-A +A
عبدالرحمن اللاحم


شاهدت في أحد الإعلانات لأحد مراكز التدريب القانوني إعلانا لدورة تدريبية لمدة ثلاثة أيام، وكان من المشاركين فيها أحد أصحاب الفضيلة القضاة والذي يشغل منصب رئيس محكمة في إحدى المدن الكبرى مع أن تلك الدورة ليست مجانية للجمهور وإنما دورة مدفوعة الرسوم، وهذا مسلك من وجهة نظري مخالف لقيم القضاة وشرط استقلال القاضي وبعده عن المشاركة في أي منشط يدر على أحد نفعا ماديا، لأنه عندها سيكون استغل وظيفته القضائية في جلب منفعة له أو لغيره، كما أن مثل هذه الدورات عادة ما تكون موجهة لأهل القانون والمشتغلين في المحاماة والذين يفترض أن تكون بينهم وبين القضاة مسافة خارج أعمال المحاكم وأن لا ينغمس بعضهم مع بعض في علاقة خارج إطار القضايا المعروضة على منصات المحاكم مع كامل الثقة بأصحاب الفضيلة القضاة إلا أن هناك معايير وقيما قضائية لا بد من الالتزام بها وذلك من صالح المؤسسات العدلية التي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن أي شبهة قد تثار عليها.


ومن المرجح أن صاحب الفضيلة القاضي المحاضر في تلك الدورة قد بذل وقته وعلمه متبرعا دون أجر لكن صاحب المركز قد استغل اسم فضيلته وحصّل من ورائه رسوما مضاعفة اقتطعها من المتدربين وتميز بها عن بقية المراكز التدريبية الأخرى التي قد تقدم ذات المادة العلمية إلا أن المُحاضر اختلف فلم يكن من القضاة الجالسين على المنصة القضائية التي لها هيبتها ووقارها عندها انخفضت قيمة الرسوم عن ذلك المركز الذي حظي بموافقة فضيلة الشيخ على المشاركة وهنا تحديدا يثار تساؤل أعتقد أنه تساؤل وجيه حول المعايير التي يتبعها صاحب الفضيلة أو غيره من القضاة في المشاركة في مثل تلك المراكز التدريبية (التجارية)؟ فمن باب المساواة إذا كان ولابد من المشاركة أن يكون القاضي متاحا لكل مركز تدريب وأن لا يكون محتكرا لدى مركز بعينه حتى تعم الفائدة بعلمه للجميع وينتج عن ذلك انخفاض لرسوم التدريب التي وصلت إلى أرقام فلكية لا تنسجم مع حالة شد الحزام التي تمر بها الدولة والمجتمع وكل ذلك بسبب الاسم البرّاق لبعض المدربين الذين قد لا يكونون ممن أجاز لهم القانون ممارسة التدريب بمقابل.

* محام وكاتب