-A +A
عزيزة المانع
كان فعلا مفاجئا لرواد مقهى الراوي، مصادرة وزارة الثقافة لمحتوياته من الكتب!! فما يعرفه الرواد هو أن المقهى مصرح بإقامته، وأن الكتب المعروضة على رفوفه مجلوبة من معرض الكتب الذي يقام في الرياض كل عام، فما هو الخطأ الذي وقع فيه هذا المقهى، لتصادر محتوياته الثقافية؟!

أليس من حق رواد المقهى على الوزارة، وهي ربة الثقافة وحاضنتها أن تصدر بيانا توضح فيه لهم، الملاحظات التي لديها على الكتب المتاحة في المقهى إن كان ثمة ملاحظات؟ أو أن تشرح لهم لماذا هي مضطرة إلى ارتكاب هذا الفعل، الذي قد يبدو لكثيرين غريبا وصادما وغير متوقع صدوره البتة من وزارة (ترعى) الثقافة!!


مقهى الراوي لم أزره من قبل، وأظنه لا يفتح أبوابه للنساء، ولكني حين سمعت بخبر مصادرة آلاف الكتب الموجودة فوق رفوفه، استغربت حدوث ذلك، فحتى على افتراض وجود بعض الكتب المحظور تداولها داخل المملكة، لمَ لم يُكتفى بمصادرة تلك الكتب وحدها؟ ولمَ امتد الأمر ليشمل جميع الكتب؟!

فعل الوزارة هذا، جعل الكتب تبدو لكثيرين، شيئا مضرا يجب مصادرته وإتلافه، تماما كما يفعل مراقبو البلدية الذين يتلفون الأطعمة الفاسدة والبضائع المضرة بالصحة!!

إظهار الكتب بهذه الصورة يحمل رسالة تنفير منها، فهو يبث الخوف من الكتب في قلوب الناشئة، خشية أن يقع في أيديهم كتاب محظور أو مصنف من الكتب المضرة، فيلحقهم ضرر منه!

في البيئة الثقافية المعادية للكتب، التي تصور الكتاب مملوءا بما يلوث العقل، وتحذر منه، وتجتهد في إتلافه أو إخفائه، هل يكون غريبا إن أدار الناشئة ظهورهم للكتب وازدادوا التصاقا بالإنترنت، ينهلون مما تسقيه لهم بحرية تامة، إن خيرا وإن شرا!!

إن مصادرة الكتب بهذه الطريقة تعني إتاحة الفرصة لمزيد من التمكين للإنترنت، وبدلا من أن يقسم الناشئ وقت فراغه بين الكتاب والإنترنت، فإنه بمثل هذه المصادرة، يعطي وقته كله لها.

مقهى الراوي كما عرفت، ليس المقهى الثقافي الوحيد في الرياض الذي تقدم فيه القهوة مصحوبة بكتاب، هناك مقاهٍ أخرى غيره منتشرة في بعض أحياء المدينة، فهل سيأتيها نصيبها من المصادرة هي أيضا؟ أم أن الأمر خاص بهذا المقهى؟ إن كان خاصا به وحده، أما كان من اللياقة تنبيه الرواد إلى الخطأ الذي ارتكبه مقهاهم ليكونوا رقباء على أنفسهم فلا يرتادون غيره مما قد يماثله في ارتكاب الخطأ؟!