توصيات تثير الانقسام في مجلس الشورى كانت قضيتها المحورية تدور حول حقوق المرأة وحقوق الرجل، وهذا يكشف عن مستوى الوعي الذي ظهر من هذه القضية لدى المستنكرين للتركيز على المرأة والمعارضين للتوصية الخاصة بتفعيل التنسيق بين وزارات العدل والثقافة والإعلام والتعليم وهيئة حقوق الإنسان لتوعية النساء بحقوقهن العدلية، هذا بالرغم من أن التوصية لم تطالب بتعديل نظام الأحوال الشخصية مثلا كوضع متقدم ولم تتعد التوعية إلى مستوى لافت يلبي الكثير من الاحتياجات والحقوق المعلقة بطريقة أكثر فاعلية! من هنا برزت العقلية الذكورية التي تتحكم في المجتمع على المستوى الاجتماعي والعمل المؤسسي واتضحت بشكل خاص من خلال هذه القضية، وكأن إقرار حق أحد الجنسين سيلغي حق الآخر بالرغم من أن الحقوق الإنسانية للجميع ولا مجال للخلاف عليها.
الغريب أن يكون في مجلس الشورى مجال لتوظيف الآراء الشخصية التي تغلب على المصلحة العامة، فعندما يكون الفرد مسؤولا في جهة تساهم في صنع القرار فهو مطالب بتحييد عواطفه وآرائه الشخصية والنظر إلى ما تقتضيه احتياجات الناس والمصلحة العامة، والغريب أيضا أن لا توجه هذه الآراء على طريقة المقاربة بين وجهات النظر، وإنما تمخض الرأي في المحصلة كما أشار إليه رئيس المجلس بالابتعاد عن مثل هذه التوصيات حتى لا تثير الانقسام بين أعضاء المجلس.! وهذا ليس حلا.
إن إقحام حقوق الرجل وغيرها أثناء المطالبة بشيء من حقوق المرأة ليس إلا سلوكا يظهر منه التسخيف ويبرره الرفض لمنح هذه الحقوق في خفاياه، وبدلا من ظهور أعضاء المجلس كمتخاصمين على من يُمنح حق الأفضلية من الناس، كان من الواجب أن يكون العمل تكامليا لتحقيق جميع الجوانب المشار إليها من قبل الموقعين على التوصية والمعارضين كذلك، وكان من الواجب وضع هذه الحقوق في اعتبار أولويتها على الخلافات الشخصية، والحل النهائي المطروح على طاولة المنطق هو المساواة بين الناس ومنح كل ذي حق حقه، فطالما أننا نتحدث عن الحقوق كحقوق في مفهومها ثم لا نزال نتجادل في إقرارها فإن هذا يعني أنها حقوق مسلوبة أصلا، وكثرة الجدال حول إقرارها تعني أن الحقوق الإنسانية ستظل معطلة، من هنا كان ولابد من تقويض هذه التراتبية الهرمية وإنشاء خطاب أخلاقي يبدأ من مجلس الشورى يقر ويعترف بقيمة الحقوق الإنسانية لتحظى المرأة بمكانة لا تقل في أهميتها عن الرجل.