جاء محور تطوير الأنظمة كهدف ثان ضمن أهداف الإستراتيجية الوطنية للإسكان، وذلك ضمن أربعة أهداف رئيسية احتوتها هذه الإستراتيجية العتيدة، وقد اخترت اختبار هذا الهدف (الثاني) دون غيره، ما تحقق منه وما لم يتحقق، لسبب بسيط، كونه لا يرتبط باعتمادات مالية كالبناء أو القروض، أو خدمات لوجستية كالأراضي والتطوير العقاري، وبالتالي يفترض أن تكون مسألة تحقيقه مسألة إجرائية صرفة لا تحتاج لهذه المدد الزمنية أو الاعتمادات المالية أو التعاقد مع مقاولين، ورغم ذلك إلا أن أياً من بنوده الخمسة لم يتحقق، وهي التي تهدف إلى حقن جرعة إصلاحات عامة في جذر بيئة الإسكان، ومن بينها تحويل صندوق التنمية العقاري إلى بنك، وهو هدف لم يتحقق، والاستهداف الكيفي لفئات اجتماعية مختلفة، ورغم كونها عبارة ركيكة، ومترجمة على ما يبدو، إلا أنها لم تتحقق - وإن كنت لم أفهم المعنى بالضبط - والإصلاح الجذري لنظام أراضي المنح، وهو أيضاً نظام باق على ما هو عليه، وإعطاء دور أكبر للجمعيات والمؤسسات الخيرية لدعم الإسكان، وهي مسألة لم ولن تتحقق، لأنها مرتبطة بأنظمة المجتمع المدني ودوره في المجتمع، وتقديم حوافز تشجيعية لتمكين القطاع الخاص من توفير الدعم في مجال الإسكان، وهذه الفقرة ورغم كونها عبارة إنشائية فهي أيضاً لم تتحقق بأي معنى كان. ورغم أن الأفق الزمني للإستراتيجية قد بدأ قبل أكثر من خمس سنوات إلا أن هذه الأهداف الخمسة لم يتحقق منها أي بند للأسف، فلا الصندوق تحول إلى بنك، ولا الفئات الاجتماعية قد استهدفت بأي برنامج اجتماعي وخيري معلوم، ولا نظام أراضي المنح قد تغير، إن لم يكن قد تعطل أكثر، خلاف أنه لم يتم إعطاء المجتمع المدني من خلال مؤسساته الاجتماعية أي وزن يذكر في الحياة العامة وبرامج الإسكان ليست استثناء.
هذه كلها أهداف وإصلاحات هامة، وكان بيدنا تحقيقها خلال هذه الفترة، فليس لها علاقة بالمبالغ أو الأراضي أو القروض أو الخدمات اللوجستية، وهي مسألة لا يمكن إلقاء التهم فيها على المقاول أو المواطن أو إلحاقها بتعثر القطاع الخاص، وإنما إجراءات وتنظيمات حكومية، وهو ما يعطي انطباعاً عن صعوبة التغيير عموماً وتحقيق إصلاحات في بنية الإسكان وبيئته على وجه الخصوص، وتكشف حال هذه المجلدات المخملية التي تقوم بها مكاتب استشارية أو شركات أجنبية، ويطلق عليها جزافاً إستراتيجيات وطنية!!.