-A +A
محمد أحمد الحساني
أقرأ بين الفينة والأخرى مقالات صحفية أو أستمع لدعوات إعلامية عن وجوب العمل على تصحيح صورة الدول العربية في الإعلام الغربي، التي أخذ الإعلام العالمي يتناولها الواحدة تلو الأخرى مندداً بما يحصل فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان أو انتشار للفساد أو تباطؤ في النمو أو مظاهر فقر واسعة الأرجاء، وجودها قد يكون غير مبرر في بعض تلك الدول.

وليس لدي أدنى اعتراض على دعوة التصحيح، لاسيما إذا كانت الصورة الحقيقية لأوضاع العالم العربي في المجالات التي يدور حولها النقد الغربي هي صورة بهية أو حتى مقبولة، ولكن أم المشاكل هو أن ما يطرحه الكتاب الصحفيون والإعلاميون العرب من دفاع مستميت عن أمتهم العربية وعن صورتها في الإعلام الغربي، لم يقنع قط معظم أبناء الأمة العربية نفسها، فإذا قرأ الواحد منهم مقالاً صحفياً أو سمع إعلامياً يصيح بأعلى صوته داعياً إلى وجوب تصحيح الصورة لدى الإعلام الغربي لوى رأسه وألقى بالجريدة جانباً أو غير القناة لعدم اقتناعه أصلاً بما قرأ أو سمع.. ربما لأنه يرى الواقع الباهت أمامه ويعيش في قلب الصورة المراد تغييرها لدى الإعلام الغربي وهي صورة غير مقنعة بالنسبة له فكيف يمكن إقناع «الآخرين» بأن ما يقولونه عن أوضاع الأمة العربية دولاً وشعوباً وحكاماً غير صحيح وأن التشويه يطال تلك الصورة، إذا كان معظم «أهل البيت» من أبناء الأمة العربية غير مقتنعين بما يطرح من دفاع وتبرئة للأمة العربية مما يقال ضدها في الإعلام الغربي، وبالتالي فإنه لا نفع لما يهدر من حبر وورق وأموال لتصحيح صورة أصلها مائل ووضعها بائس، وإنما النفع يكون في تغيير الواقع العربي إلى الأفضل بما يجعل الشعوب العربية نفسها تقتنع أنها تسير على الطريق القويم وبقيادات راشدة ووفق تخطيط واقعي سليم، وعندها فقط سوف يتم تصحيح الصورة لدى الإعلام الغربي وسوف يعجز الإعلام المعادي عن الاستمرار في التشويه المتعمد للصورة لأنها ستكون أقوى من أي تشويه وإلا فلا؟.