-A +A
عيسى الحليان


لا أعرف إن كان أي منكم قد اطلع على الإستراتيجية الوطنية للإسكان التي سبق وأن تمت طباعتها على هيئة كتاب جميل مكون من 116 صفحة وقرص «سي دي» وذلك عام 1432 بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي «جي آي زد» وذلك من خلال عقد مبرم مع الشركة آنذاك. الشاهد أن هذه الإستراتيجية كانت تدور حول خمسة محاور أساسية هي التمويل، والتخطيط العمراني، وسوق الأراضي، والتشييد والبناء، والإدارة العامة، وما كان لافتا في هذه الإستراتيجية هي العبارة التي وردت في ديباجة المقدمة، والتي كانت تشير إلى (أن الغاية من هذه الإستراتيجية في كونها وثيقة عملية قابلة للتطبيق بصورة «فورية») وقد توقفت عند كلمة «فورية» وزاد عجبي لاحقا من هذه المفردة عندما اطلعت على ما تحقق وما لم يتحقق منها بعد كل هذه السنوات العجاف!! لكن ما أثار فضولي ودفعني للتعليق على هذه الإستراتيجية كانت عبارة أهم وأخطر تشير صراحة إلى أنه سيكون لدينا في عام 2020 قطاع إسكان يسهم في تمكين «جميع» المواطنين من الحصول على سكن مناسب!


والله ما قصرتوا، لأن هذا كلام جميل وواضح ولا يحتمل اللبس أو التأويل خصوصا ونحن نتحدث عن إستراتيجية دولة، وليست خطة وزارة، أو برنامج وزير!

ماذا تحقق خلال هذه السنوات السبع التي تلت الإستراتيجية لكي يمكن القول إنه بعد ثلاث سنوات (2020) من الآن سيكون قد تحقق هذا الوعد، وتمكن «جميع» المواطنين من الحصول على سكن كما ورد في الإستراتيجية!

كانت غايات الإستراتيجية آنذاك ثلاث، وهي زياده المعروض من المساكن، وتطوير أنظمه دعم تلبية احتياجات المواطنين (نقلتها حرفيا والتي على ما يبدو أنها ترجمة ركيكة لمسودة «جي آي زد») والثالث تحقيق سوق إسكان مستدام قادر على التجاوب مع الطلب.

الذي يقرأ الإستراتيجية اليوم يدرك مدى الانحراف الذي طرأ عليها وعصف بكل برامجها بعد هذه التجارب المتعددة والمتضاربة التي تعاقبت على خطة التنفيذ، وهذا أمر متوقع في ظل تعاقب ثلاث إدارات وزارية خلال فترة زمنية قصيرة حيث لم يتبقَ في الوزارة أحد من الذين أشرفوا على إعدادها، لكن والحالة هذه لماذا لا تعرض مثل هذه الإستراتيجيات الفضفاضة على مجلس الشورى كل خمس سنوات على الأقل لمحاكمة هذه الأرقام ومناقشة هذه البرامج والخطط التي تعرض في الاجتماعات والمناسبات الرسمية وتقدم وكأنها حقيقة واقعة، وبعد ذلك «هذا وجه الضيف».