-A +A
عزيزة المانع
من الواضح أننا نمر بأزمة اقتصادية تبدت معالمها في توجه الدولة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي، كما حدث في القرارات الأخيرة التي خفضت مرتبات الوزراء ومكافآت أعضاء مجلس الشورى وألغت وأوقفت بعض البدلات والامتيازات الخاصة ببعض موظفي الدولة. ومن المتوقع أن لا يتوقف الترشيد عند هذا الحد فقد يمتد ليشمل بنودا أخرى كإيقاف بعض مشاريع التنمية، أو إلغاء بعض الهيئات والوزارات أو دمجها مع بعضها من أجل تقليل التكلفة الاقتصادية.

هذا يعني أننا جميعا مسؤولون عن التصرف بحكمة وتعقل لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية التي نرجو ألا تطول، وفي مقدمة ذلك أن يعمل كل منا على ترشيد الاستهلاك وتقليص النفقات ما أمكن، فشح الميزانية، وإن كنا نرجو أن يكون موقتا، إلا أنه غير معلوم متى ينتهي. ولأن كثيرين منا عاشوا أزمنة رخاء ورفاهية وترف، فإن ترشيد الإنفاق قد يبدو لهم أمرا بالغ العسر، وقد يكون كذلك حقا، لكن المتوقع أن يتعلم الناس سريعا الصبر على تحمل الشدة، والتعايش مع الواقع.


من فضل الله أن الغالبية العظمى من المواطنين يشعرون بالتعاطف مع وطنهم ويبدون استعدادا للتضامن معه في تجاوز هذه الأزمة، لكن تحقيق التضامن يحتاج إلى مزيد من الشفافية والوضوح بما يطمئن أبناء الطبقة الوسطى والدنيا أن التقشف الذي بدأ يلقي بظلاله على حياتهم، ليس خاصا بهم وحدهم، وأن الطبقة الغنية هي أيضا باتت تعيش التقشف مثلهم.

إن من أكثر المحفزات للتضامن مع الوطن في أزمته الاقتصادية أن يشعر الجميع بأنهم شركاء في اليسر والعسر، وأن شد الأحزمة لا يمارس داخل الطبقة المتوسطة والفقيرة فقط، وإنما هي حال عامة مشتركة في جميع الطبقات على اختلافها وبمقادير تتناسب مع حال كل طبقة الاقتصادية، فمن العدالة أن تتحمل الطبقة الغنية العبء الأكبر من ترشيد الانفاق، وأن يكون نصيبها من عبء دعم اقتصاد الدولة أكبر بكثير من نصيب الطبقة المتوسطة، خاصة أنها تمثل شريحة كبيرة جدا من المواطنين، فالطبقة الغنية تعيش حياة مملوءة بالترف والبذخ وسعة الرفاهية وكثرة الانفاق، وترشيد نفقاتها لا يؤثر على أمور جوهرية في حياتها كما هو الحال لدى أفراد الطبقة المتوسطة.