تابعت مؤخراً نقاشا محتدما حول الفقر وكيف نحدد من هو الفقير ومن هو متوسط الدخل؛ ومتى يعتبر الشخص غنيا أو مستغنيا بدخله عن دعم الحكومات؟ الحقيقة أن نقاشا من هذا النوع ينتهي دائما إلى مسألة البيضة والدجاجة وأيهما أتى أولا، إذ ليس هناك رقم أو حالة قاطعة تقول إن هذا فقير أو تحت خط الفقر، وهذا مستغن أو فوق خط الغنى. الفقير في أمريكا أو السعودية ليس هو الفقير في بنغلاديش أو السنغال. ولا تنطبق معايير (الفقيرين) في هذه الدول تماما بتمام. مثلا قد نعتبر من لا يملك سيارة في المملكة فقيرا، ومن لا يملك مسكنا متوسط الدخل، بينما يجوز أن نعتبر من يسافر كل سنة للسياحة مبسوطا أو غنيا.
لكن، في المملكة أو في غيرها من الدول التي تعتبر دولا غنية، لا بد وأنه يوجد من لا يأكل لحمة طوال سنة كاملة لارتفاع سعرها، ومن يتكفف أحيانا عشاء عياله، ومن تستحي ابنته من الذهاب إلى المدرسة لضيق حال أسرتها ورداءة ملبسها. وهذا طبيعي لأنه لا يمكن أن تكون حياة الناس أو مكاسبهم متماثلة. ما هو غير طبيعي أن تأتي لمجتمع ثري وتقرر أن الفقير، المستحق للدعم إن وجد، هو من دخله 300 أو 200 دولار فأقل، بينما من زاد على ذلك فلا يستحق أي دعم من أي نوع أو لأي فئة.
مقاييس الفقر التي وضعتها منظمات الأمم المتحدة في الخمسينات أو الستينات لا يصح أن تكون هي ذاتها في عصر تفجر تكنولوجيا الاتصالات وتغير الثقافات و(انسياح) العالم على بعضه؛ بحيث أصبحت قادرا على التسوق من متجر في مدريد وأنت في مجلسك في الباحة أو الجوف. لا أقصد أن تتغير هذه المقاييس لتمكن الأقل حظا من أن ينافس الأثرياء في ملابسهم وأطباقهم وشهواتهم، وإنما أن يتحرك خط الأمم المتحدة العالمي للفقر من مستوى 1,25 دولار في اليوم للفرد إلى 5 دولارات مثلا. يعني أن يكون الحد الشهري لحياة الكفاف القسرية لكل فرد في هذا العالم 150 دولارا، أي حوالي 562 ريالا. ولكم أن تتخيلوا كيف سيعيش إنسان، في أي مجتمع، بهذا المبلغ في وقت ترتفع فيه أسعار كل شيء من المأكل والمشرب والبنزين والكهرباء والماء، فضلا عن مصاريف التعليم والتطبب.
هناك، في هذا العالم، ظلم كبير في تحديد مستويات الفقر التي تصل كل سنة إلى قاع أعمق من سابقه، بينما لا يوجد سقف للغنى. ولو كان هناك عدل لحدث العكس، وهو أن تهبط أسقف الثراء وترتفع قيعان الفقر، خاصة وأن سقف الغنى إذا هبط ليس له توابع، بينما للفقر زوابع مرعبة من بينها الجهل والمرض والجريمة.
لكن، في المملكة أو في غيرها من الدول التي تعتبر دولا غنية، لا بد وأنه يوجد من لا يأكل لحمة طوال سنة كاملة لارتفاع سعرها، ومن يتكفف أحيانا عشاء عياله، ومن تستحي ابنته من الذهاب إلى المدرسة لضيق حال أسرتها ورداءة ملبسها. وهذا طبيعي لأنه لا يمكن أن تكون حياة الناس أو مكاسبهم متماثلة. ما هو غير طبيعي أن تأتي لمجتمع ثري وتقرر أن الفقير، المستحق للدعم إن وجد، هو من دخله 300 أو 200 دولار فأقل، بينما من زاد على ذلك فلا يستحق أي دعم من أي نوع أو لأي فئة.
مقاييس الفقر التي وضعتها منظمات الأمم المتحدة في الخمسينات أو الستينات لا يصح أن تكون هي ذاتها في عصر تفجر تكنولوجيا الاتصالات وتغير الثقافات و(انسياح) العالم على بعضه؛ بحيث أصبحت قادرا على التسوق من متجر في مدريد وأنت في مجلسك في الباحة أو الجوف. لا أقصد أن تتغير هذه المقاييس لتمكن الأقل حظا من أن ينافس الأثرياء في ملابسهم وأطباقهم وشهواتهم، وإنما أن يتحرك خط الأمم المتحدة العالمي للفقر من مستوى 1,25 دولار في اليوم للفرد إلى 5 دولارات مثلا. يعني أن يكون الحد الشهري لحياة الكفاف القسرية لكل فرد في هذا العالم 150 دولارا، أي حوالي 562 ريالا. ولكم أن تتخيلوا كيف سيعيش إنسان، في أي مجتمع، بهذا المبلغ في وقت ترتفع فيه أسعار كل شيء من المأكل والمشرب والبنزين والكهرباء والماء، فضلا عن مصاريف التعليم والتطبب.
هناك، في هذا العالم، ظلم كبير في تحديد مستويات الفقر التي تصل كل سنة إلى قاع أعمق من سابقه، بينما لا يوجد سقف للغنى. ولو كان هناك عدل لحدث العكس، وهو أن تهبط أسقف الثراء وترتفع قيعان الفقر، خاصة وأن سقف الغنى إذا هبط ليس له توابع، بينما للفقر زوابع مرعبة من بينها الجهل والمرض والجريمة.