قضايا العنف الأسري لا تحل وإن تم إبلاغ السلطات عنها لأن الإجراء الرسمي معها في أفضل الحالات هو جعل الجاني يوقع ورقة بعدم تكرار العدوان على عائلته بما في ذلك جرائم التحرش، وهذا لا يساعد على تغيير سلوك الجاني إنما فقط يجعله أكثر حرصا على حبس الضحايا بعيدا عن أي وسيلة للتبليغ فهو لم يتعالج ليكتسب أنماطا بديلة، ودور الرعاية باتت بحد ذاتها مرعبة بالنسبة للضحايا حيث يتم احتجازهم فيها كالسجن ويتعرضون فيها لسوء المعاملة لغاية الضغط عليهم للعودة لمعنفهم، ثم تطالعنا الأخبار باستمرار عن إحصائيات مقلقة عن تزايد وبائي بحالات الطلاق وإحداها تقول إنها بلغت 60% وغالب قضايا المحاكم تتعلق بتبعات الطلاق كقضايا الحضانة والنفقة، وأيضا قضايا العضل وغيرها من قضايا السلوكيات السلبية بحق أفراد الأسرة، وأنماط التربية السيئة تشوه الأجيال وتصيبهم بالأمراض النفسية والعقلية والجنوح، ثم هناك ظاهرة تتمثل في ارتفاع معدلات العودة للسجون وإصلاحيات الأحداث وأيضا مستشفيات ومراكز علاج الإدمان، وهناك تعثر في تفعيل العقوبات البديلة على مخالفات لا تستحق العقوبات الجنائية كالسجن والجلد وغيابها يؤدي لازدحام السجون، وسجن أشخاص لمخالفات غير جنائية وبخاصة صغار السن مع المجرمين والمنحرفين يفسدهم ويجعلهم يتطبعون على الأنماط الإجرامية والسيئة والمتطرفة ويجعل عليهم وصمة تدمر حياتهم، ثم إن حفظ القرآن بحد ذاته لا يصلح سلوك الشخص كما قال النبي في وصف الخوارج إن القرآن لا يجاوز تراقيهم أي لا حقيقة له في أخلاقهم وسلوكهم، ولهذا تخفيض مدد العقوبات فقط لحفظ القرآن لا يضمن أنه حصل تغير حقيقي في سلوك السجناء، ومن جهة أخرى انتشرت جرائم العنف والقتل على أهون سبب في المدارس والشوارع وحتى البيوت للافتقار لمهارات السيطرة على الانفعالات، ثم ماذا يفعل من يلاحظ التطرف والغلو على فرد من أفراد عائلته أو أصدقائه وإن كان لا يشك بموالاته لجماعة إرهابية؟ ثم كثرت حالات السمنة المفرطة للدرجة التي تجعل صاحبها عاجزا عن الحركة وتجعله يتطلب عناية طبية وتبعات البدانة تستنزف ميزانيات الصحة سواء في العلاج داخل أو خارج البلد، كل هذه الظواهر تستوجب إيجاد ما يشبه الجامعات البديلة لتعليم مهارات الحياة السليمة بحيث يمكن للأفراد التسجيل فيها لتنمية معرفتهم بالسلوكيات الرشيدة في مجال ما، وأيضا لتكون جزءا من برنامج العقوبات البديلة وإعادة التأهيل السلوكي، وستضبط فوضى دورات أدعياء التنمية الذاتية، ولعلها تصبح في مكة والمدينة جزءا من برنامج الزوار والحجاج.