-A +A
علي مكي
الأهلي والهلال هنا في جدة، موعد جديد للمتعة التي لن تكتمل إلا بحضور طاغٍ للمجانين. الكلمة في اللقاء ستكون لجمهور الأخضر، بعون الكريم، عندما يملأ المكان، غداً، ويصنع من جوهرة جدة تمثالاً كريماً مرصعاً بالغناء والهتاف ومواويل الأهلي الطويلة.

وعندما أعول على جمهور الراقي كصاحب كلمة الحسم، فإنني لا أتحدث من فراغ وهذا ما يجب أن تدركه إدارة النادي ومدربوه ولاعبوه، ويكون دافعاً لهم لتصحيح الأخطاء الماضية ومكافأة هذا الجمهور الوفي والنادر والفريد والاستثنائي في عشقه وجنونه وفنونه وحضوره المتنوع، مكافأته بالمنافسة بقوة وقتال لانتزاع الكأس الثانية من أفواه المنافسين وإن كانوا أسوداً أو ليوثاً أو نموراً والمحافظة على اللقب لأن الأهلي ملك وسيد للكرة منذ القديم ولا يزال.


هل رأيتم جمهور الأهلي في ختام دوري جميل الموسم الفارط أمام الفتح؟ وقبلها بجولتين هل أبصرتموه في ليلة عرسه أمام الهلال؟ هل شاهدتم من قبل جمهوراً عظيماً يقدم الفن والمتعة أكثر من طرفي النزال؟ وهل أبصرتم كيف يغدو الجنون جميلاً ومقبولاً ومستحباً على يد أنصار الجماهير الخضراء والذين لا يجاريهم أحد في فنون العشق والهيام ومطارحة الغرام لمعشوقهم الأهلي؟

في كل مرة كنت أقتنص لحظات عابرة لمعانقة هذا المدرج الباذخ وغير العابر أبداً، فأخرج وقد استمتعت وطربت وانشجنت ورقصت وغنيت وانتشيت وصفقت وأنشدت وتمايلت وزهوت وتباهيت وطرت عالياً مفاخراً بهذا الجمهور العظيم، الذي أتفهم أن يهاجمه بعض المنافسين وبعض اللجان وبقية الفرق المحبطة بالخسارة والحرمان من جمهور يشبه الذي يرونه في جدة.

إنه جمهور الأهلي الأبي صاحب الوفاء والدور الفاعل في خدمة ناديه بالمشاركة الإيجابية وليس بالجلوس وأكل الفصفص والتصفيق البارد كما تفعل الجماهير في الرياض سواء في مشاركات فرقها أو مشاركات المنتخبات الوطنية. إنني أعذر الذين يذهبون لجماهير الأهلي لاستفزازهم أحياناً لأنهم من قبل لم يروا جمهوراً عاشقاً وقوياً كجمهور الأهلي وقوته في فنه وفي تقديم المتعة التشجيعية لكل المحايدين، فحتى الذين لا يحبون الكرة ولا يتابعونها سيقفون غداً، أمام شاشة التلفزيون، كما وقفوا كثيراً من قبل، إعجاباً واحتراماً لهذا المشهد الأخضر الفاتن، حتى أن المعلقين الكبار الذين يحاولون الحياد ينهزمون أمام جماهير الأهلي فينحازون للجمال طواعية ويعلنون أنهم يستمتعون بجمهور الأهلي أكثر من المباراة نفسها، ومَن غيرُ الأهلي يقدم المتعة الكروية؟ وإذا غاب فريق القدم عن تقديمها فإن الجمهور لا يغيب تبعاً لذلك بحضوره ووفائه ومساندته وجماله وابتكاراته ومبادراته التي كانت دائماً صاحبة الأولوية والسبق والريادة في كل شيء كما تجلى ذلك في النشيد الرسمي للنادي الذي ابتدعته الجماهير قبل سنوات فكرة وتنفيذاً وأداءً، ليأتي نادي الاتحاد بعد ذلك ويسير على درب الأهلي وهو شيء رائع أن يقلدك الآخرون لأن في هذا اعترافا بأولويتك وأسبقيتك وفرادتك بالنجاح والتميز.

ولو كنتُ غداً لاعباً أهلاوياً في نزال الهلال لخجلت من هذا الجمهور الذي يبادلني التحية قبل كل نزال مقدماً فروض المحبة والعشق الولاء في أبهى وأخلص صورها: «لك العهد والعشق والانتماء/‏ وخلفك نمضي صباح مساء/‏ لتبقى مجيداً وفخراً وعيداً وصرحاً فريداً يطال السماء/‏ أيا قلعة المجد والمجد أهلي/‏ أيا منبع الفن والفن أهلي/‏ سفير الوطن شموخ وفن/‏ وعبر الزمان سنمضي معاً/‏ وعبر الزمان سنمضي معاً/‏ وعبر الزمان سنمضي معاً».

وأقول للاعبي الأهلي أنتم محسودون على جمهوركم، فهو أثمن من مئات الألوف الموعودين بها ومن كل الملايين فبادلوه الحب والعشق احتراقاً وعملاً وكداً داخل الميدان لتمضوا معاً عبر الزمان وتعانقوا المجد.

Alimakki209@hotmail.com

Twitter

ali_makki2@