-A +A
علي الحازمي
تعتبر سوريا في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد الدولة الوحيدة عالمياً التي تعد فيها تجارة المخدرات أكثر من مجرد تجارة ظل، بل سوقاً موازية ومنظمة تديرها بشكل مشترك عدة أطراف، يأتي في مقدمتها الفرقة الرابعة في الجيش السوري التي يقودها الشخصية الأكثر أهمية في إنتاج وتوزيع «الكبتاجون» من قبل الحكومة هو الشقيق الأصغر للرئيس ماهر الأسد، واستخبارات الأمن العسكري السوري، والميليشيات اللبنانية التي ترعاها إيران.

لم يعد سراً أن تجارة المخدرات في سوريا وعلى وجه الخصوص «الكبتاجون» أحد أهم مصادر الدخل للدولة التي تتقاسمها مع الميليشيات الداخلية والخارجية لدفع رواتب مقاتليها، وشراء الأسلحة لزيادة سيطرتها على المنطقة. المفارقة المضحكة، تبلغ تجارة «الكبتاجون» السوري أكثر من 17 مليار دولار سنوياً، فيما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الرسمي لسوريا 9 مليارات دولار فقط. وهذا تأكيد على أن مبيعات المخدرات وفّرت لنظام الأسد أكثر من 90 % من عائدات النقد الأجنبي. ومن يتتبع الميزان التجاري لسوريا للعام 2023 سيلاحظ أن الصادرات السورية المشروعة لم تتجاوز 800 مليون دولار فقط، وهي لا تمثل سوى 4% من إجمالي تجارتها من المخدرات.


بسقوط النظام السوري بقيادة عائلة الأسد لم يسقط الحكم الدكتاتوري فقط، بل سقطت معه تجارة «الكبتاجون» التي دمّرت شباب الدول العربية. والمؤكد أن سوريا ستزدهر -من جديد- اقتصادياً بزراعتها وصناعتها وسياحتها بعد أن انكمش ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 65% بين عامي 2011 و2023، -جنباً إلى جنب- مع ارتفاع التضخم ومعدلات البطالة، وتُركت العديد من القطاعات تحت سيطرة الطبقة الأوليغارشية أو الحكومة. ونتيجة لذلك، ظل الاستهلاك والاستثمار الخاص ضعيفين. في المقابل، ازدهرت تجارة السوق السوداء، فأصبح نظام الأسد يتربع على عرش أكبر منتجي «الكبتاجون» في العالم، متجاوزاً المكسيك، التي لا تتجاوز قيمة تهريبها للمخدرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية سوى 7 مليارات دولار سنوياً.