-A +A
عبدالله صادق دحلان
في الأسبوع الماضي عقد الملتقى الاقتصادي الأوروبي العربي بعنوان شراكة من أجل التنمية والتطوير في أثينا عاصمة دولة اليونان بتنظيم من مجموعة الاقتصاد والأعمال بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي واتحاد الغرف العربية وبحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومعظم الدول العربية ممثلة بالغرف التجارية، وغاب عن الحضور معظم رجال الأعمال الخليجيبن وغرفهم التجارية، واكتفوا بتمثيل أمين عام اتحاد الغرف الخليجية الأستاذ القدير عبدالرحيم نقي، وشاركت مدعوا كمتحدث في إحدى الجلسات. والحقيقة لقد كنت مترددا في الحضور والمشاركة لسببين الأول الدعاية الإعلامية السيئة عن الوضع الاقتصادي لليونان وتصنيفها بالإفلاس وكأنها دعاية مستهدفة لضرب الاقتصاد اليوناني، والسبب الثاني هو استيائي من موقف بعض الدول الأوروبية تجاه المهاجرين العرب لها نتيجة أزمة سورية، ولكنني قررت قبول الدعوة وتوجهت لليونان عن طريق إسطنبول لعدم توفر طيران مباشر من السعودية إلى اليونان بعد أن كان هناك ثلاث رحلات أسبوعيا إلى أثينا في الثمانينات. وبصعوبة وجدت حجوزات على إحدى الطائرات التركية بسبب الضغط الكبير من السياح للسفر إليها، كما وجدت صعوبة أخرى في الحجز في أحد الفنادق الجيدة وذلك بسبب كثرة الزوار وقلة الغرف. وبعد ثلاثة أيام لم أكتشف أن هناك أزمة اقتصادية تعيشها البلاد. وقد يكون الإعلام قد استهدف الاقتصاد اليوناني لأسباب معينة، وحتى وإن كان الدين العام عاليا وعمولته كبيرة إلا أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة تبدو قادرة على إعادة جدولة ديونه.

وخلال حضوري للملتقى علمت أن أحد صناديق أبوظبي أنهى أخيرا صفقة شراء أشهر فندق سياحي في أثينا (أيستر) بمبلغ 400 مليون يورو. ووجدت أن هناك حضورا قطريا للاستثمار في بعض الفرص الاستثمارية المتاحة. واستمعت إلى كلمة رئيس الوزراء اليوناني والذي عبر عن دعمه ومساندته للعرب والمسلمين والقضية الفلسطينية والحق الشرعي للفلسطينيين لبناء دولتهم.


ورحب بالمستثمرين العرب وصناديق الإستثمار واستمعت إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي ورسائلهم القوية المتضمنة استعدادهم الكامل أن يضاعفوا التعاون مع الدول العربية في مختلف المجالات. واستعدادهم أن يكونوا أفضل بديل لشريكنا الإستراتيجي في التجارة ونقل التقنية وفتح الأسواق والمساهمة في مشاريع مشتركة. لقد أكد ممثل الاتحاد الأوروبي للهجرة أن دول الاتحاد الأوروبي ترحب كل الترحيب بالمهاجرين العرب، وستعمل على إعادة بنائهم وصقلهم ليكونوا جزءا من المجتمع الأوروبي المنتج، وصرح بأن دول الاتحاد الأوروبي ترحب بالمهاجرين المسلمين والمسيحيين وترفض الإرهاب وترفض ربط الإرهاب بالإسلام وهو دين السلام.

أما كلمتي فتضمن جزء منها الإجابة عن الأسئلة التي واجهتني من بعض رجال الأعمال ورؤساء الشركات الأوروبية على هامش افتتاح الملتقى والتي تركزت على الاستفسار عن حقيقة (إفلاس الدولة السعودية) والذي تداولته وسائل الإعلام الدولية مستهدفة الإساءة لاقتصاد المملكة. وكان ردي لهم لا ولن ولم تفلس المملكة العربية السعودية. وهناك فرق بين عجز الموازنة وعجز الاقتصاد، فعجز الموازنة هو الفرق بين المصروفات والإيرادات لصالح المصروفات وهو عجز يواجه معظم ميزانيات دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة صاحبة أكبر العجوزات في ميزانيتها وصاحبة أكبر استدانة لسد العجز. وهو أمر طبيعي ولا ضرر فيه إذا كانت نسب الاستدانة في المعدل المسموح به دوليا. وعجز الاقتصاد هو إما نفاد الموارد أو عدم وجود موارد أخرى، أو عدم القدرة على استخراج الموارد الأخرى، أو عدم القدرة على استغلال الموارد الأخرى، فالعجز هنا مرتبط بوجود الموارد وبالقدرة على استغلالها.

وينتفي هذا العجز إذا توفرت الخطط والإمكانات لاستغلال هذه الموارد المعطلة. وفي اقتصاد المملكة يوجد العديد من الموارد الأخرى ولم تستغل الاستغلال الأمثل مثل الثروات المعدنية والذهب والفوسفات والألمونيوم وغيرها، إضافة إلى الاستغلال الأمثل للسياحة الدينية والخدمات المرتبطة بالعمرة والحج وزيارة المقدسات والأماكن الأثرية. وهذا يدفعني إلى الاقتراح بأن يكون للدولة متحدث اقتصادي رسمي يصرح باسم الدولة، ويؤكد أو ينفي أي شائعات مسيئة لاقتصاد المملكة داخليا او خارجيا؛ لأن الاجتهادات كثيرة والتحليلات أكثر واختلاف رأي الخبراء الاقتصاديين يقلق العامة من المواطنين والمتابعين. وينبغي أن لا نصمت على أي شائعة تنشر محليا أو دوليا تؤثر على اقتصادنا والثقة فيه. كما أنني أتمنى أن نعيد فتح ملف العلاقات الخليجية الأوروبية لنصل إلى اتفاق يرضي الطرفين ونحن في أشد الحاجة الماسة إلى تكتل شركاء اقتصاديين في المرحلة القادمة وعلى وجه الخصوص تكتل الاتحاد الأوروبي والصين والهند.