-A +A
عزيزة المانع
أتفق تمام الاتفاق مع ما قاله المحامي عبدالرحمن اللاحم في مقاله يوم الإثنين الماضي، عن عدم ملاءمة الاكتفاء بحفظ بعض أجزاء من القرآن لتخفيض مدة عقوبة بعض المسجونين، محتجا بأن بعضهم وإن حفظ من القرآن القدر الذي يمكنه من الخروج من السجن، إلا أن ذلك لا يجعله محصنا ضد تكرار جريمته، فأغلب المسجونين يحفظون القرآن لفظا دون استيعاب معانيه أو رسوخها في عقولهم، وقد مثل لذلك بأحد الشباب الذي سجن بسبب التفحيط، ولما حفظ بعض أجزاء من القرآن أطلق سراحه مبكرا قبل إكمال مدة الحكم، لكنه ما لبث أن عاد إلى ممارسة التفحيط، فكان الموت له بالمرصاد. فحفظه أجزاء من القرآن لم يغير شيئا من تعلقه بالتفحيط، فعاد إلى سابق عهده بمجرد مغادرته السجن.

لذلك هو يقترح أن تفرض بدائل أخرى لآلية الإفراج المبكر عن المسجون تساعده على التغير، كأن يلزم بزيارات دورية للمستشفيات حيث يرقد المصابون في حوادث التفحيط، ومشاهدة أفلام تروي قصص المصابين وما أحدثته إصاباتهم من آلام نفسية وخسائر صحية، وإتاحة التدريب له على مهارات معينة وتعلم ممارسة هوايات تمتص طاقته وتغير مسار اهتماماته.


خلاصة القول، إن العمل على تنوير عقول المسجونين وتوعية أفكارهم وتعليمهم مهارات يمارسونها، هو عامل إيجابي في تغيير سلوكهم وأدعى لاستقامتهم بعد الخروج من السجن.

شكرا للمحامي اللاحم على طرحه هذا الموضوع المهم، فبحكم اختصاصه استطاع أن يلتفت لشيء لا ينتبه له كثيرون، ومن وجهة نظري فإنه إضافة إلى ما ذكره الكاتب من عدم تأثير حفظ المسجون لأجزاء من القرآن على تغيير سلوكه، هناك مكانة القرآن العظيمة، فالقرآن أجلّ من أن يتخذ حفظه وسيلة تحفيزية للحصول على حاجة دنيوية كالإعفاء من إكمال مدة العقوبة، إن النية في حفظ القرآن يجب أن تكون من أجل عبادة الله، وليس من أجل الخروج المبكر من السجن.

شتان بين من يحفظ القرآن يرجو مغفرة من ربه ورحمة، ومن يحفظه انتظار أن يكافأ بإطلاق سراحه. فالأول يحفظ وقلبه خاشع فتتسلل معاني القرآن إلى نفسه فتطهرها مما فيها من الأدران، أما الثاني فإنه يحفظ وقلبه معلق بعدد السطور التي حفظها ومتى تبلغ العدد المطلوب كي يخرج من السجن. لذا لا غرابة إن ضيع المسجون كل شيء حفظه وعاد إلى سيرته الأولى بمجرد أن تطأ قدمه أرض الحرية.