-A +A
حمود أبو طالب
في مشهد مسرحي غير متوقع أن يتم تنفيذه بتلك الطريقة تم اغتيال السفير الروسي في تركيا وهو يحضر فعالية غير سياسية، وكما قيل إنه يحب أن يتجول أحيانا دون حراسة مشددة متكاملة، وذلك شيء غريب جداً في ظل التوتر الشديد نتيجة الحرب الدائرة في سورية وأحداث حلب الأخيرة على وجه الخصوص ودور روسيا فيها. غريب من ناحية أن يتحرك سفير دولة تمارس إبادة للشعب السوري في دولة محورية في إدارة الأزمة السورية مثل تركيا، لا سيما وهي تشهد بين حين وآخر تفجيرات يصاحبها وضع أمني متوتر على ساحة دخلت فيها أطراف تصفي حساباتها مع بعضها البعض ومع تركيا.

لا خلاف على أن روسيا قامت بدور قذر وغير إنساني صدم كل شعوب العالم وهي تساند نظام بشار الأسد في إبادة الشعب السوري، ولكن في الوقت نفسه فإن اغتيال السفير عمل يدخل في ممارسات العنف الذي لن يزيد الأمور إلا سوءا في المشكلة السورية، أما العلاقة بين روسيا وتركيا فلن تتأثر، مثلما لم تتأثر سابقا بعد أزمة إسقاط الطائرة الروسية. مجرد تصريحات لامتصاص الموقف ثم تبدأ الترتيبات لإعادة الوضع إلى ما كان عليه والاستمرار في تنفيذ الخطة الإستراتيجية كما هو مرسوم لها وقيام كل طرف بدوره. الأمر لا يعدو عن كون سفير راح ضحية يتم استبداله بسفير آخر دون خلل جوهري في علاقة البلدين؛ لأن ألاعيب السياسة لا بد أن تقدم ضحايا، وأحيانا ضحايا غير متوقعين.


اغتيال السفير انتقاما لحلب لن ينقذها ولن يقف أمام ما يحدث، فليست روسيا وحدها المدانة أو المجرم الأساسي. ما نسميه المجتمع الدولي هو المجرم الأول الرئيسي؛ لأنه لولا سكوته ورضاه وموافقته على ما قامت به روسيا وما ستقوم به لما استطاعت أن تفعل ما فعلت، ولولا صمته وتراخيه لما وصلت الأمور في سورية إلى ما وصلت إليه من فظاعة. سورية ضحية هذا المجتمع الدولي المزعوم، الذي يشارك في المؤامرات على الشعوب أكثر من مشاركته في إنقاذها.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة