من الواضح أن اليمنيين الممسكين بقرار الحرب والسلام لم ترتفع معدلات المسـؤولية الأخلاقية عندهم حدا يدفعهم للدخول في مباحثات جادة ومخلصة لإنهاء الحرب المدمرة التي أحالت مستقبل البلاد أطلالا ستدفع أثمانها أجيال كثيرة، ومن اليقين أن لا أحد من المتصارعين على السلطة يدرك حجم الكارثة الإنسانية التي تجثم على صدور اليمنيين.
لم تتوقف المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني عن التحذير من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية وأعلنت الأمم المتحدة (أن أكثر من ٨٠٪ من سكان اليمن بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية وأن القتال تسبب في تدمير الاقتصاد الهش ونشر الجوع والمرض)، كما ارتفعت معدلات العنف ضد الأطفال والنساء.
من غير المتوقع أن المسؤولين اليمنيين قد اهتموا بهذا الأمر، فسلطة (الانقلاب) لا تعير هذه الكارثة أي اهتمام مكتفية بإلقاء المسؤولية على الحرب بينما الجميع يعلم أن فساد القائمين عليها قد فاق في نسبة ما كان المسؤولون يمارسونه قبل ٢٠١١م ويبدو الأمر كما لو كان سباقا مع الزمن، وفي المقابل فإن ممثلي (الشرعية) لم يقدموا نموذجا أفضل من أقرانهم (الانقلابيين) وليس معقولا أن يبرروا استمرار العجز متذرعين بقلة الإمكانات وشح الموارد لأن الناس يعلمون عن ممارسات الكثير من المرتبطين بها وأنهم لم يتخلوا عن تقاليد الفساد التي كانت متاحة لهم قبل اندلاع الحرب، وبدا الأمر سباقا بين فريقين آخر ما يعنيهما هو الوطن.
لقد تحدث الكثيرون حول وجوب التمييز بين المسؤوليتين الأخلاقية والوطنية بين سلطتي (الشرعية) و(الانقلاب) ولكن ما نشاهده هو التماهي المفرط في التفاصيل بينهما في كل الممارسات وإن تميز (الانقلابيون) بقدرتهم على القمع والقهر للمعارضين، لكنهما يتشابهان في ممارسة الفساد والعبث الإداري واستخدام الخطاب البعيد عن الواقع وتواصل سياسة الإنكار والاكتفاء بالبيانات التي لا تعكس واقعا معاشا.
يرزح اليمنيون بين سلطتين (انقلابية) لا تعي مسؤوليات الحكم ومتطلباته مواصلة العبث بما تحت يديها من مقدرات ولا تهتم بتقديم ما يمنحها أي قدر من المشروعية، وأخرى (شرعية) مازالت غير قادرة على انتزاع مشروعيتها مكتفية بما يبذله التحالف العربي ولم تتمكن من تعزيز مكانتها المعنوية عند المواطنين.
ستبقى رغبة اليمنيين في استعادة الهدوء النفسي والسلم الاجتماعي عاجزة عن التحقق ولم يعودوا قادرين على التمييز بين سلطتين ترفضان التخلي عن الأنانية وتصران على التشبث بما تحت يديهما، وسيظل شبح المزيد من الدمار وتنامي معدلات الفقر يلاحقان حياتهم وتتقلص آمالهم وتزيد أحزانهم على وطن تنهار بنيته الاجتماعية ويتمزق نسيجه الوطني في وقت هو أحوج ما يكون إلى تنازلات كبرى لإنقاذ ما تبقى من مقومات الحياة الطبيعية فيه.
* كاتب يمني وسفير سابق
لم تتوقف المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني عن التحذير من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية وأعلنت الأمم المتحدة (أن أكثر من ٨٠٪ من سكان اليمن بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية وأن القتال تسبب في تدمير الاقتصاد الهش ونشر الجوع والمرض)، كما ارتفعت معدلات العنف ضد الأطفال والنساء.
من غير المتوقع أن المسؤولين اليمنيين قد اهتموا بهذا الأمر، فسلطة (الانقلاب) لا تعير هذه الكارثة أي اهتمام مكتفية بإلقاء المسؤولية على الحرب بينما الجميع يعلم أن فساد القائمين عليها قد فاق في نسبة ما كان المسؤولون يمارسونه قبل ٢٠١١م ويبدو الأمر كما لو كان سباقا مع الزمن، وفي المقابل فإن ممثلي (الشرعية) لم يقدموا نموذجا أفضل من أقرانهم (الانقلابيين) وليس معقولا أن يبرروا استمرار العجز متذرعين بقلة الإمكانات وشح الموارد لأن الناس يعلمون عن ممارسات الكثير من المرتبطين بها وأنهم لم يتخلوا عن تقاليد الفساد التي كانت متاحة لهم قبل اندلاع الحرب، وبدا الأمر سباقا بين فريقين آخر ما يعنيهما هو الوطن.
لقد تحدث الكثيرون حول وجوب التمييز بين المسؤوليتين الأخلاقية والوطنية بين سلطتي (الشرعية) و(الانقلاب) ولكن ما نشاهده هو التماهي المفرط في التفاصيل بينهما في كل الممارسات وإن تميز (الانقلابيون) بقدرتهم على القمع والقهر للمعارضين، لكنهما يتشابهان في ممارسة الفساد والعبث الإداري واستخدام الخطاب البعيد عن الواقع وتواصل سياسة الإنكار والاكتفاء بالبيانات التي لا تعكس واقعا معاشا.
يرزح اليمنيون بين سلطتين (انقلابية) لا تعي مسؤوليات الحكم ومتطلباته مواصلة العبث بما تحت يديها من مقدرات ولا تهتم بتقديم ما يمنحها أي قدر من المشروعية، وأخرى (شرعية) مازالت غير قادرة على انتزاع مشروعيتها مكتفية بما يبذله التحالف العربي ولم تتمكن من تعزيز مكانتها المعنوية عند المواطنين.
ستبقى رغبة اليمنيين في استعادة الهدوء النفسي والسلم الاجتماعي عاجزة عن التحقق ولم يعودوا قادرين على التمييز بين سلطتين ترفضان التخلي عن الأنانية وتصران على التشبث بما تحت يديهما، وسيظل شبح المزيد من الدمار وتنامي معدلات الفقر يلاحقان حياتهم وتتقلص آمالهم وتزيد أحزانهم على وطن تنهار بنيته الاجتماعية ويتمزق نسيجه الوطني في وقت هو أحوج ما يكون إلى تنازلات كبرى لإنقاذ ما تبقى من مقومات الحياة الطبيعية فيه.
* كاتب يمني وسفير سابق