اسمحوا لي أن أكون الوحيد الذي يختلف معكم في ردود الفعل حيال حديث وزراء الثامنة الشهير. واسمحوا لي أن أعتبر الوزيرين ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط ثلاثي الإفصاح، وأن أعتبر الاقتصاديين الذين عقبوا على حديثهم في حلقة الثامنة يوم الأحد الماضي رباعي التنظير. وبالمناسبة لست مع كل ما قاله الوزراء ولست ضد كل ما قاله الاقتصاديون. المسألة بالنسبة لي هي أننا كمواطنين واقعون في هذه المرحلة بين مطبين كبيرين: التنفيذي الذي نتحفظ على أدائه والمنظر الذي لم نجربه.. وكلاهما لا يأخذاننا إلى طريق تنموية واقتصادية صحيحة تخلصنا من رمادية المرحلة.
شيء آخر وهو أن المواطن السعودي لا يحب الحقيقة بعد أن طال به الأمد مع التطمينات والمبشرات التي لا تستند إلى حقائق ودراسات علمية محكمة تقول له ما هو وضع بلاده وما هو موقعه من هذا الوضع. ولذلك يهجم على التنفيذيين الذين غيروا لغتهم التطمينية إلى لغة عملية، ويصفق للمنظرين الذين بالغوا في توصيف الوضع الاقتصادي وبأنه على خير ما يرام وليس هناك ما يستدعي القلق أو يثير الشبهات حول حالة اقتصادنا بعد بضع سنوات.
وإذا سلمنا بلغة المنظرين التطمينية فكيف، في ظل مصدات اقتصادنا القوية كما يقولون، كيف نفسر إلغاء مشاريع بمليارات الريالات لأن وضعنا الاقتصادي صعب.؟! وكيف نفهم اقتراضنا لأول مرة في عمر المملكة من الخارج بعد الاقتراض الكبير من الداخل.؟! ثم كيف نفهم إيداع مؤسسة النقد ودائع مباشرة في عدد من البنوك ومنها بنك البلاد بهدف تخفيف حدة انخفاض السيولة.؟!
قد يكون التنفيذيون بالغوا في حكاية (الإفلاس) و(إنتاجية الساعة الواحدة) لكن هذه المبالغة لا تعني أن يخرج رباعي التنظير ويقول (كله تمام) لأننا نملك ربع احتياطي العالم من النفط ولأن قيمة هذا النفط تساوي تريليونات من الدولارات، ولأننا نملك احتياطيات مالية ضخمة. كلنا نعرف ذلك لكن ما لم يقولوه لنا هو إلى أي مدى ستكون سلعة النفط مطلوبة في المستقبل وبأي سعر.؟! وما هي احتمالات تآكل هذه الاحتياطات في ظل أوضاع السوق العالمية وضمن وتيرة الأوضاع الإقليمية التي تتهددنا من كل الجهات.؟! البضاعة التي لا تشترى أو تشترى بأقل سعر أو بسعر أقل من تكلفة إنتاجها لا قيمة لها حتى لو بلغت كمياتها تريليونات الأطنان. يصبح وجودها مثل عدمها، بل قد تصبح عبئا اقتصادياً يعطل مسارات أخرى كما حدث في العقود الماضية.
لذلك، وبناء على ما سبق، قد نعتبر هذا النقاش الذي قادته الثامنة جيدا وصحيا، لكن في المقابل لا بد أن نراجع ردود أفعالنا على ما قاله الوزراء ونراجع تصفيقنا لما قاله الاقتصاديون. الحقيقة هي مطلبنا الأكيد في هذه المرحلة الضبابية. وأنا شخصيا أرى، مع احترامي لآراء الجميع، أن الوزيرين ونائب الوزير أقرب إلى هذه الحقيقية؛ فهم، على الأقل، أتوا من مكاتب صناعة القرار وحملوا بأيديهم دراسات وتقارير أصدرتها لجان معتمدة، بينما أتى المنظرون من الشارع ولم يقدموا دراسات مقنعة بقدر ما قدموا انطباعات إعلامية كلنا نستطيع تقديمها من غير أن نتخصص أو تكون لدينا دوراً استشارية. وإذا خرج أحدهم غدا وقال هذه دراستي العلمية عن إنتاجية الموظف السعودي فسوف أرفع له القبعة وأقبل رأسه.
شيء آخر وهو أن المواطن السعودي لا يحب الحقيقة بعد أن طال به الأمد مع التطمينات والمبشرات التي لا تستند إلى حقائق ودراسات علمية محكمة تقول له ما هو وضع بلاده وما هو موقعه من هذا الوضع. ولذلك يهجم على التنفيذيين الذين غيروا لغتهم التطمينية إلى لغة عملية، ويصفق للمنظرين الذين بالغوا في توصيف الوضع الاقتصادي وبأنه على خير ما يرام وليس هناك ما يستدعي القلق أو يثير الشبهات حول حالة اقتصادنا بعد بضع سنوات.
وإذا سلمنا بلغة المنظرين التطمينية فكيف، في ظل مصدات اقتصادنا القوية كما يقولون، كيف نفسر إلغاء مشاريع بمليارات الريالات لأن وضعنا الاقتصادي صعب.؟! وكيف نفهم اقتراضنا لأول مرة في عمر المملكة من الخارج بعد الاقتراض الكبير من الداخل.؟! ثم كيف نفهم إيداع مؤسسة النقد ودائع مباشرة في عدد من البنوك ومنها بنك البلاد بهدف تخفيف حدة انخفاض السيولة.؟!
قد يكون التنفيذيون بالغوا في حكاية (الإفلاس) و(إنتاجية الساعة الواحدة) لكن هذه المبالغة لا تعني أن يخرج رباعي التنظير ويقول (كله تمام) لأننا نملك ربع احتياطي العالم من النفط ولأن قيمة هذا النفط تساوي تريليونات من الدولارات، ولأننا نملك احتياطيات مالية ضخمة. كلنا نعرف ذلك لكن ما لم يقولوه لنا هو إلى أي مدى ستكون سلعة النفط مطلوبة في المستقبل وبأي سعر.؟! وما هي احتمالات تآكل هذه الاحتياطات في ظل أوضاع السوق العالمية وضمن وتيرة الأوضاع الإقليمية التي تتهددنا من كل الجهات.؟! البضاعة التي لا تشترى أو تشترى بأقل سعر أو بسعر أقل من تكلفة إنتاجها لا قيمة لها حتى لو بلغت كمياتها تريليونات الأطنان. يصبح وجودها مثل عدمها، بل قد تصبح عبئا اقتصادياً يعطل مسارات أخرى كما حدث في العقود الماضية.
لذلك، وبناء على ما سبق، قد نعتبر هذا النقاش الذي قادته الثامنة جيدا وصحيا، لكن في المقابل لا بد أن نراجع ردود أفعالنا على ما قاله الوزراء ونراجع تصفيقنا لما قاله الاقتصاديون. الحقيقة هي مطلبنا الأكيد في هذه المرحلة الضبابية. وأنا شخصيا أرى، مع احترامي لآراء الجميع، أن الوزيرين ونائب الوزير أقرب إلى هذه الحقيقية؛ فهم، على الأقل، أتوا من مكاتب صناعة القرار وحملوا بأيديهم دراسات وتقارير أصدرتها لجان معتمدة، بينما أتى المنظرون من الشارع ولم يقدموا دراسات مقنعة بقدر ما قدموا انطباعات إعلامية كلنا نستطيع تقديمها من غير أن نتخصص أو تكون لدينا دوراً استشارية. وإذا خرج أحدهم غدا وقال هذه دراستي العلمية عن إنتاجية الموظف السعودي فسوف أرفع له القبعة وأقبل رأسه.