يُعدّ «انحراف المدرج» أحد أخطر حوادث الطيران وأكثرها شيوعاً، ويُشكّل تهديداً كبيراً لسلامة الركاب والطائرات، ولعل أبرز الأمثلة على «الانحراف عن المدرّج» ما حدث نهاية العام حينما انحرفت ثلاث طائرات خلال 24 ساعة في كوريا والنرويج وكندا، وكان أكثرها أضراراً ما حدث لرحلة طيران جيجو التي نتج عنها 179 وفاة.
حسب تقرير وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) لعام 2020م تم تصنيف «انحراف المدرج» كأحد أكبر المخاطر للطائرات الكبيرة، وأظهرت دراسة أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) أن 23% من الحوادث المسجلة بين عامي 2005 و2019 كانت تتعلّق بانحراف المدرج، ما أدى إلى خسائر تجاوزت أربعة مليارات دولار عام 2019م، وعلى الرغم من تحسّن معدلات السلامة فإن العدد الإجمالي لهذه الحوادث ما زال يشير إلى مستويات عالية من المخاطر.
للحدّ من هذه الحوادث، تم تطوير «خطة العمل العالمية لمنع الانحراف عن المدارج» (GAPPRE)؛ التي تهدف إلى تعزيز السلامة من خلال توصيات عملية تشمل المشغلين، المطارات، مصنّعي الطائرات، والهيئات التنظيمية، ورغم كل ذلك تبقى الحاجة ماسة إلى تقنيات إضافية لتقليل المخاطر، هنا يأتي دور نظام (EMAS) وهو اختصار لـ
Engineered Materials Arresting System؛ أو مايسمىٰ نظام إيقاف المواد الهندسي، المصنوع من مواد أسمنتية خفيفة الوزن وقابلة للانسحاق توضع على مساحات نهايات المدارج وتعمل على تقليل حركة الطائرة التي تتجاوز المدرج حتى توقفها بأمان، ويمكن تشبيه آلية هذا النظام بقيادة دراجة هوائية وسط حصى (بطحاء) بحيث تؤدي المقاومة المتدرجة إلى إبطاء الحركة بسرعة، ورغم فعاليته؛ إلا أن هذا النظام لا يتوفر حالياً إلا في عدد قليل من المطارات بسبب قيود التكلفة والمساحة، ما يثير سؤالاً مهماً حول أولوية السلامة على التكلفة، لأنه إذا كانت هذه التكنولوجيا متوفرة لمنع الكوارث، فما الذي يبرر عدم الالتزام بها عالمياً؟
بدأت فكرة تطوير نظام EMAS بعد حادثة تجاوز طائرة SAS901 للمدرج في مطار جون إف كينيدي بنيويورك عام 1984؛ ما تسبب في إصابات وأضرار جسيمة، حيث دفع هذا الحادث إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) والقوات الجوية الأمريكية إلى دراسة وتطوير أنظمة توقف أرضية ناعمة، وبحلول التسعينيات تم اختبار مواد مختلفة، مثل الرغوة الفينولية والأسمنت الخلوي لإيجاد أفضل الحلول، وفي عام 1996م تم تركيب أول نظام EMAS في مطار جون كينيدي، غير أنه حتى الآن لا توجد معايير دولية تفرض استخدامه، كما أن المحاولات الأولى لتركيب أنظمة بديلة أثارت مشاكل، مثل خطورة نشوب حرائق بسبب المواد المستخدمة، ومع ذلك شهدت السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في تكنولوجيا EMAS حيث طوّرت شركات مثل Zodiac Aerospace وRunway Safe حلولاً أكثر كفاءة ومرونة، وبسبب هذه الحلول تم تركيب أنظمة EMAS في أكثر من 106 مدارج في 68 مطاراً بالولايات المتحدة الامريكية، وكذلك في بعض الدول مثل الصين وإسبانيا وتايوان، ويوفر النظام مستويات أمان تعادل ما يُسمّىٰ «منطقة سلامة المدرج» (RSA) التي يبلغ طولها 305 أمتار، لكنه يتطلب مساحة أقل بكثير، ورغم فعاليته إلا أن النظام مكلف مما يجعل انتشاره مقتصراً على المطارات ذات المخاطر العالية لتجاوز المدرج.
التطوّر التكنولوجي وزيادة الوعي بأهمية السلامة الجوية يفرض التساؤل: هل حان الوقت لجعل نظام EMAS معياراً عالمياً؟ أم أن القيود الحالية تبرر استخدامه الانتقائي؟
الجواب في النهاية، يعتمد على موازنة الأولويات بين التكلفة وسلامة المسافرين والطائرات، والله يحفظ الجميع.
حسب تقرير وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) لعام 2020م تم تصنيف «انحراف المدرج» كأحد أكبر المخاطر للطائرات الكبيرة، وأظهرت دراسة أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) أن 23% من الحوادث المسجلة بين عامي 2005 و2019 كانت تتعلّق بانحراف المدرج، ما أدى إلى خسائر تجاوزت أربعة مليارات دولار عام 2019م، وعلى الرغم من تحسّن معدلات السلامة فإن العدد الإجمالي لهذه الحوادث ما زال يشير إلى مستويات عالية من المخاطر.
للحدّ من هذه الحوادث، تم تطوير «خطة العمل العالمية لمنع الانحراف عن المدارج» (GAPPRE)؛ التي تهدف إلى تعزيز السلامة من خلال توصيات عملية تشمل المشغلين، المطارات، مصنّعي الطائرات، والهيئات التنظيمية، ورغم كل ذلك تبقى الحاجة ماسة إلى تقنيات إضافية لتقليل المخاطر، هنا يأتي دور نظام (EMAS) وهو اختصار لـ
Engineered Materials Arresting System؛ أو مايسمىٰ نظام إيقاف المواد الهندسي، المصنوع من مواد أسمنتية خفيفة الوزن وقابلة للانسحاق توضع على مساحات نهايات المدارج وتعمل على تقليل حركة الطائرة التي تتجاوز المدرج حتى توقفها بأمان، ويمكن تشبيه آلية هذا النظام بقيادة دراجة هوائية وسط حصى (بطحاء) بحيث تؤدي المقاومة المتدرجة إلى إبطاء الحركة بسرعة، ورغم فعاليته؛ إلا أن هذا النظام لا يتوفر حالياً إلا في عدد قليل من المطارات بسبب قيود التكلفة والمساحة، ما يثير سؤالاً مهماً حول أولوية السلامة على التكلفة، لأنه إذا كانت هذه التكنولوجيا متوفرة لمنع الكوارث، فما الذي يبرر عدم الالتزام بها عالمياً؟
بدأت فكرة تطوير نظام EMAS بعد حادثة تجاوز طائرة SAS901 للمدرج في مطار جون إف كينيدي بنيويورك عام 1984؛ ما تسبب في إصابات وأضرار جسيمة، حيث دفع هذا الحادث إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) والقوات الجوية الأمريكية إلى دراسة وتطوير أنظمة توقف أرضية ناعمة، وبحلول التسعينيات تم اختبار مواد مختلفة، مثل الرغوة الفينولية والأسمنت الخلوي لإيجاد أفضل الحلول، وفي عام 1996م تم تركيب أول نظام EMAS في مطار جون كينيدي، غير أنه حتى الآن لا توجد معايير دولية تفرض استخدامه، كما أن المحاولات الأولى لتركيب أنظمة بديلة أثارت مشاكل، مثل خطورة نشوب حرائق بسبب المواد المستخدمة، ومع ذلك شهدت السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في تكنولوجيا EMAS حيث طوّرت شركات مثل Zodiac Aerospace وRunway Safe حلولاً أكثر كفاءة ومرونة، وبسبب هذه الحلول تم تركيب أنظمة EMAS في أكثر من 106 مدارج في 68 مطاراً بالولايات المتحدة الامريكية، وكذلك في بعض الدول مثل الصين وإسبانيا وتايوان، ويوفر النظام مستويات أمان تعادل ما يُسمّىٰ «منطقة سلامة المدرج» (RSA) التي يبلغ طولها 305 أمتار، لكنه يتطلب مساحة أقل بكثير، ورغم فعاليته إلا أن النظام مكلف مما يجعل انتشاره مقتصراً على المطارات ذات المخاطر العالية لتجاوز المدرج.
التطوّر التكنولوجي وزيادة الوعي بأهمية السلامة الجوية يفرض التساؤل: هل حان الوقت لجعل نظام EMAS معياراً عالمياً؟ أم أن القيود الحالية تبرر استخدامه الانتقائي؟
الجواب في النهاية، يعتمد على موازنة الأولويات بين التكلفة وسلامة المسافرين والطائرات، والله يحفظ الجميع.