقشت مقترحات من بعض الدول الأخرى بشأن القرارات والمعاهدات المتعلقة بالفضاء، ونتيجة لعملها أعلنت الجمعية العامة العديد من القرارات والمعاهدات والمبادئ المتعلقة بالفضاء، وكانت لجنة استخدام الفضاء الخارجي التي تعمل تحت سلطة الأمم المتحدة أحد المساهمين الرئيسيين في تطوير قانون الفضاء الدولي.