لا يسير التاريخ في اتجاه واحد، ولا يستمر طويلاً في سلوك خط مستقيم، وهو وإن استمرأ التقليدية وردود الفعل حدّ التواني عن المواكبة، فإن لديه قابلية لركوب موجات التجديد، والسباحة ضد التيارات، وإنْ بحذر، طالما توفرت الممكّنات، فمرونة التحوّل الإيجابي ضمن آلياته وأدبياته، والحقب الفاصلة تاريخياً في حياة البشر هي تلك التي اختاروا فيها الاعتماد على الفعل لا ردود الفعل.
ومن طبيعة الدول والأفراد، ألا يقبل المتفرد بالصدارة شريكاً ولا مُجاوراً، وقلّما يقبل الأوفر حظاً بمن ينازعه على المراكز المتقدمة، بل يرى من حقه إضعاف أو تخذيل من يشكّلون خطراً تنافسياً على ما حازه من وجاهة مالية أو أدبية، وكم سمعنا وشاهدنا سياسة دول الهيمنة التي تنتزع من دول نامية أغلى ما فيها، وتتركها تدور حول عِلل ماضيها.
ولعل من طبيعة المُنافس الذي يعرفُ إمكانات منافسه، أن يضع مُبكّراً مسافة آمنة بينه وبين القادم من الخلف بقوّة، شأن العدائين في المضمار، ويمكن أن يورّطه بمزيد أعباء أو بخلق مطبات، ويضخّم بماكينة الإعلام الأحداث، ويهوّل الأمور، لكي يقبل المُنافس بتوكيل المتصدر بالعمل نيابة عنه؛ ليغدو واجهةً، ويستمر المنافس في الظلّ.
وربما كان من الأخطاء متابعة وتقليد الآخر، في ظل فرص متاحة تجعل منك قدوةً ومُقلَّداً، والآخر هو المُقلِّد لك، والمحاكاة ضعفاً، وإن كانت تحاشياً لما يمكن أن تتكبده من تبعات، منها شراسة وتغوّل المنافسين، واستهدافك بالنقد المُعلِّم تارةً، والجارح أحياناً، وتظل مُطَالباً بدفع الثمن، وإلا زُج بك في صراعات، واختُلقت من حولك أزمات، وكما يقال لتفادي التنين «إما أن تعطّله، أو تخدّره ليبقى نائماً».
أن تكون فعلاً يعني أنك صوت لا صدى، وحركة لا سكوناً، وشاخصاً لا ظِلّاً، ويكون قرارك بيدك، وتكون سيّد نفسك، لا أحد يملي عليك، ولا يستعملك، أو يؤثر في مواقفك، فالاستقلالية اعتداد واعتزاز، ولذا تخصص الدول التي كانت تحت الاستعمار يوماً للاحتفال باستقلالها.
عاشت بعض الدوّل، على سياسات مهادنة، لتلافي الإشكاليات، وحرص بعضها على التعايش بسلام في محيط نفسها، وافتداء العثرة بالوفرة، وكان بعض أسلافنا يرددون مثلاً يقول «حط من مالك ولا يُرمى خيالك» علماً بأن رمي خيالك تنفيس عن الرامي، لا يلحقك منه كبير أذى.
كل من يؤطر نفسه في خانة ردود الأفعال يغدو تبعاً أو هامشاً، وظلالاً باهتة لغيره، ويشعر بالعجز كونه مثقلاً بالاتهامات التي يحتاج معها أن يدافع عن نفسه، وردود الأفعال غالباً عاطفية، وأحياناً حمقاء، تحوّل من الاتهام إلى الإدانة.
يخضع البعض لظروف ربما تكون موضوعية، في قبول الوضع في قائمة ردود الفعل، ويظل الموقف محرجاً بحكم ما سيتعرض له من ابتزاز ومساومة، ينتهجها بلهاء «أعطنا لنسكت، وهب لنا لنمدح» علماً أن «المدح ما يرفع براس الهامة، والقدح ما يرخي للاجواد سامة».
نسمع جلبة أصوات، بين فينة وأخرى، هي ذاتها التي كنا نسمعها منذ توحيد وتوحّد بلدنا تحت راية العزّة والكرامة، ولعل تلك الجلبة كما وصفها الرئيس الراحل محمد أنور السادات «مساومة للاسترزاق» وكانت تتوهج وتخفت، بحسب ظروف ومتغيرات سياسية واقتصادية وثقافية.
أعتقد أنّ أي ناعق يتطاول على بلادنا اليوم، يرسّخ في وجداننا أننا غدونا «فعلاً» وبقوة، ولذا لن نتخلى عمّا بوأنا الله من مكانة، وما حققته قيادتنا من مكاسب، ولعلّ أكثر ما يوجع الأعدقاء «أننا تجاوزنا مرحلة ردّ الفعل، وخلّفناها ظِهْريّاً» ومن مدح اليوم فلن يقول إلا حقاً وفق واقع يشهد به العليل والخليل، ومن قدح فهو يختلق، ولسنا سلالاً فارغة نستقبل الاختلاقات، فالمنشغل بالإنجاز هاجسه الإعجاز.
تلويحة:
مما يُروى عن أحد الفقهاء، أنه أوصى ابنه المؤمن بألا يردّ على متقوّل عليه، فإن كان ما قيل باطلاً، فالله يدافع عن الذين آمنوا، وإن كان حقاً ففيه استفادة لتصويب الخطأ أو تقويم مسار.
ومن طبيعة الدول والأفراد، ألا يقبل المتفرد بالصدارة شريكاً ولا مُجاوراً، وقلّما يقبل الأوفر حظاً بمن ينازعه على المراكز المتقدمة، بل يرى من حقه إضعاف أو تخذيل من يشكّلون خطراً تنافسياً على ما حازه من وجاهة مالية أو أدبية، وكم سمعنا وشاهدنا سياسة دول الهيمنة التي تنتزع من دول نامية أغلى ما فيها، وتتركها تدور حول عِلل ماضيها.
ولعل من طبيعة المُنافس الذي يعرفُ إمكانات منافسه، أن يضع مُبكّراً مسافة آمنة بينه وبين القادم من الخلف بقوّة، شأن العدائين في المضمار، ويمكن أن يورّطه بمزيد أعباء أو بخلق مطبات، ويضخّم بماكينة الإعلام الأحداث، ويهوّل الأمور، لكي يقبل المُنافس بتوكيل المتصدر بالعمل نيابة عنه؛ ليغدو واجهةً، ويستمر المنافس في الظلّ.
وربما كان من الأخطاء متابعة وتقليد الآخر، في ظل فرص متاحة تجعل منك قدوةً ومُقلَّداً، والآخر هو المُقلِّد لك، والمحاكاة ضعفاً، وإن كانت تحاشياً لما يمكن أن تتكبده من تبعات، منها شراسة وتغوّل المنافسين، واستهدافك بالنقد المُعلِّم تارةً، والجارح أحياناً، وتظل مُطَالباً بدفع الثمن، وإلا زُج بك في صراعات، واختُلقت من حولك أزمات، وكما يقال لتفادي التنين «إما أن تعطّله، أو تخدّره ليبقى نائماً».
أن تكون فعلاً يعني أنك صوت لا صدى، وحركة لا سكوناً، وشاخصاً لا ظِلّاً، ويكون قرارك بيدك، وتكون سيّد نفسك، لا أحد يملي عليك، ولا يستعملك، أو يؤثر في مواقفك، فالاستقلالية اعتداد واعتزاز، ولذا تخصص الدول التي كانت تحت الاستعمار يوماً للاحتفال باستقلالها.
عاشت بعض الدوّل، على سياسات مهادنة، لتلافي الإشكاليات، وحرص بعضها على التعايش بسلام في محيط نفسها، وافتداء العثرة بالوفرة، وكان بعض أسلافنا يرددون مثلاً يقول «حط من مالك ولا يُرمى خيالك» علماً بأن رمي خيالك تنفيس عن الرامي، لا يلحقك منه كبير أذى.
كل من يؤطر نفسه في خانة ردود الأفعال يغدو تبعاً أو هامشاً، وظلالاً باهتة لغيره، ويشعر بالعجز كونه مثقلاً بالاتهامات التي يحتاج معها أن يدافع عن نفسه، وردود الأفعال غالباً عاطفية، وأحياناً حمقاء، تحوّل من الاتهام إلى الإدانة.
يخضع البعض لظروف ربما تكون موضوعية، في قبول الوضع في قائمة ردود الفعل، ويظل الموقف محرجاً بحكم ما سيتعرض له من ابتزاز ومساومة، ينتهجها بلهاء «أعطنا لنسكت، وهب لنا لنمدح» علماً أن «المدح ما يرفع براس الهامة، والقدح ما يرخي للاجواد سامة».
نسمع جلبة أصوات، بين فينة وأخرى، هي ذاتها التي كنا نسمعها منذ توحيد وتوحّد بلدنا تحت راية العزّة والكرامة، ولعل تلك الجلبة كما وصفها الرئيس الراحل محمد أنور السادات «مساومة للاسترزاق» وكانت تتوهج وتخفت، بحسب ظروف ومتغيرات سياسية واقتصادية وثقافية.
أعتقد أنّ أي ناعق يتطاول على بلادنا اليوم، يرسّخ في وجداننا أننا غدونا «فعلاً» وبقوة، ولذا لن نتخلى عمّا بوأنا الله من مكانة، وما حققته قيادتنا من مكاسب، ولعلّ أكثر ما يوجع الأعدقاء «أننا تجاوزنا مرحلة ردّ الفعل، وخلّفناها ظِهْريّاً» ومن مدح اليوم فلن يقول إلا حقاً وفق واقع يشهد به العليل والخليل، ومن قدح فهو يختلق، ولسنا سلالاً فارغة نستقبل الاختلاقات، فالمنشغل بالإنجاز هاجسه الإعجاز.
تلويحة:
مما يُروى عن أحد الفقهاء، أنه أوصى ابنه المؤمن بألا يردّ على متقوّل عليه، فإن كان ما قيل باطلاً، فالله يدافع عن الذين آمنوا، وإن كان حقاً ففيه استفادة لتصويب الخطأ أو تقويم مسار.