-A +A
عبده خال
خلال ثلاثة أيام كانت موجة الإرهاب منهمكة في استكمال مشروعها الإرهابي من خلال ضرب تركيا ومصر، وليس بعيدا أن نسمع في الغد حدوث كارثة في أي مكان، وتغير مواقع الإرهاب على الخريطة العالمية يشي بأن الحلول المتبعة لمحاربته لاتزال قاصرة عما يجفف أدمغة الإرهابيين لكي يقلعوا عن أفكارهم والتدليل على القصور أننا نجد أشخاصا يتقاطرون للدخول إلى هذا الفكر إما بالالتحاق العسكري أو التنظيمي أو التمويلي.

ومع كل سفك دماء تعود المطالبة بتجديد الخطاب الديني، والاستغراب أن هذه الدعوة تحولت الى (كليشات) صحفية تم استنساخها من قبل الكثير الذين يظهرون في وسائل الإعلام سواء كانوا مسؤولين سياسيين أو محليين لبرامج إخبارية، بينما لا تجد رجل دين ضمن إطار الفكر المتشدد يقول أو يقبل بتوزيع هذا المصطلح على مريديه (بالرغم من وجوده كموظف داخل مؤسسة دينية حكومية)... أي أن الدعوة لتجديد الخطاب الديني صياغة خرجت من أفواه المثقفين وتبنتها الدول كمحاولة للتجفيف، فسارعت إلى تغير المناهج وتكثيف الندوات والمحاضرات وفي كل الحالات لم تصل الدول إلى شيء يذكر من التجديد، كما أن تزايد عمليات الإرهاب في العالم يعطى إشارة أن تجديد الخطاب يحدث شكليا، بينما هي عاجزة عن إحداث تغير على الأقل بين مؤسساتها وأفرادها العاملين فيها حتى بلغ الأمر أن المتحدثين في تلك المؤسسات يرفضون فكرة التجديد وإن تم قبول المصطلح لكن الجميع يسير بنفس نمط التفكير القديم.


فنسمع منهم - في وسائل الإعلام - المفردات والأحكام التي يؤمن بها الإرهابي نفسها ويشرعن كل جرائمه بنفس الأدلة التي يستخدمها من أوكلت إليه الدولة مهمة التغير.

بمعنى أن الطالب العامل على إحداث التغير يعيد استنساخ الفقه الذي يستند إليه الإرهابي، والطامة تقبع هنا.

ولن ينتهي الإرهاب في الوقت الراهن إذ لم يتم تفنيد بعض الفتاوى في إرثنا الفقهي الإسلامي والرد عليها بالنقد وحلحلة أحكامها الفقهية بفقه معاصر يتناسب مع الزمن... إذ لا يمكن تسير المجتمعات الحديثة بجملة فتاوى قيلت قبل مئات السنوات ولاتزال تحكمنا.

وهذه المهمة لا يصلح لها إلا مجددو الأفكار في الفقه الإسلامي، وليس من قام أو يقوم بنسخ المجلدات التراثية قولا وفعلا وترويجا.