(لقد زعمت أني تغيرت بعدها *** ومن ذا الذي يا عز لا يتغير؟!!).
التغير هو سنة الحياة، حقيقة أقر بها الشاعر «كثيّر» لما عاتبته عزة، وإن حصر التغير الذي أصابه في مظهره الخارجي فقط، أما قلبه وشدة تعلقه بها فباق على حاله لم يمسه أدنى تغير! (تغير جسمي والخليقة كالذي *** عهدت ولم يخبر بسرك مخبر).
وشبيه به ما قاله شاعر آخر، نافيا عن قلبه التغير الذي اتهمته الحبيبة به: (قالت: تخليت! قلت: عن جلدي،، قالت: تغيرت! قلت في بدنـي)، فالتغير الذي يصيب البدن لا مجال لنكرانه لأنه ظاهر للعيان، أما تغير القلب فشأنه يختلف.
وبصرف النظر عن صدق هذين الشاعرين أو كذبهما، حدوث التغير للإنسان، هو في حد ذاته أمر ليس غريبا ولا مستبعدا، فالإنسان جزء من مكونات هذا الوجود وتعرضه للتغير هو امتداد للتغير العام الذي يحدث في الوجود.
التغير في الوجود يظهر في نواح كثيرة، في البيئة الجغرافية والمناخ والنبات والحيوان والإنسان، كما يظهر في أسلوب حياة المجتمعات البشرية وما تبنيه من حضارات مادية ومعنوية، فيظهر في طراز المباني والأثاث واللباس والطعام وغيرها، كما يظهر في اختلاف الأفكار والأيديولوجيات والأخلاق والقيم والآداب والفنون واللغات وغير ذلك، فالتغير هو القاعدة الأساسية المبني عليها هذا الوجود.
ما يهم هنا، هو الإشارة إلى أن حدوث التغير، في حد ذاته، لا يعني تقدما نحو الأفضل أو تقهقرا نحو الأسوأ، وإنما هو مجرد تحرك يحدث اختلافا، قد يكون للأفضل، وقد يكون للأسوأ، وقد لا يكون شيئا منهما البتة. فعندما يحدث تغير في نمط المعيشة، أو اللباس، أو الفن، أو الأدب، أو العادات، أو اللغة، أو غير ذلك، فإنه ليس بالضرورة أن يكون توجها نحو الأحسن، أو تدهورا نحو الأسوأ، وإنما هو مجرد تحرك طبيعي درجت عليه الحياة التي من سنتها مداومة التقلب والتبدل.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن ما يطرأ من حين لآخر من تغير بارز في أسلوب الغناء أو كتابة الرواية أو نظم الشعر أو غيرها من طرق التعبير الفنية، لا يعني أنها باتت أرفع جودة، أو أنها هبطت إلى مستوى أدنى، فالجودة والرداءة موجودتان في كل الأشكال، سواء الجديدة المتغيرة أو القديمة، وكما نصف بعض أشكال الغناء أو الأدب المعاصر بالتردي والانحطاط، فإن هناك أشكالا من الغناء والأدب القديم هي أيضا تتصف بذلك، في الأدب القديم نجد نصوصا تفيض بالعبث والفحش والمجون كما عند أبي نواس، ونصوصا تنضح بامتهان الذات وبيع الكرامة من أجل حفنة مال كما هو حال المداحين من الشعراء، ونصوصا تقطر سفالة وبذاءة كما في نقائض جرير والفرزدق وهجائيات الحطيئة وأمثالهم. فالتغير الذي يطرأ لا يضمن التقدم كما أنه لا يحول دونه.
التغير هو سنة الحياة، حقيقة أقر بها الشاعر «كثيّر» لما عاتبته عزة، وإن حصر التغير الذي أصابه في مظهره الخارجي فقط، أما قلبه وشدة تعلقه بها فباق على حاله لم يمسه أدنى تغير! (تغير جسمي والخليقة كالذي *** عهدت ولم يخبر بسرك مخبر).
وشبيه به ما قاله شاعر آخر، نافيا عن قلبه التغير الذي اتهمته الحبيبة به: (قالت: تخليت! قلت: عن جلدي،، قالت: تغيرت! قلت في بدنـي)، فالتغير الذي يصيب البدن لا مجال لنكرانه لأنه ظاهر للعيان، أما تغير القلب فشأنه يختلف.
وبصرف النظر عن صدق هذين الشاعرين أو كذبهما، حدوث التغير للإنسان، هو في حد ذاته أمر ليس غريبا ولا مستبعدا، فالإنسان جزء من مكونات هذا الوجود وتعرضه للتغير هو امتداد للتغير العام الذي يحدث في الوجود.
التغير في الوجود يظهر في نواح كثيرة، في البيئة الجغرافية والمناخ والنبات والحيوان والإنسان، كما يظهر في أسلوب حياة المجتمعات البشرية وما تبنيه من حضارات مادية ومعنوية، فيظهر في طراز المباني والأثاث واللباس والطعام وغيرها، كما يظهر في اختلاف الأفكار والأيديولوجيات والأخلاق والقيم والآداب والفنون واللغات وغير ذلك، فالتغير هو القاعدة الأساسية المبني عليها هذا الوجود.
ما يهم هنا، هو الإشارة إلى أن حدوث التغير، في حد ذاته، لا يعني تقدما نحو الأفضل أو تقهقرا نحو الأسوأ، وإنما هو مجرد تحرك يحدث اختلافا، قد يكون للأفضل، وقد يكون للأسوأ، وقد لا يكون شيئا منهما البتة. فعندما يحدث تغير في نمط المعيشة، أو اللباس، أو الفن، أو الأدب، أو العادات، أو اللغة، أو غير ذلك، فإنه ليس بالضرورة أن يكون توجها نحو الأحسن، أو تدهورا نحو الأسوأ، وإنما هو مجرد تحرك طبيعي درجت عليه الحياة التي من سنتها مداومة التقلب والتبدل.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن ما يطرأ من حين لآخر من تغير بارز في أسلوب الغناء أو كتابة الرواية أو نظم الشعر أو غيرها من طرق التعبير الفنية، لا يعني أنها باتت أرفع جودة، أو أنها هبطت إلى مستوى أدنى، فالجودة والرداءة موجودتان في كل الأشكال، سواء الجديدة المتغيرة أو القديمة، وكما نصف بعض أشكال الغناء أو الأدب المعاصر بالتردي والانحطاط، فإن هناك أشكالا من الغناء والأدب القديم هي أيضا تتصف بذلك، في الأدب القديم نجد نصوصا تفيض بالعبث والفحش والمجون كما عند أبي نواس، ونصوصا تنضح بامتهان الذات وبيع الكرامة من أجل حفنة مال كما هو حال المداحين من الشعراء، ونصوصا تقطر سفالة وبذاءة كما في نقائض جرير والفرزدق وهجائيات الحطيئة وأمثالهم. فالتغير الذي يطرأ لا يضمن التقدم كما أنه لا يحول دونه.