-A +A
سليمان الطريفي
لم تكن لدي نيّة الرجوع إلى «تويتر» بعد أن أغلقت حسابي السابق، إضافة إلى بعض الإشكالات التي سببها بعض المحاورين، كانت هناك تغريدات وحوارات لم أكن راضيا عنها تمام الرضا، كمية الفجور في الخصومة التي عانيتها من بعض الأطراف، خصوصا المنتمية للعمل الإسلامي، كانت تشكل لي صدمة، إضافة إلى المفاجأة بمستواهم. الصدمة تتعلق بفجور كثير منهم وظنونهم السيئة وقراءاتهم لتغريداتي قراءة تعسفية أثّر فيها عامل النية السيئة، لكن كانت المفاجأة بالنسبة لي أكبر من الصدمة، إذ فاجأني مستواهم الثقافي الهزيل، ومستواهم العلمي المتهالك، مع أن كثيرا منهم يحمل درجات علمية لا أحمل أنا ربعها.

كثير منهم ظل لسنوات طويلة خطيبا وداعية ومع ذلك فاجأني بأنه لم يطّلع على معان مهمة دينية أو اختلافية بل لا يعرف أدب العلم والاختلاف.


كنت عازفا عن موقع تويتر الصاخب، وصلت إلى درجة الملل، مع أنه كانت تتابعني وتتواصل معي نخبة من المثقفين والسياسيين، وكنت قد قاربت عتبة الثلاثين ألف متابع، لقد حذفت حسابي بعد تفكير وملل.

نفسي ميالة إلى الهدوء والسلم والقراءة والبحث، التغذية الراجعة في تويتر تخرجك عن ذلك كله وتحبسك في دوامة الصخب وتكدر الخاطر مما ينعكس سلبا على قراءتك وبحثك. مع ذلك كله عدت بحساب جديد قررت فيه أن لا أرد على المشاكسين ولا أتناول التيارات الدينية، وبقدر المستطاع أن تكون تغريداتي تحمل طابع العمومية والإصلاحية كما أزعمها وأراها، عدت بسبب اتصالات مكثفة من نوعية غالية من المثقفين وأصحاب الرأي: «إنه دورك فلا تتخلى عنه ولا تهرب منه، واجه واقعك بشجاعة، لك دور ولك محبون كثر، أهل الخليج عموما يميلون إلى تويتر أكثر من غيره، فهذا مجالك لبيان رأيك وحمل مشعل تنويرك..».

لم أكن أظن أن طرحي البسيط الذي يخرج غالبا من خاطرة عفوية وليدة اللحظة يحظى بكل هذا الكم من الجدل أو الامتعاض أو التأييد، لقد كنت أكتب التغريدة بكل عفوية وبساطة، وسلامة صدر، ثم أجد حولها من العراك وتدخل مثقفين كبار تعليقا وتأييدا أو معارضة وأجد من يحمل نيتي ما لم يخطر لي على بال.

أنا مدين لموقع تويتر أنه أجبرني على بعض المراجعات وعلى بعض الاطلاع وعلى إقامة علاقات طيبة، كما أنه تسبب لي بحروب ما كنت لأقوى على خوضها، خصوصا مع توجهات لا تبالي بسحقك وإلصاق كل المعايب بك وتهميشك، التهميش هذا كان فنا يجيده بامتياز أتباع تيارات معينة حين كانت طرق التواصل مع الجمهور شبه محتكرة بيدهم، واليوم بعد أن فتح الله باب تويتر جاوز المهمشون الذين حوصروا زمنا طويلا سورا منيعا ضربته عليهم الصحوة حتى لا ينتشر رأيهم ويصل إلى مسامع الجمهور!.