-A +A
سعيد السريحي
ليس هناك أعجب من المسؤولين عن تطوير مدننا حين يشكلون اللجان ويرسلون الوفود ويعقدون الندوات لدراسة تخفيض نسبة الضجيج، بينما مدننا نفسها بنيتها التحتية في أمس الحاجة إلى شبكات للصرف الصحي وشوارعها لإعادة السفلتة وأحياؤها لتجفيف المستنقعات.

وليس هناك أعجب من المسؤولين عن التعليم حين يجعلون من مدارسنا حقولا للتجارب وطلابنا عينات للتجريب ويذهبون في تجديد المناهج وتطويرها شرقا حتى اليابان وغربا حتى أمريكا ثم يعتبرون استخدام الحاسب الآلي والآيباد ذروة ما تبلغه التجربة التعليمية من نجاح، يفعلون ذلك كله بينما تتكشف الحقائق اليومية عن مدارس مستأجرة ومقررات تعليمية لم تصل إلى المدارس وحيرة في نقل المعلمات وتعيين المعلمين وكيفية استثمار الإداريين وتعميمات تؤكد على عدم جلب المأكولات من الخارج.


وليس هناك ما هو أعجب من المسؤولين في الصحة حين يتحدثون عن استبدال التعامل الإلكتروني بالتعامل الورقي في مستشفيات لا يكاد المرضى يجدون فيها سريرا وصيدليات تنقصها كثير من الأدوية ومواعيد أطباء يسبقهم الموت كثيرا إلى مرضاهم.

نحن بحاجة إلى أن يتواضع أولئك المسؤولون قليلا وأن يعترفوا بالواقع ومشاكله أولا وتقديم الحلول اللازمة لمعالجة ما يشكو منه هذا الواقع الذي تعيشه المؤسسات التي يتولون المسؤولية فيها فإذا ما حققوا ذلك كان لهم أن يرفعوا سقف طموحاتهم ولهم منا وعد أن نثق فيما يطمحون إلى تحقيقه بعد أن نكون قد وثقنا من معالجتهم لما هو أحوج للمعالجة من الانشغال بسقف عال من الطموحات لا يمكن أن يقال عنه إلا أنه محاولة للقفز على الواقع.