-A +A
خالد الوابل
سأحاول في هذا المقال الكتابة عن الماضي القريب لمدينتي الخرج وما تسعفني فيه الذاكرة. وأستأذن أصدقائي في مجموعة زمن الخرج الجميل باستعارة الاسم عنوانا لمقالي.

ماضي الخرج لا يختلف كثيرا عن ماضي بقية مدن المملكة، وتحديدا في فترة نهاية الستينات إلى نهاية السبعينات أو مع بداية الطفرة النفطية الأولى والتي بدأت في 1975.


ولكن ما يميز مدينة الخرج في ذلك الوقت أنها كانت منطقة جاذبة لجميع أبناء المملكة والذين استقروا بعدها في الخرج، وذلك بسبب فرص العمل مقارنة ببقية مدن المنطقة الوسطى، ولهذا مجتمع الخرج هو تشكيلة رائعة من جميع مناطق المملكة، وهذه ميزة تميزه عن بقية مدن نجد بالذات.

الحنين للماضي يبدو أنه فطرة بشرية والكل يحن لماضيه بحلوه ومره.

ولكن مع الأسف لم يكن حاضرنا امتدادا أو متسقا مع ماضينا، فقد طرأت كثير من الظروف الاقتصادية منها والاجتماعية جعلت هناك فجوة أو حلقة مفقودة بين الماضي والحاضر، فلم نعد كما كنا وتحديدا في السلوك الفردي، فماضينا على مستوى إنتاجية الفرد والجدية في التعليم والمشاركة الاجتماعية تفوق بمراحل حاضرنا!.

في ماضي الخرج كانت «كل» المهن يقوم بها أبناء البلد من السعوديين، وأشدد هنا على «كل»، لأنه بالفعل لم يكن هناك «وافد» إلا بعض الإخوة العرب في قطاع التعليم والطب.

فالكهربائي والسباك والمزارع والبائع.. جميعهم من أبناء الوطن، وهذا يعطينا دلالة واضحة أن وصم المواطن اليوم بالكسل أو الاتكالية أمر طارئ علينا وليس متأصلا فرضته ظروف فتح الباب على مصراعيه للعمالة الوافدة الرخيصة وغير المؤهلة وسوق عمل عشوائي غير منظم.

فقد كان هناك تنظيم لساعات العمل في قطاع التجزئة تلقائيا يبدأ صباحا إلى صلاة الظهر ويعود من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء، ولهذا كان هناك توفيق بين العمل والواجبات الاجتماعية جعلت المواطن منافسا وقادرا وهذا ما نفتقده اليوم في سوق العمل.

أما التعليم فتلك قصة أخرى، فالموسم الدراسي كان «مزحوما» بالأنشطة ولم تكن المدرسة لإعطاء الحصص فقط وإنما كانت شعلة نشاط للعمل اللا صفي، فهناك جمعيات النشاط «الرسم، المسرح، النشيد، المكتبة، المسابقات،..» التي تصقل مواهب الطالب، والنشاط الاجتماعي مثل «أسبوع المرور، أسبوع الشجرة، أسبوع النظافة،..»، والنشاط الرياضي ودوري المدارس. وأتذكر هنا مدرسة اليرموك وثمامة وموسى بن نصير.

وهذا مانفتقده اليوم في مدارسنا، فلا نشاط يذكر ولا جدية في التعليم!.

وللأندية الرياضية «نادي الشعلة والكوكب» كذلك دور في الشأن الاجتماعي، فقد كانت أندية رياضية اجتماعية ثقافية وبالفعل كانت كذلك.

فالنادي لايقتصر نشاطه على كرة القدم فقط وإنما هناك أنشطة للألعاب الجماعية والفردية، إضافة إلى النشاط الثقافي «مسرح وسينما وحفلات غنائية وتمثيل» تقام مع نهاية كل موسم رياضي، ونشاط ثقافي وخاصة في شهر رمضان المبارك.

وأخيرا ربما لهذا السبب يحن جيلنا إلى ماضيه أكثر من غيره، وكم كنت أتمنى أن يكون حاضرنا امتدادا وتطويرا لماضينا.

تغريدة:

«الخرج».. وأهله عبارة عن قنّينة عطر مخلّط نتج عنه رائحة من أطيب الروائح التي انتشرت في هذه البلاد.. يحيى العطيان