-A +A
سعيد السريحي
يبدو من خلال المبادرة الأخيرة التي قدمها المبعوث الدولي لحل الأزمة اليمنية إسماعيل ولد الشيخ وأعلن الحوثيون وعلي عبدالله صالح قبولهم لها فيما رفضتها الحكومة اليمنية أن المبعوث ينطلق فيما يقدمه من مبادرات من مرجعيتين مختلفتين ومن موقفين متباينين، ولذلك تتباين مبادراته تباينا كبيرا وتنتهي كل واحدة من هذه المبادرات برفض الحوثيين وصالح لها مرة أو رفض الحكومة اليمنية لها مرة أخرى.

إحدى هاتين المرجعيتين تتمثل فيما هو معلن من قرارات الأمم المتحدة ونتائج الحوار الوطني في اليمن والمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، وهذه هي المرجعية الشرعية التي يتحدث عنها المبعوث الدولي بشكل علني، أما المرجعية الأخرى فتتمثل في التسليم بالأمر الواقع وتنطلق منه كي تنتهي إلى تدعيمه وشرعنته واتخاذه قاعدة ينبني عليها الحل، وهي المرجعية التي استندت إليها المبادرة الأخيرة للبمعوث الدولي مما دفع الحكومة اليمنية إلى رفضها، وهي مبادرة لا تشرعن الأمر الواقع وإنما تتنكر تنكرا واضحا لقرارات الأمم المتحدة نفسها التي أكدت على شرعية الرئيس هادي وحكومته واعتبرت ما قام به الحوثيون تمردا على الشرعية، وقد كان الأولى للمبعوث الأممي أن يكون وفيا مع قرارات الجهة التي أوفدته قبل أن يستسلم للأمر الواقع ويقدم مبادرة تشكل خيانة لتلك الجهة.


وإذا ما أعدنا مبادرات المبعوث الدولي إلى سياقها من الحرب في اليمن تبين لنا أن كل مبادرة تتخذ من الأمر الواقع مرجعية لها وتشرعن ما قام به الحوثيون تأتي في أعقاب هدنة تطلبها الحكومة اليمنية وتستجيب لها قوات التحالف في الوقت الذي يتم اختراقها فيه من طرف الحوثيين، وهو ما يعني أن تلك الهدنة تبعث برسالة خاطئة للمبعوث الدولي وكأنما يستشعر فيها استعداد الحكومة اليمنية للقبول بأي حل حتى لو جاء على حساب الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.