توجد، في الوقت الحاضر، «فئة»، تمثل نسبة من المثقفين و«الانتليجنسيا» العرب، تعرف بدفاعها المستميت عن الغرب المتنفذ، بصفة عامة، وتعمل (جاهدة) على «تبرير» كل سياسات هذا الغرب، مهما كانت، بل وتكاد «تتغنى» بأقواله وأفعاله، وتشيد بسياساته، وإن تمخض عن تلك السياسات - كما هو معروف، وكما يحصل كثيرا - إسالة أنهار من الدم العربي، وتدمير بعض البلاد العربية والإسلامية، وممارسة الاستعمار غير المباشر عليها، وتحطيم مستقبلها (دون وجه حق بين).
ومعروف أن التطاول على حقوق الآخرين، وهدر دمائهم، وتدمير مساكنهم - دون ذنب يذكر اقترفوه - يعرف (في قواميس الأديان والمنطق والعقل) بأنه: «عدوان» (Aggression)، وكثير مما يقوم به الغرب المتنفذ، من سياسات وتصرفات، ينطبق عليه هذا التعريف، ويجب - بالتالي - أن يسمى عدواناً حتى وإن لم يترتب على ذلك سوى: تسمية الأشياء بأسمائها.
ولكن هؤلاء يرفضون حتى وصف تلك الأفعال بـ«العدوان»؛ فهم يقولون: إن تلك هي «سياسة» تحاول خدمة مصالح معينة، ومن حق الدول «العظمى» والكبرى أن تعمل ما تشاء. إن اللوم يجب أن يكون على من يتيح لهذه الدول أن تفعل به ما تفعل؟! وكأنهم هنا يقولون إن الخطأ على المقتول، لا على قاتله.
ومن الأمثلة المؤلمة على هذا التوجه المؤمن بأن «القوى» دائما على حق: دعوة هؤلاء للتطبيع العربى مع الكيان العدوانى الصهيوني، تطبيعا مجانيا. إنه لمنطق عجيب، إن لم نقل غير ذلك. فالإنسان السوي، ناهيك عن المثقف السوي، لا يقبل أي عدوان، وإن وقع على حيوان، لا بشر، ناهيك إن وقع على إنسان من بني قومه، ويفترض أن ما يمسه من أذى سيطاله هو أيضاً بشكل أو آخر، عاجلاً أو آجلاً.
* * *
وعندما نناقش هذا الاتجاه، المتنامي - كما هو ملاحظ في بعض الإعلام العربي الحالي - بموضوعية، وبعيداً عن الانفعالات القومية والوطنية والفكرية، نجد أن من حق هؤلاء أن يكون لهم رأيهم، مهما اختلفنا معه. ومن حق غيرهم أيضاً أن يكون لهم رأيهم، وقناعاتهم. إنهم ينافحون عن الغرب المتنفذ وإسرائيله، وسياساته مهما كانت سلبية، على أساس عوامل؛ أهمها:
1- قولهم: إن من حق هذا الغرب، خصوصا دوله «العظمى» والكبرى والـ«متفوقة»، أن يتخذ ما يريد من سياسات، يرى أنها تخدم مصالحه، وتزيد قوته، وتكفل نموه، وأن تضمن ذلك إنزال ظلم أو إجحاف بآخرين وببلادهم؟! ولكنهم يصرون على تبرئة أحبائهم المتنفذين من الظلم والإجحاف.
2- قولهم: إن أقوال وأفعال معظم العرب والمسلمين تؤهلهم لاستحقاق ما يجرى لهم، على يد هذه القوة أو تلك. أي: أن «وضع» (حالة) العرب والمسلمين - وواقعهم - يسهل (ويبرر) حتى لمن هم أقل من هذا الغرب شأنا، أن يعمل ما يشاء ضدهم، ويكيد لهم كما يحلو له.
ويتساءلون: أين الدفاع السليم والإيجابي للعرب والمسلمين عن حقوقهم؟! أليس معظم العرب والمسلمين في وضع مزر، ومتخاذل ومتواطئ، بوجود هذه الدول، أو عدمه؟! (وتساؤلهم هذا في محله، ولكنهم هنا يتجاهلون تماماً دور الغرب في ما فيه العرب والمسلمون أصلا، من تدهور ذاتي خطير. إذ ينكرون أن يكون لذلك الغرب دور يذكر في حالة العرب الراهنة البائسة).
أذكر أن أحدهم سألني ذات يوم: لو كنا نحن الأقوى، ماذا كنا سنفعل بالغرب؟! فقلت: إن حدثت معجزة العصر، وصرنا في ذلك الوضع، فإن اعتداءنا على آخرين يجب أن يحسب اعتداء، وأن لا يبرر أو يسكت عنه. بل ينبغي أن يشجب، ويوقف، ويعاقب المتسببون فيه؛ هذا إن كنا نريد حضارة على خلق نبيل، لا حضارة همجية غاشمة، تخفي السموم في الدسم. ثم إن الأقوى يمكن أن يحقق معظم أهدافه، إن اتبع أسلوب «لأستفيد – وأفيد»، أو ما يسمى بوضع «Win – Win» لا وضع «لأستفيد، وليتضرر من يتضرر». صحيح أن معظم العرب في وضع لا يحسدون عليه، ولكن ذلك لا يبرر قبول سحقهم والعدوان عليهم، والتودد لجلاديهم. كم يستغرب أن يأتي هذا التبرير من قبل بعض بني جلدتهم.
ومعروف أن التطاول على حقوق الآخرين، وهدر دمائهم، وتدمير مساكنهم - دون ذنب يذكر اقترفوه - يعرف (في قواميس الأديان والمنطق والعقل) بأنه: «عدوان» (Aggression)، وكثير مما يقوم به الغرب المتنفذ، من سياسات وتصرفات، ينطبق عليه هذا التعريف، ويجب - بالتالي - أن يسمى عدواناً حتى وإن لم يترتب على ذلك سوى: تسمية الأشياء بأسمائها.
ولكن هؤلاء يرفضون حتى وصف تلك الأفعال بـ«العدوان»؛ فهم يقولون: إن تلك هي «سياسة» تحاول خدمة مصالح معينة، ومن حق الدول «العظمى» والكبرى أن تعمل ما تشاء. إن اللوم يجب أن يكون على من يتيح لهذه الدول أن تفعل به ما تفعل؟! وكأنهم هنا يقولون إن الخطأ على المقتول، لا على قاتله.
ومن الأمثلة المؤلمة على هذا التوجه المؤمن بأن «القوى» دائما على حق: دعوة هؤلاء للتطبيع العربى مع الكيان العدوانى الصهيوني، تطبيعا مجانيا. إنه لمنطق عجيب، إن لم نقل غير ذلك. فالإنسان السوي، ناهيك عن المثقف السوي، لا يقبل أي عدوان، وإن وقع على حيوان، لا بشر، ناهيك إن وقع على إنسان من بني قومه، ويفترض أن ما يمسه من أذى سيطاله هو أيضاً بشكل أو آخر، عاجلاً أو آجلاً.
* * *
وعندما نناقش هذا الاتجاه، المتنامي - كما هو ملاحظ في بعض الإعلام العربي الحالي - بموضوعية، وبعيداً عن الانفعالات القومية والوطنية والفكرية، نجد أن من حق هؤلاء أن يكون لهم رأيهم، مهما اختلفنا معه. ومن حق غيرهم أيضاً أن يكون لهم رأيهم، وقناعاتهم. إنهم ينافحون عن الغرب المتنفذ وإسرائيله، وسياساته مهما كانت سلبية، على أساس عوامل؛ أهمها:
1- قولهم: إن من حق هذا الغرب، خصوصا دوله «العظمى» والكبرى والـ«متفوقة»، أن يتخذ ما يريد من سياسات، يرى أنها تخدم مصالحه، وتزيد قوته، وتكفل نموه، وأن تضمن ذلك إنزال ظلم أو إجحاف بآخرين وببلادهم؟! ولكنهم يصرون على تبرئة أحبائهم المتنفذين من الظلم والإجحاف.
2- قولهم: إن أقوال وأفعال معظم العرب والمسلمين تؤهلهم لاستحقاق ما يجرى لهم، على يد هذه القوة أو تلك. أي: أن «وضع» (حالة) العرب والمسلمين - وواقعهم - يسهل (ويبرر) حتى لمن هم أقل من هذا الغرب شأنا، أن يعمل ما يشاء ضدهم، ويكيد لهم كما يحلو له.
ويتساءلون: أين الدفاع السليم والإيجابي للعرب والمسلمين عن حقوقهم؟! أليس معظم العرب والمسلمين في وضع مزر، ومتخاذل ومتواطئ، بوجود هذه الدول، أو عدمه؟! (وتساؤلهم هذا في محله، ولكنهم هنا يتجاهلون تماماً دور الغرب في ما فيه العرب والمسلمون أصلا، من تدهور ذاتي خطير. إذ ينكرون أن يكون لذلك الغرب دور يذكر في حالة العرب الراهنة البائسة).
أذكر أن أحدهم سألني ذات يوم: لو كنا نحن الأقوى، ماذا كنا سنفعل بالغرب؟! فقلت: إن حدثت معجزة العصر، وصرنا في ذلك الوضع، فإن اعتداءنا على آخرين يجب أن يحسب اعتداء، وأن لا يبرر أو يسكت عنه. بل ينبغي أن يشجب، ويوقف، ويعاقب المتسببون فيه؛ هذا إن كنا نريد حضارة على خلق نبيل، لا حضارة همجية غاشمة، تخفي السموم في الدسم. ثم إن الأقوى يمكن أن يحقق معظم أهدافه، إن اتبع أسلوب «لأستفيد – وأفيد»، أو ما يسمى بوضع «Win – Win» لا وضع «لأستفيد، وليتضرر من يتضرر». صحيح أن معظم العرب في وضع لا يحسدون عليه، ولكن ذلك لا يبرر قبول سحقهم والعدوان عليهم، والتودد لجلاديهم. كم يستغرب أن يأتي هذا التبرير من قبل بعض بني جلدتهم.