في الحي الذي كنتُ أسكن إحدى شققه، قبل ثماني سنوات، وعلى جدران البيوت المجاورة وبعض المنشآت الحكومية القريبة تنتشر عبارات التعصب الكريهة باحتفائها المبالغ فيه بأنديتها المفضلة وبتحقيرها للمنافسين من الأندية الأخرى، بل إن صناديق القمامة -أكرم الله القراء- حوّلها أولئك الصبية المتعصبون (لا يتعدى عمر أكبرهم 15 عاما)- إلى مقرات للفرق الكروية، فهذا اتحادي يكتب على جانب مقلب الزبالة بخط أسود واضح «هنا بيت الهلال» فيلجأ الآخر إلى الانتقام منه متجها إلى صندوق قمامة قريب من سكن الاتحادي ويكتب بخط عريض «بيت الاتحاد»! وفي المدرسة وأيضا في تجمعات الواقفين بالقرب من المساجد بعد صلاة المغرب مثلا تسمع نقاشات أو على الأصح (صراخ) المعلمين والطلاب والمصلين حول الكرة، ولا يخرج المستمع إلا بآراء مغرقة في التعصب، بل إنني سمعت بنفسي قبل وبعد وأثناء مباريات المنتخب الأخيرة تعليقات تنحاز دائما إلى خدمة لاعبي الفرق المفضلة لأصحابها!.
وأذكر أنني مرة وفي موسم رياضي سابق بعد انتهاء المنافسات المحلية ومع بدء اقتراب موعد انطلاق تصفيات المونديال الأخير، حاولت أن أنسي أطفال الحي صراعات الأندية لأخرج بهم إلى أجواء كأس العالم والمهمات الوطنية الخارجية التي تنتظر منتخبنا، حيث مررنا على أكثر من محل رياضي لشراء قمصان جديدة للمنتخب فلم نجد في معظم المحلات شيئا، وفي اثنين منها فقط حصلنا على نوعين من القمصان القديمة والتي سبق أن ابتعناها قبل سنين.. سألت عن الجديد؟ رد البائع: «المستودعات مليانة بصراحة الإقبال على قمصان المنتخب ضعيف جدا بل يكاد ينعدم.. الأهلي والهلال هي اللي ماشية!».
لا أظن أن هذا المقال لا بد أن يشير إلى بعض التحليلات المصاحبة لمباريات المنتخب قديما والآن ولا التمثيل بأغلب الكتابات الرياضية، لا أحتاج إلى إشارة مثل هذه كي أثبت أننا نشجع المنتخب بقلوب (ملونة) وأن انتماءنا لفريقنا الوطني ليس انتماء واحدا قدر ما هو، مع الأسف، مجموعة انتماءات بعدد ألوان الأندية وربما بعدد لاعبيها.
في أرض عقليتنا الجمعية، والعقلية الرياضية الكروية على وجه الخصوص، ومنذ سنوات طوال، طوال جدا، يضرب التعصب بجذوره راسخا وعميقا، الأمر الذي يصعب معه إزالته بأسلحة بدائية كمقالة عابرة أو موعظة منبرية أو حوار فضائي!
لذا، أكرر وأقول: إنه من أجل كل الأطفال الذين ولدوا الآن وسيولدون بعد قليل، من أجل المستقبل، ينتظرنا عمل شاق وطويل يقوم على دراسات منظمة بأهداف محددة بعيدة المدى، تماما مثل الذي فعله ويفعله الأمير خالد بن عبدالله في أكاديمية النادي الأهلي، والتي تحتم الضرورة على سرعة استنساخ تجربته الخلاقة في كل المناطق والمدن؛ لأن عقلية اللاعب هي التي يجب أن تتغير أولا، وتبعا لذلك ستتغير عقلية الإداري والمشجع والكاتب.. وهو ما أعتقد أن أكاديمية النادي الأهلي أنشئت من أجله، حيث صناعة العقل، وصناعة اللاعب شرطان متلازمان لا ينفصلان لقيام حضارة كروية، وكرة حضارية راقية شكلاً ومضمونا.
كل التوفيق لفريقنا الوطني في تجاوز المتبقي من نزالات تصفيات مونديال روسيا 2018.
وأذكر أنني مرة وفي موسم رياضي سابق بعد انتهاء المنافسات المحلية ومع بدء اقتراب موعد انطلاق تصفيات المونديال الأخير، حاولت أن أنسي أطفال الحي صراعات الأندية لأخرج بهم إلى أجواء كأس العالم والمهمات الوطنية الخارجية التي تنتظر منتخبنا، حيث مررنا على أكثر من محل رياضي لشراء قمصان جديدة للمنتخب فلم نجد في معظم المحلات شيئا، وفي اثنين منها فقط حصلنا على نوعين من القمصان القديمة والتي سبق أن ابتعناها قبل سنين.. سألت عن الجديد؟ رد البائع: «المستودعات مليانة بصراحة الإقبال على قمصان المنتخب ضعيف جدا بل يكاد ينعدم.. الأهلي والهلال هي اللي ماشية!».
لا أظن أن هذا المقال لا بد أن يشير إلى بعض التحليلات المصاحبة لمباريات المنتخب قديما والآن ولا التمثيل بأغلب الكتابات الرياضية، لا أحتاج إلى إشارة مثل هذه كي أثبت أننا نشجع المنتخب بقلوب (ملونة) وأن انتماءنا لفريقنا الوطني ليس انتماء واحدا قدر ما هو، مع الأسف، مجموعة انتماءات بعدد ألوان الأندية وربما بعدد لاعبيها.
في أرض عقليتنا الجمعية، والعقلية الرياضية الكروية على وجه الخصوص، ومنذ سنوات طوال، طوال جدا، يضرب التعصب بجذوره راسخا وعميقا، الأمر الذي يصعب معه إزالته بأسلحة بدائية كمقالة عابرة أو موعظة منبرية أو حوار فضائي!
لذا، أكرر وأقول: إنه من أجل كل الأطفال الذين ولدوا الآن وسيولدون بعد قليل، من أجل المستقبل، ينتظرنا عمل شاق وطويل يقوم على دراسات منظمة بأهداف محددة بعيدة المدى، تماما مثل الذي فعله ويفعله الأمير خالد بن عبدالله في أكاديمية النادي الأهلي، والتي تحتم الضرورة على سرعة استنساخ تجربته الخلاقة في كل المناطق والمدن؛ لأن عقلية اللاعب هي التي يجب أن تتغير أولا، وتبعا لذلك ستتغير عقلية الإداري والمشجع والكاتب.. وهو ما أعتقد أن أكاديمية النادي الأهلي أنشئت من أجله، حيث صناعة العقل، وصناعة اللاعب شرطان متلازمان لا ينفصلان لقيام حضارة كروية، وكرة حضارية راقية شكلاً ومضمونا.
كل التوفيق لفريقنا الوطني في تجاوز المتبقي من نزالات تصفيات مونديال روسيا 2018.