في يوم من الأيام سيأتي زمان لكل أب ليصبح عاجزا غير منطقي في تصرفاته مصابا بالشيخوخة والعجز. عندها يطلب هذا الأب من أبنائه ويقول: من فضلكم أعطوني بعضا من الوقت وبعضا من الصبر لتفهموني. ويستمر في طلبه ويقول: عندما ترتعش يدي فيسقط طعامي على صدري وعندما لا أقوى على لبس ثيابي تذكروا سنوات مرت وأنا أعلمكم ما لا أستطيع فعله اليوم. إذا خرجت كلمة مكررة وأعدت عليكم ذكرياتي فلا تغضبوا فكم كررت من أجلكم حكايات وحركات فقط لأنها كانت تفرحكم. إن لم أعد أنيقا جميل الرائحة فلا تلوموني واذكروا في صغركم محاولاتي لأجعلكم أنيقين جميلي الرائحة. لا تضحكوا مني إذا لم أفهم أمور جيلكم وكونوا أنتم عيني وعقلي لألحق بما فاتني. أنا من رباكم، أنا من علمكم كيف تواجهون الحياة. فكيف تعلمونني اليوم ما يجب وما لا يجب. لا تملوا من ضعف ذاكرتي وبطء كلماتي فسعادتي الآن هي فقط أن أكون معكم. ساعدوني لقضاء ما أحتاج إليه فما زلت أعرف ما أريد. ارحموا شيخوختي وعجزي، وخذوا بيدي فغدا تبحثوا عن من يأخذ بيديكم. من الأساليب التي ينبغي مراعاتها عند التعامل مع المسن هي مبادرته بالتحية والسلام والمصافحة ويضاف إليه تقبيل الرأس واليد لاسيما إن كان أبا أو أما. رفع الروح المعنوية لديه وذلك بحسن استقباله والترحيب به والدعاء له وإظهار البشرى بقدومه والتبسم في وجهه، فهذا يشعره بحب المجتمع له وفرحة بوجوده وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه. مهم جدا سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وإنجازاته والإصغاء إليه وعدم مقاطعته. وينبغي أن يدرك من يتعامل معه أن المسن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه فهو يتذكر جيدا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التحدث عنها مع غيره. إبراز جهود وإنجازات المسن والحديث عن ما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له ذو أثر إيجابي عليه وإشعاره بأهميته وخاصة في اللقاءات والمناسبات العائلية ليشعر المسن أنه قد أنجز أعمالا باهرة. هذا الشعور يولد نعيما لا ينضب من السعادة النفسية وزادا لا ينفد لراحته العاطفية وأن أيامه أيام خير وجيله جيل أعمال ورجال. يكبر الوالدان في العمر، إذ يتقدم بهما بعيدا عما كانا عليه، فيزدادان طفولة يوما بعد يوم، ليتحول دور الأبناء تماما، ليصبحوا الوالدين، ويصبح الأب والأم هما الأبناء، وبحذر شديد وخطوات هادئة، يسيرون معهما، ليردوا لهما جميل عمر مضى. وهنا يتوجب على مخاطب كبير السن أن يراعي الحقائق والاعتراف بإنسانية الأخير وقراءة ما بين السطور، ومن هنا يكون التواصل سلسا بين الفرد وكبير السن، من حيث الابتعاد والتقليل من حساسية الأخير، والبعد عن الضغط النفسي عند الأول لحساب جميع الخطوات والكلام تجاه كبير السن. إن آباءنا في هذه المرحلة يصبحون في حاجة لأن نبرهن لهم حبنا، لأن الشيخوخة في حد ذاتها ليست مرضا، وهذا ما ننساه أو نتناساه أحيانا. ما زالت ضحكاتكم وابتساماتكم تفرحني فلا تحرموني صحبتكم. غفر ألله لكم وستركم كنت معكم حين ولدتم فكونوا معي في خاتمتي. الملخص هو قوله عز وجل: إما يبلغن عندك الكبر. إلى آخر الآية. فبأمر من الله (ليست الشيخوخة مرضا).
للتواصل ( فاكس 0126721108 )
للتواصل ( فاكس 0126721108 )