من الأمثال العربية القديمة قولهم: (تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها)، يرددونه عند الحاجة إلى التعبير عن صيانة النفس وتكريمها عن خسيس المكاسب، بمعنى أن الكريم يقبل الجوع ولا يقبل القيام بعمل خسيس يهين به نفسه، كأن يبيع أمانته من أجل كسب المال أو الحصول على منصب أو غيره.
الصدق في القول هو وجه من وجوه الأمانة، ومن يمتهن الكتابة مؤتمن، يتوقع منه أن يكون صادقا في قوله، فلا يخدع الناس ولا يكذبهم، ولا يدلّس عليهم، فيزيف الواقع أو يشوه الحقيقة أو يزين الظلم ويجمل الباطل مدفوعا بالطمع في نيل بعض المكاسب، فإن هو فعل، لأي سبب كان، عد مضيعا للأمانة التي في عنقه، واستحق من الناس الازدراء وعدم الاحترام.
ولعل أشهر من ضيع أمانة الكلمة، جماعة السفسطائيين منذ أيام الحضارة اليونانية، فالسفسطائيون عرفوا ببراعتهم الجدلية، ومهارتهم في استنباط الحجج، وقدرتهم الفذة على إظهار الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل، لكنهم وظفوا ذلك في تحقيق مكاسب خاصة بهم، فكانوا يعملون وفق تيار المصلحة، تارة يزينون الأمر ويرفعون من قدره حتى ليبدو أن ليس هناك ما هو أفضل منه، وتارة يقبحونه ويسقطونه كأن لم يثنوا عليه بالأمس أو يتغنوا بجماله. وقد تسبب ذلك في إلحاق السمعة السيئة بهم وفقدهم احترام الناس وثقتهم.
رغم أن عشرات القرون مرت على زمن السفسطائيين، إلا أن سلالتهم لم تنقطع، فما زلنا من حين لآخر، نرى أحفادا لهم يبزغون علينا يكررون ما كان يفعله أسلافهم، الذين لم يكونوا يأنفون من عرض أقلامهم لمن يشتريها، فترى الواحد منهم لا يتردد في أن يمحو بالنهار ما خطه قلمه بالليل، جريا وراء الترويج لما يريده المشتري.
لكن الماحين بالنهار ما خطته أقلامهم بالليل، غالبا يكونون من أكثر الناس شعورا بالتعاسة والقلق، فهم وإن وفرت لهم الأقلام ما يملأ الجيب، إلا أنها أعجز من أن توفر لهم راحة النفس، فراحة النفس يجلبها احترام الذات والرضا عنها، وهو ما لا يمكن للماحين امتلاكه.
بيع الأقلام ليس بالضرورة أن يكون بالمال، أحيانا يكفي أن يكون الثمن مجرد وعد بتحقيق مكسب ما، ظل عالقا زمنا لم يتحقق. كما أن بيع الأقلام يكون عادة رائجا في سوق الكبار، الذين تضخمت أحجامهم حتى صارت تحتل ساحات فسيحة من السوق، أما الصغار من ضئيلي الحجم، أو قاطني الأزقة الضيقة، فإن سوقهم غالبا راكدة لا مرتاد لها.
الصدق في القول هو وجه من وجوه الأمانة، ومن يمتهن الكتابة مؤتمن، يتوقع منه أن يكون صادقا في قوله، فلا يخدع الناس ولا يكذبهم، ولا يدلّس عليهم، فيزيف الواقع أو يشوه الحقيقة أو يزين الظلم ويجمل الباطل مدفوعا بالطمع في نيل بعض المكاسب، فإن هو فعل، لأي سبب كان، عد مضيعا للأمانة التي في عنقه، واستحق من الناس الازدراء وعدم الاحترام.
ولعل أشهر من ضيع أمانة الكلمة، جماعة السفسطائيين منذ أيام الحضارة اليونانية، فالسفسطائيون عرفوا ببراعتهم الجدلية، ومهارتهم في استنباط الحجج، وقدرتهم الفذة على إظهار الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل، لكنهم وظفوا ذلك في تحقيق مكاسب خاصة بهم، فكانوا يعملون وفق تيار المصلحة، تارة يزينون الأمر ويرفعون من قدره حتى ليبدو أن ليس هناك ما هو أفضل منه، وتارة يقبحونه ويسقطونه كأن لم يثنوا عليه بالأمس أو يتغنوا بجماله. وقد تسبب ذلك في إلحاق السمعة السيئة بهم وفقدهم احترام الناس وثقتهم.
رغم أن عشرات القرون مرت على زمن السفسطائيين، إلا أن سلالتهم لم تنقطع، فما زلنا من حين لآخر، نرى أحفادا لهم يبزغون علينا يكررون ما كان يفعله أسلافهم، الذين لم يكونوا يأنفون من عرض أقلامهم لمن يشتريها، فترى الواحد منهم لا يتردد في أن يمحو بالنهار ما خطه قلمه بالليل، جريا وراء الترويج لما يريده المشتري.
لكن الماحين بالنهار ما خطته أقلامهم بالليل، غالبا يكونون من أكثر الناس شعورا بالتعاسة والقلق، فهم وإن وفرت لهم الأقلام ما يملأ الجيب، إلا أنها أعجز من أن توفر لهم راحة النفس، فراحة النفس يجلبها احترام الذات والرضا عنها، وهو ما لا يمكن للماحين امتلاكه.
بيع الأقلام ليس بالضرورة أن يكون بالمال، أحيانا يكفي أن يكون الثمن مجرد وعد بتحقيق مكسب ما، ظل عالقا زمنا لم يتحقق. كما أن بيع الأقلام يكون عادة رائجا في سوق الكبار، الذين تضخمت أحجامهم حتى صارت تحتل ساحات فسيحة من السوق، أما الصغار من ضئيلي الحجم، أو قاطني الأزقة الضيقة، فإن سوقهم غالبا راكدة لا مرتاد لها.