قال أحد السلف: «لو رأيت أحد إخواني ولحيته تقطر خمرا لقلت ربما سُكبت عليه! ولو وجدته واقفا على جبل يقول: «أنا ربكم الأعلى» لقلت أنه يقرأ الآية من القرآن».
...
حادثة إسطنبول الأخيرة بكل ما تمثله من بشاعة وإرهاب وإزهاق لأرواح بريئة، لم تكشف فقط عن تفشي ثقافة الإرهاب البغيضة عالميا وتنكرها بملابس بابا نويل الذي يوزع الهدايا تقليدا للأطفال المطيعين، ثم يوزع هدايا أخرى: طلقات رصاص عشوائية على الأبرياء، وإنما كشفت عن وجه رهيب لثقافة أخرى لا تقل عنها خطورة.
وهي ثقافة آكلي لحوم الموتى! ظنا وافتراء وجهالة. ثقافة الغيبة والافتراء وعقدة العظمة التي يشعر بها بعض الجهلاء حينما يؤكدون للعالم أنهم هم فقط الاتقياء والمؤمنون. والمؤلم والبشع والمقزز في هذه الفئة أنهم فعلا أكلوا لحوم إخوانهم وأخواتهم وهم «موتى» - أي نعم «موتى» - ولا حول ولا قوة إلا بالله. أي أنهم قاموا حرفيا وليس مجازيا، كما نفهم السياق عادة، بأكل لحوم إخوانهم وأخواتهم الذين نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وهم موتى.
فحالما انتشرت أخبار الحادثة، انطلقت وسائل التواصل الاجتماعية بالتهم والظنون والأقوال على ماهية مكان الحادثة، وتعظمت أهمية المكان أكثر من أهمية الجريمة نفسها! وشمت بعض الجهلاء من الحدث وكأنهم قد اطلعوا على الغيب ورأوا نهايتهم أين ستكون بل وتبوأوا مقاعدهم من الجنة! طبعا، فليس في الكون كله من يتقي الله سواهم هم. فعليهم هداية العالم وانتقاده والتنقيص منه ليظهروا هم بمظهر الشطار والورعين! تناولوا الأمر وكأنهم وعاظ العالم والحاكمين بسوء الخاتمة. ما هذا السلوك المقرف وما هؤلاء الناس الذين لا يستحقون شرف الانتماء للإنسانية؟ هذا الكلام لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع الحدث.
هذا غير أنهم تكلموا في شيء لم يشهدوه بأنفسهم، ولم يطلعوا عليه نظر العين، ولم يتحققوا منه.
نقضي السنوات الطوال في المدارس ونحن نقرأ مثل الباشكتبة والبغبغاوات، ولا نطبق. أين نحن من قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}» الحجرات: 12
المصاب كبير لمن فقد أحد أحبابه، فإن لم يكن بوسعنا عمل الواجب الديني بتعزية أهل المتوفى والدعاء للمتوفى والثناء عليه فلنصمت ولنسد حلوقنا ونمسك ألسنتنا المتدلية المرفرفة في كل مجال والمتحذلقة بكل حدث وكأننا خزنة الجنة والنار.
ألا يكفي أهل المصابين فاجعة الموت والفقد والألم؟ ألا نفكر في شعور أمهات ثكالى وآباء مكسورين وأحباب بين منهار وغير مصدق؟
إذا كانت الغيبة على غير الحاضر لا تجوز؛ لأنه لا يملك الدفاع عن نفسه فالغيبة ضد المتوفى أشد جرما وحقارة.
وإذا كانت غيبة الميت من أشد الذنوب؛ لأننا لا نستطيع الاستسماح منه، ولا يستطيع أن يسامح مغتابه، فما بالكم بقذفه؟
قاتل الله الجهل والجهلة. ورحم الموتى الذين رحلوا لعالم أجمل من عالمنا هذا، وجبر كسر أهلهم الكرام.
...
حادثة إسطنبول الأخيرة بكل ما تمثله من بشاعة وإرهاب وإزهاق لأرواح بريئة، لم تكشف فقط عن تفشي ثقافة الإرهاب البغيضة عالميا وتنكرها بملابس بابا نويل الذي يوزع الهدايا تقليدا للأطفال المطيعين، ثم يوزع هدايا أخرى: طلقات رصاص عشوائية على الأبرياء، وإنما كشفت عن وجه رهيب لثقافة أخرى لا تقل عنها خطورة.
وهي ثقافة آكلي لحوم الموتى! ظنا وافتراء وجهالة. ثقافة الغيبة والافتراء وعقدة العظمة التي يشعر بها بعض الجهلاء حينما يؤكدون للعالم أنهم هم فقط الاتقياء والمؤمنون. والمؤلم والبشع والمقزز في هذه الفئة أنهم فعلا أكلوا لحوم إخوانهم وأخواتهم وهم «موتى» - أي نعم «موتى» - ولا حول ولا قوة إلا بالله. أي أنهم قاموا حرفيا وليس مجازيا، كما نفهم السياق عادة، بأكل لحوم إخوانهم وأخواتهم الذين نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وهم موتى.
فحالما انتشرت أخبار الحادثة، انطلقت وسائل التواصل الاجتماعية بالتهم والظنون والأقوال على ماهية مكان الحادثة، وتعظمت أهمية المكان أكثر من أهمية الجريمة نفسها! وشمت بعض الجهلاء من الحدث وكأنهم قد اطلعوا على الغيب ورأوا نهايتهم أين ستكون بل وتبوأوا مقاعدهم من الجنة! طبعا، فليس في الكون كله من يتقي الله سواهم هم. فعليهم هداية العالم وانتقاده والتنقيص منه ليظهروا هم بمظهر الشطار والورعين! تناولوا الأمر وكأنهم وعاظ العالم والحاكمين بسوء الخاتمة. ما هذا السلوك المقرف وما هؤلاء الناس الذين لا يستحقون شرف الانتماء للإنسانية؟ هذا الكلام لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع الحدث.
هذا غير أنهم تكلموا في شيء لم يشهدوه بأنفسهم، ولم يطلعوا عليه نظر العين، ولم يتحققوا منه.
نقضي السنوات الطوال في المدارس ونحن نقرأ مثل الباشكتبة والبغبغاوات، ولا نطبق. أين نحن من قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}» الحجرات: 12
المصاب كبير لمن فقد أحد أحبابه، فإن لم يكن بوسعنا عمل الواجب الديني بتعزية أهل المتوفى والدعاء للمتوفى والثناء عليه فلنصمت ولنسد حلوقنا ونمسك ألسنتنا المتدلية المرفرفة في كل مجال والمتحذلقة بكل حدث وكأننا خزنة الجنة والنار.
ألا يكفي أهل المصابين فاجعة الموت والفقد والألم؟ ألا نفكر في شعور أمهات ثكالى وآباء مكسورين وأحباب بين منهار وغير مصدق؟
إذا كانت الغيبة على غير الحاضر لا تجوز؛ لأنه لا يملك الدفاع عن نفسه فالغيبة ضد المتوفى أشد جرما وحقارة.
وإذا كانت غيبة الميت من أشد الذنوب؛ لأننا لا نستطيع الاستسماح منه، ولا يستطيع أن يسامح مغتابه، فما بالكم بقذفه؟
قاتل الله الجهل والجهلة. ورحم الموتى الذين رحلوا لعالم أجمل من عالمنا هذا، وجبر كسر أهلهم الكرام.