-A +A
عقل العقل
«السروال والفنيلة» تبدو ماركة اجتماعية سوف تظل متوارثة من جيل لآخر، رغم الجهود الرسمية للحد من مثل هذه التصرفات التي قد تخدش الذوق العام في نظر البعض، والآخرون يرون أنها حاجة عملية وضرورة ملحة لظروف ضاغطة في حياة الشباب خاصة، إن مشهدنا الاجتماعي تغير بوتيرة سريعة بعكس اللون الواحد فيما مضى من عقود وكان يغلب عليه المظهر الذكوري، الآن الشارع ليس للرجال فقط وليس لثقافة محددة بل إن المرأة المحلية والأجنبية حاضرة في الأسواق بسيارتها أو راجلة في البقالات وعند المحلات الخدمية الأخرى ومنها مغاسل الملابس وهي خدمة مهمة للجميع، وأنت تنتظر أو خارج من المحلات المجاورة تفاجئنا مناظر لأشخاص بدون ثوب في واجهات مغاسل الملابس بعض الأحيان ننتظر في سيارتنا حتى تنتهي المغسلة من خدمة الزبون أبو فنيلة وسروال حتى يطيح الحرج عن الجميع.

هناك لائحة للذوق العام مقرّة من الجهات الرسمية تتعاطي مع هذه الحالات وغيرها الخادشة للذوق العام وهو مجموعة القيم الأخلاقية للمجتمع، وهي تختلف من مجتمع لآخر، وأعتقد أن الخروج للشارع والأماكن العامة كالمساجد والأسواق والحدائق العامة وغير ذلك بالملابس الداخلية والنوم يفترض أنها ممنوعة وتوجب الغرامة المالية، كما نصت عليها لائحة مخالفات الذوق العامة، للأسف أن بعض تلك المخالفات من الصعوبة ضبطها وإيجاد الكوادر البشرية لرقابة المخالفين لها؛ والمقصود هنا المنظومة الأمنية بأشكالها المتعددة، الذوق العام وضبطه يحتاج لمشاركة ومصارحة للمخالفين له، ولكننا للأسف نخجل من تنبيه المخالفين للذوق العام من تجاوزاتهم، وأكبر دليل مثلا أننا نشاهد مناظر مقززة ومستفزة في حدائق الأحياء في مدننا وهي جميلة ونظيفة عندما تكون خالية من الزوار للأسف في أوقات ذروة الإجازات ونهاية الأسبوع تكون مكتظة وشكل تلك الحدائق قد تغير بشكل مريع من ناحية المخلَّفات المتروكة من روادها، للأسف نحن لا ننبه الآخرين لممارساتهم السلبية والتعاطي غير الإيجابي مع الأماكن والخدمات العامة، أتفهم أن الغالبية لا تريد الدخول في إشكاليات مع الآخرين، ولكن التنبيه والتبليغ قد يكون له العديد من الأشكال. أتذكر في وقت العمل وقبل التقاعد أن الأغلبية من الزملاء يمضون أوقاتاً طويلة في نقد الممارسات السلبية في شوارعنا مثل رمي المخالفات من السيارات عند الإشارات وهو سلوك يبدو أنه خفت نوعاً ما، لكن كان أحد الزملاء متعاوناً مع البلدية ولدية بطاقة وآلية محددة للتبليغ عن أصحاب السيارات المخالفين في هذا السياق، وأعتقد أنها آلية جيدة ويمكن الاستفادة منها في ضبط مخالفي لائحة الذوق العام، إضافة إلى أن أصحاب المغاسل يجب عليهم الامتناع عن غسيل ملابس الزبون وهو ينتظر في المحل بملابسه الداخلية، البعض يرى أن فيها صعوبة الرفض من الناحية التجارية ولكن البلديات ممكن أن تضبط هذه السلوكيات من خلال وجود كاميرات وهي بالغالب موجود أو أن تكون هناك غرف صغيرة مظللة يمكن أن ينتظر فيها الزبون حتى غسيل او كيّ ثوبه مثلاً.


البعض يرى مثلا أن الخروج بالفنيلة والسروال عادية جداً، ولا يمكن أن تمثل ازعاجا أو مضايقة للآخرين، وأن تُعامل مثل من يلبس «شورت» مثلاً، عموماً الالتزام بالذوق العام في أي مجتمع هو من السلوك الإيجابي واحترام خصوصية الآخرين، خاصة أن بلدنا أصبح يضم العشرات بل المئات من الثقافات المتعددة التي يجب أن تتعايش في سلوكياتها الاجتماعية المتنوعة، فلا إشكال مثلاً أن يصطحب الفرد كلبه أو قطته لحديقة عامة، ولكنه ملزم أن ينظف ما تخلّفه من فضلات في تلك الأماكن العامة.