-A +A
عبير الفوزان
قصة ليلى والذئب أو ذات الرداء الأحمر، كما في النسخة الفرنسية التي ألفها شارل بيرو في القرن السابع عشر، حكاية خرافية تم تأليفها لبث الرعب في قلوب الفتيات الصغيرات لتحذيرهن من التعاطي مع الغرباء.

مرت هذه القصة الخرافية، كما تمر كثيرا من الأساطير التي تتحول لاحقا إلى معتقدات بتحريف وتغيير يتماشى مع الزمن، لكن الأساس الذي من أجله تم تأليف القصة بقي كما هو رغم مرور ثلاثة قرون.


تذكرت قصة ليلى وذئبها عندما وصلني مقطع صوتي عبر الواتساب لسيدة أربعينية لم تتزوج قط، ولم تنخرط في أي علاقة مع ذكر، وذلك للترهيب الدائم من أن الرجل ذئب سيفترسها، ويجب الحذر منه، بينما صديقاتها اللاتي لم يستمعن للنصيحة الكاذبة انخرطن في علاقات غير متكافئة اجتماعيا، ومع ذلك تزوجن!

مرارة صاحبة المقطع كانت حقيقية، لأنها قضت زهرة شبابها في تصديق خرافة الذئب الذي تكلم عنه الوعاظ في أشرطة الكاسيت، والداعيات في الحلقات التي تقام في كل المناسبات، حتى في الأعياد، لذا كان غضب السيدة جامحا عندما هددت بالانحراف، لأنها وقعت في فخ الخديعة. بدا المقطع للكثيرين فكاهيا، فقد تم تداوله على نطاق واسع، ولكنه في الحقيقة تراجيديا بكل معنى الكلمة.

قصص العظة والعبرة يجب أن تؤلف بحذر شديد فلا إفراط ولا تفريط، لأن المفرط سيجني على الكثيرين ممن هم على شاكلة تلك السيدة التي قاب قوسين أو أدنى من الانجراف والانحراف.

اعترف أن تلك السيدة لو أكلها الذئب لارتاحت من هم الوحدة والقهر، على افتراض أن قصص الوعظ حقيقية و الذئب سيأكلها. أن الترهيب ليس بالأسلوب الحديث ولا بالذكي لتربية الصغيرات، إنما يتم تربيتهن بزرع الأخلاق والقوة والثقة بالنفس.. فكم من ليلى قتلت ذئبا، وأكلته، وجعلت من فرائه (فورير) تتباهى به أمام قريناتها.