-A +A
نجيب يماني
تقوم المملكة العربية السعودية بالعديد من الخطوات المميزة لدعم لغة الضاد، ليس فقط في يومها العالمي، وإنما على مدار العام. فقد أقام مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية فعالية بعنوان (شهر اللغة العربية) في فرنسا، مواصلاً أنشطة شهر اللغة العربية، متنقلاً بين عددٍ من المدن الفرنسية؛ لتعضيد الجهود المبذولة لتعزيز تعليم اللغة العربية عالمياً بصفتها لغة حيّة مثل الإنجليزية والإسبانية والألمانية.

فاللغة العربية هي إحدى اللغات السبع المتاح تعليمها في المدارس الرسمية الفرنسية، وتأتي مبادرة المجمع لتوفير الدعم وتعضيد موقف اللغة العربية والبحث عن شراكة مستدامة بين معهد العالم العربي ومجمع الملك سلمان، الهادفة إلى تعزيز حضور اللغة العربية عبر العالم، وتعليمها لغير الناطقين بها.


هذه الفعالية لتعليم اللغة العربية امتدت إلى أوزبكستان، وإندونيسيا، والصين الشعبية، والهند والبرازيل والأمم المتحدة، كما قام المجمع بتقديم برنامجه في العديد من دول أوروبا والعالم،

وقد تأسس هذا المجمع لتعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية وليكون مرجعية علمية على المستوى الوطني في اللغة العربية وعلومها، وليُسهم إسهاماً مباشراً في تحقيق أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد أهم برامج تحقيق رؤية 2030، التي شملت كل مناحي الحياة وتنوعت مساراتها ولم تقتصر على جانب واحد دون آخر، فأحكمت فصولها وبيّنت أهدافها؛ لتصبح إستراتيجية للنهضة الشاملة، تحت قيادة وإشراف وتوجيهات مبدعها الطموح ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان. كما أطلق المجمع قبل شهور في الرياض أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي للمعالجة الآلية للغة العربية، بِاسم «مركز ذكاء العربية» لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لتعزيز ريادة اللغة العربية محلياً وعالمياً، بحضور عدد من ممثلي المؤسسات والشخصيات اللغوية من داخل المملكة وخارجها. ويُعدُّ أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي مختصٍّ بالمعالجة الآلية للغة العربية، وإثراء المحتوى العربي بمجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، ودعم (الأبحاث، والتطبيقات، والقدرات) المتعلقة بمجالات الذكاء الاصطناعي واللغة العربية وتنميتها، وفي مجال الحوسبة اللغوية، وإنشاء المصادر اللغوية، وما يُبنى منها من أدواتٍ وتطبيقاتٍ حاسوبية تهدف إلى المعالجة الآلية للغة العربية فهماً وإنتاجاً بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لتنافس غيرها من لغات العالم في الأنظمة والتطبيقات الحاسوبية.

فضلاً عن المساهمة النوعية في تحقيق مستهدفات (الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي)، لتحقيق الريادة العالمية في مجال اللغة العربية بتوظيف الذكاء الاصطناعي وفقاً لمخرجات الرؤية الكريمة.

ويتكوّن مركز ذكاء العربية من خمسة معامل رئيسية، تسهم في تعزيز مكانة لغة القرآن الخالدة وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية؛ ومواجهة التحديات الحضارية، واعتبارها جسراً للتواصل بين الثقافات والحضارات والإسهام في الحوار والنقاش والثقافة كقيمة عالمية. لا ينكر علماء الغرب أن اللغة العربية لعبت دوراً كبيراً في نقل الفلسفة والعلوم والرياضيات إلى دولهم، وشكّلت جسراً بين العالم القديم وعالم اليوم، فلغتنا غنية بمفرداتها وكمالها وجمالها وثروتها التي لا تنتهي. لها تأثير كبير على ثقافات العالم كونها لغة زاخرة بالحياة والشعر والموسيقى والفلسفة والأدب والعلوم والمعارف.

كانت من الكمال منذ بدايتها وحتى عصرنا الحاضر لم تتعرض لأي تعديل عميق، فهي لغة لا طفولة لها وليس لها شيخوخة أيضاً.

هدف المجمع يؤكده أمينه العام بقوله الإسهامَ في تعزيز مكانة اللغة الخالدة محلياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية ومواجهة التحديات الحضارية أمام كل اللغات، من خلال المبادرات والبرامج والمشروعات المؤسسية، فهي من المشتركات العالمية التي تسهم في الحوار والنقاش والثقافة فلم تَعُد حصراً على العرب

في منتصف القرن الماضي. اقترحت المملكة العربية السعودية بأن لا يكون هناك إقصاء للغة العربية بدوافع سياسية عن محفل الأمم المتحدة، بحسبان العربية ليست لغة هامش أو إثنيات عارضة في خارطة الحضارة الإنسانية، ولكنها لغة أسّست لحضارة من الصعب على الإنسانية أن تعبرها أو تتخطاها دون وقفة طويلة متأملة لغتنا.

اللغة العربية قادرة على الصمود والبقاء، فهي لغة دين خاتم، ولغة قرآن خالد، وعلم نافع قيّض الله لها من يحميها ويحافظ عليها، وهذه إحدى اللفتات الكريمة لملك عشق الثقافة وحافظ على اللغة الأم وعرف قيمتها ومكانتها فكان مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية مثالاً حياً على أنها لغة خلقت لتعيش وتحافظ على هوّيتها وانتشارها! وأن الله عز وجل قيض لها من يحافظ عليها ويحميها.