منذ سنوات وأنا أتابع جائزة نوبل للاقتصاد والتي استحدثت عام 1968، حيث إنها لم تكن من ضمن الجوائز الأصلية التي أوصى بها العالم السويدي ألفريد نوبل في وصيته عام 1895.
ومن يتابع جائزة نوبل في الاقتصاد في الأعوام الثلاثة الماضية يلحظ وكأنها مؤشر لحدوث أزمة اقتصادية قادمة، ولهذا تركزت في مواضيع تتعلق بحلول الأزمات، فعلى سبيل المثال كان موضوع الجائزة في عام 2013 هو «تحليل أسعار الأصول»، وفي عام 2014 فاز جي تيرول من فرنسا بجائزة نوبل للاقتصاد بموضوع «تحليل قوى ونظم الأسواق»، وفي عام 2015 فاز إيه ديتون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة بجائزة نوبل للاقتصاد في موضوع «تحليل الاستهلاك والفقر والرخاء»، وفي هذا العام فاز بالجائزة مناصفة كل من أوليفر هارت (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) وبنغت هولمستروم (فنلندا) في موضوع نظرية التعاقد، وجاءت الجائزة تتويجاً لأعمال الباحثين في تطوير نظرية العقد لشرح كيفية التعامل مع حقيقة أنك لا يمكن أن تثق في الناس بدون إطار معين يحكم العلاقة بينكما. كما غيرت نتائج هذا النموذج متعدد المهمات الكيفية التي يفكر بها الاقتصاديون في مخططات الأجور والمكافآت وتصميم الوظائف. وترجع أصول النظرية الى أعمال آدم سميث في عام 1700 في ما يتعلق بعقود الزراعة والمزارعين. وجاءت مساهمة هارت وهولمستروم في شرح كيفية تصميم العقود للتغلب على مشكلات الثقة وتضارب المصالح. وهو ما ينطبق على جميع أنواع العقود بغرض تقاسم المخاطر بين جميع الأطراف. كما قدم الباحثان إطارا شاملا لتحليل العديد من القضايا المرتبطة بالعقود، مثل المبالغ التي يتقاضاها كبار المديرين التنفيذيين بناء على أدائهم، والخصومات ومبالغ للتأمين وخصخصة نشاطات القطاع العام، وكل الأدوات النظرية الجديدة التي تناولها هارت وهولمستروم مهمة لفهم أكثر عمقا للعقود والمؤسسات، بالإضافة إلى فهم العيوب المحتملة في تصميم العقود. ولا شك أن مثل هذه الأسس تمثل أساسا نظريا لكل ما يتعلق بقوانين الإفلاس ودساتير الدول. وتبحث نظرية العقد على سبيل المثال ما إذا كان ينبغي أن يحصل المديرون على مكافآت وما هو أفضل شكل لها وما إذا كان المدرسون أو العاملون في الرعاية الصحية يجب أن يحصلوا على رواتب ثابتة أو أن تستند على معايير قائمة على الأداء. ففي دراسته لعقود العاملين بدءا من المدرسين وانتهاء برؤساء الشركات خلص هولمستروم إلى أنه في المجالات ذات المخاطر المرتفعة فإن الأجور يجب أن تستند بشكل كبير إلى الراتب الثابت، بينما في بيئة أكثر استقراراً يجب أن تستند إلى معيار الأداء. كما يرى هولمستروم أن أجور المدرسين يجب ألا تستند إلى درجات اختبار الطلاب لكنها يجب أن توضع بطريقة من شأنها مكافأة تدريس المهارات صعبة القياس مثل الابتكار والتفكير المستقل. كما سلطت نتائج هارت على الملكية والسيطرة على الشركات، وكان لها تأثير كبير على عدة مجالات اقتصادية، وفي مجالات العلوم السياسية والقانون بحيث تم فتح المجال للعديد من التساؤلات مثل أي نوع من الشركات يجب أن تدمج، وما هو المزيج المناسب من الديون وتمويل أسهم رأس المال، وأي المؤسسات التي يجب أن تكون ملكيتها خاصة وأيها تكون عامة وغيرها من التساؤلات التي تفتح العديد من المجالات للمزيد من الأبحاث في علم الاقتصاد. ولا شك أن جائزة نوبل للاقتصاد جاءت في هذا العام لتعزز أهمية كتابة العقود في كل الظروف الاقتصادية في الرخاء والشدة، وأوضحت كيف أن وضع الامتيازات وإلغاءها يأتي حسب الظروف الاقتصادية وحتى في الظروف العادية ينبغي أن ترتبط بالإنتاجية والإبداع والجودة في العمل، فلا يمكن أن يتساوى الجميع في العلاوات إذا لم يكن لهم إبداع وإنتاجية وتميز في العمل وإلا لأصبحت روح الإحباط لدى المتميزين هي السائدة، وهذا ما يتوجه له كثير من المخططين في القطاع الخاص والحكومي بالعمل على ربط العقود وامتيازاتها بالنوعية والجودة، وقد اطلعت على أجزاء كبيرة من هذا البحث لهذا العام ووجدت أن هناك توجها جديدا لدى الاقتصاديين في إعادة هيكلة العقود وربط الأجور والمكافآت بنوعية الوظائف ومسؤولياتها وهذا ما يسمى باقتصاديات عقود العمل، والتي تكون أحيانا ميزة يتمتع بها المبدعون من المنتجين العاملين في مختلف الوظائف ولكنها قد تكون في نفس الوقت كارثة على الموظفين الذين ليس لديهم قدرات إبداعية والذين تعودوا على الروتينية في العمل وأصبحوا عبئا على ميزانيات التشغيل وهنا تضطر بعض الشركات والمؤسسات والحكومات إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة منهم بصرف النظر عن البعد الاجتماعي أو العواطف الانسانية.
ومن يتابع جائزة نوبل في الاقتصاد في الأعوام الثلاثة الماضية يلحظ وكأنها مؤشر لحدوث أزمة اقتصادية قادمة، ولهذا تركزت في مواضيع تتعلق بحلول الأزمات، فعلى سبيل المثال كان موضوع الجائزة في عام 2013 هو «تحليل أسعار الأصول»، وفي عام 2014 فاز جي تيرول من فرنسا بجائزة نوبل للاقتصاد بموضوع «تحليل قوى ونظم الأسواق»، وفي عام 2015 فاز إيه ديتون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة بجائزة نوبل للاقتصاد في موضوع «تحليل الاستهلاك والفقر والرخاء»، وفي هذا العام فاز بالجائزة مناصفة كل من أوليفر هارت (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) وبنغت هولمستروم (فنلندا) في موضوع نظرية التعاقد، وجاءت الجائزة تتويجاً لأعمال الباحثين في تطوير نظرية العقد لشرح كيفية التعامل مع حقيقة أنك لا يمكن أن تثق في الناس بدون إطار معين يحكم العلاقة بينكما. كما غيرت نتائج هذا النموذج متعدد المهمات الكيفية التي يفكر بها الاقتصاديون في مخططات الأجور والمكافآت وتصميم الوظائف. وترجع أصول النظرية الى أعمال آدم سميث في عام 1700 في ما يتعلق بعقود الزراعة والمزارعين. وجاءت مساهمة هارت وهولمستروم في شرح كيفية تصميم العقود للتغلب على مشكلات الثقة وتضارب المصالح. وهو ما ينطبق على جميع أنواع العقود بغرض تقاسم المخاطر بين جميع الأطراف. كما قدم الباحثان إطارا شاملا لتحليل العديد من القضايا المرتبطة بالعقود، مثل المبالغ التي يتقاضاها كبار المديرين التنفيذيين بناء على أدائهم، والخصومات ومبالغ للتأمين وخصخصة نشاطات القطاع العام، وكل الأدوات النظرية الجديدة التي تناولها هارت وهولمستروم مهمة لفهم أكثر عمقا للعقود والمؤسسات، بالإضافة إلى فهم العيوب المحتملة في تصميم العقود. ولا شك أن مثل هذه الأسس تمثل أساسا نظريا لكل ما يتعلق بقوانين الإفلاس ودساتير الدول. وتبحث نظرية العقد على سبيل المثال ما إذا كان ينبغي أن يحصل المديرون على مكافآت وما هو أفضل شكل لها وما إذا كان المدرسون أو العاملون في الرعاية الصحية يجب أن يحصلوا على رواتب ثابتة أو أن تستند على معايير قائمة على الأداء. ففي دراسته لعقود العاملين بدءا من المدرسين وانتهاء برؤساء الشركات خلص هولمستروم إلى أنه في المجالات ذات المخاطر المرتفعة فإن الأجور يجب أن تستند بشكل كبير إلى الراتب الثابت، بينما في بيئة أكثر استقراراً يجب أن تستند إلى معيار الأداء. كما يرى هولمستروم أن أجور المدرسين يجب ألا تستند إلى درجات اختبار الطلاب لكنها يجب أن توضع بطريقة من شأنها مكافأة تدريس المهارات صعبة القياس مثل الابتكار والتفكير المستقل. كما سلطت نتائج هارت على الملكية والسيطرة على الشركات، وكان لها تأثير كبير على عدة مجالات اقتصادية، وفي مجالات العلوم السياسية والقانون بحيث تم فتح المجال للعديد من التساؤلات مثل أي نوع من الشركات يجب أن تدمج، وما هو المزيج المناسب من الديون وتمويل أسهم رأس المال، وأي المؤسسات التي يجب أن تكون ملكيتها خاصة وأيها تكون عامة وغيرها من التساؤلات التي تفتح العديد من المجالات للمزيد من الأبحاث في علم الاقتصاد. ولا شك أن جائزة نوبل للاقتصاد جاءت في هذا العام لتعزز أهمية كتابة العقود في كل الظروف الاقتصادية في الرخاء والشدة، وأوضحت كيف أن وضع الامتيازات وإلغاءها يأتي حسب الظروف الاقتصادية وحتى في الظروف العادية ينبغي أن ترتبط بالإنتاجية والإبداع والجودة في العمل، فلا يمكن أن يتساوى الجميع في العلاوات إذا لم يكن لهم إبداع وإنتاجية وتميز في العمل وإلا لأصبحت روح الإحباط لدى المتميزين هي السائدة، وهذا ما يتوجه له كثير من المخططين في القطاع الخاص والحكومي بالعمل على ربط العقود وامتيازاتها بالنوعية والجودة، وقد اطلعت على أجزاء كبيرة من هذا البحث لهذا العام ووجدت أن هناك توجها جديدا لدى الاقتصاديين في إعادة هيكلة العقود وربط الأجور والمكافآت بنوعية الوظائف ومسؤولياتها وهذا ما يسمى باقتصاديات عقود العمل، والتي تكون أحيانا ميزة يتمتع بها المبدعون من المنتجين العاملين في مختلف الوظائف ولكنها قد تكون في نفس الوقت كارثة على الموظفين الذين ليس لديهم قدرات إبداعية والذين تعودوا على الروتينية في العمل وأصبحوا عبئا على ميزانيات التشغيل وهنا تضطر بعض الشركات والمؤسسات والحكومات إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة منهم بصرف النظر عن البعد الاجتماعي أو العواطف الانسانية.