تجاوزت أمريكا الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي بدأت تعاني منها نتيجة لسياسات المحافظين الجدد الاقتصادية الرعناء، منذ بداية العام 2002م، والتي تفاقمت في سنة 2008م، وكادت تؤدي إلى ركود اقتصادي قاتل... يتسبب في تدهور مكانة أمريكا وتحويلها إلى قوة من الدرجة الثانية. وذلك في بداية عهد الرئيس باراك أوباما. ولنا أن نتخيل «تبعات» تلك الأزمة المالية، وما ينجم عن هذه التبعات من معاناة اقتصادية... تضعف الولايات المتحدة، نسبة لغيرها من الدول الكبرى.
إن مدى «قوة» أي دولة يقاس بالنسبة لغيرها من الدول النظيرة. وما حصل قبل مجيء أوباما هو: تدهور (نسبي) في مدى قوة أمريكا، قابله تصاعد (نسبي) في مدى قوة دول أخرى منافسة، وبالتحديد: الصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي. وهذه الحقيقة هي التي لو تفاقمت في عهد الرئيس ترمب، ستسبب لاحقا تحول النظام العالمي، من نظام القطب الواحد إلى نظام الأقطاب المتعددة.
لا بد من تذكر هذه الخلفية عند محاولة التعرف على الخطوط العامة لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة المختلفة، إدارة دونالد ترمب الجمهوري، على الساحتين الداخلية والخارجية. ولا شك أن سياسات أمريكا، سواء الداخلية أو الخارجية ستظل تهم كل العالم تقريبا، لما لها من تأثيرات واسعة... تتجاوز - بالطبع - الحدود الدولية، لعدة أسباب، أهمها: كون الاقتصاد الأمريكي يمثل حوالى ربع اقتصاد كل العالم، وكون الولايات المتحدة أقوى دولة عسكريا، وتقنيا.
***
ماذا نتوقع، إذاً، من تغييرات محتملة في سياسات أمريكا بدءا من 20 يناير 2017 م ؟! ما أهم ملامح السياسة الأمريكية، الداخلية والخارجية، لحكومة دونالد ترمب ؟!
في الواقع، وقبل أيام فقط على تولي هذه الإدارة السلطة، يمكن الجزم بأن الهم الداخلي لحكومة ترمب ستكون له الأولوية الأولى على كل ما عداه. فترتيب البيت من المنطقي أن يأتي أولا، في كل الأحوال. لذا، فإن إدارة ترمب ستظل تركز جهدها الأكبر على الداخل، قد ورثت إرثا كبيرا من المشكلات والأزمات. ولا شك، أن التعامل مع تبعات الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أمريكا والعالم، والتي سببتها إدارة بوش الابن، ولم تتمكن إدارة أوباما من تجاوزها كليا، ستكون لدى إدارة ترمب أولوية الأولويات. وهو اهتمام في محله. فإن لم تحل هذه الأزمة تماما، فستنتج عنها غالبا عدة أزمات وكوارث ومشكلات، منها: الكساد، إفلاس الشركات الكبرى، البطالة، تفاقم الفقر، الضعف على الساحة الدولية... إلخ. لهذا، فإن إدارة ترمب ستولى هذه الملفات جل اهتمامها.
***
أما على المستوى الخارجي، فإن أجندة هذه الإدارة مليئة أيضا بمواضيع خطرة وقضايا كبرى ساخنة. ومن تحليل الأحداث المعنية وتوجهات واهتمامات هذه الإدارة (حتى الآن - يناير 2017م) يمكن القول بأن: أهم القضايا، بالنسبة لهذه الإدارة، على المستوى الخارجي بعامة، والمنطقة العربية بخاصة، هي القضايا التالية، مرتبة ترتيبا تنازليا (حسب الأهمية) الأكثر أهمية، فالأهم، فالمهم. ولنبدأ بالمنطقة العربية أولا، ثم نذكر بقية الملفات المهمة في المقال القادم.
- الوضع في المنطقة العربية بعامة: أي وضع المنطقة وسياسة أمريكا نحوه، وتعاملها المتوقع مع قضاياها بأبعادها الرئيسة التالية:
1 - السعي لمحاربة ما تسميه أمريكا بـ «الإرهاب»، بزخم أكبر... وباعتبار أن مسألة «الحرب على الإرهاب» ستظل شغل إدارة ترمب الخارجي الشاغل، في السنوات الأولى (على الأقل) من توليه السلطة.
2 - القضايا الساخنة، وأهمها: التعامل مع الوضع السياسي المضطرب والملتهب في كل من: العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، وغيرها.
3 - الملف النووي الإيراني: ستواصل إدارة دونالد ترمب الضغط الأمريكي على إيران... للحيلولة دون امتلاكها لسلاح نووي. ولا يتوقع إلغاء ترمب الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه سيطالب بضمانات إيرانية أكبر. ويبدو أن إدارته لا تستبعد الخيار العسكري تجاه إيران، على الأقل في المدى الطويل. فهذه الإدارة قد تؤيد قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية... موفرة غطاء سياسيا لهذا الهجوم. وستقف القوات الأمريكية في المنطقة على أهبة الاستعداد... للرد على أي «رد فعل» إيراني عسكري ضدها. وفي هذه الحالة ستدخل أمريكا الحرب بادعاء أنها أجبرت على دخولها... دفاعا عن النفس؟! وربما تتبنى إدارة ترمب هذا الخيار لاحقا، إن فشلت محاولات التفاهم الدبلوماسي مع طهران.
***
4 - قضية الصراع العربي - الإسرائيلي: وهذا الاهتمام يأتي - كما نرى - في المرتبة الرابعة على سلم أولويات سياسة ترمب بالمنطقة، رغم إن تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي يجب أن تكون على رأس أولويات أي رئيس أمريكي، لما يسببه استمرار هذا الصراع من توتر إقليمي ودولي بالغ الخطورة. ولكن الشواهد تشير إلى أن هذه القضية ستحتل مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات بالمنطقة العربية، رغم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وذلك يعني المزيد من المعاناة للفلسطينيين، والمنطقة. وقد استعد الصهاينة لمقاومة أي ضغوط من إدارة ترمب في اتجاه حل الدولتين، وذلك رغم أن ترمب من أشد مؤيدي الصهيونية، ولا يتوقع أن يمارس أي ضغوط تذكر على الكيان الصهيوني. ومن الأمثلة على هذا التأييد كانت مطالبته أوباما استخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، وتوعده بتغيير هذا التوجه لاحقا لصالح إسرائيل.
إن مدى «قوة» أي دولة يقاس بالنسبة لغيرها من الدول النظيرة. وما حصل قبل مجيء أوباما هو: تدهور (نسبي) في مدى قوة أمريكا، قابله تصاعد (نسبي) في مدى قوة دول أخرى منافسة، وبالتحديد: الصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي. وهذه الحقيقة هي التي لو تفاقمت في عهد الرئيس ترمب، ستسبب لاحقا تحول النظام العالمي، من نظام القطب الواحد إلى نظام الأقطاب المتعددة.
لا بد من تذكر هذه الخلفية عند محاولة التعرف على الخطوط العامة لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة المختلفة، إدارة دونالد ترمب الجمهوري، على الساحتين الداخلية والخارجية. ولا شك أن سياسات أمريكا، سواء الداخلية أو الخارجية ستظل تهم كل العالم تقريبا، لما لها من تأثيرات واسعة... تتجاوز - بالطبع - الحدود الدولية، لعدة أسباب، أهمها: كون الاقتصاد الأمريكي يمثل حوالى ربع اقتصاد كل العالم، وكون الولايات المتحدة أقوى دولة عسكريا، وتقنيا.
***
ماذا نتوقع، إذاً، من تغييرات محتملة في سياسات أمريكا بدءا من 20 يناير 2017 م ؟! ما أهم ملامح السياسة الأمريكية، الداخلية والخارجية، لحكومة دونالد ترمب ؟!
في الواقع، وقبل أيام فقط على تولي هذه الإدارة السلطة، يمكن الجزم بأن الهم الداخلي لحكومة ترمب ستكون له الأولوية الأولى على كل ما عداه. فترتيب البيت من المنطقي أن يأتي أولا، في كل الأحوال. لذا، فإن إدارة ترمب ستظل تركز جهدها الأكبر على الداخل، قد ورثت إرثا كبيرا من المشكلات والأزمات. ولا شك، أن التعامل مع تبعات الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت أمريكا والعالم، والتي سببتها إدارة بوش الابن، ولم تتمكن إدارة أوباما من تجاوزها كليا، ستكون لدى إدارة ترمب أولوية الأولويات. وهو اهتمام في محله. فإن لم تحل هذه الأزمة تماما، فستنتج عنها غالبا عدة أزمات وكوارث ومشكلات، منها: الكساد، إفلاس الشركات الكبرى، البطالة، تفاقم الفقر، الضعف على الساحة الدولية... إلخ. لهذا، فإن إدارة ترمب ستولى هذه الملفات جل اهتمامها.
***
أما على المستوى الخارجي، فإن أجندة هذه الإدارة مليئة أيضا بمواضيع خطرة وقضايا كبرى ساخنة. ومن تحليل الأحداث المعنية وتوجهات واهتمامات هذه الإدارة (حتى الآن - يناير 2017م) يمكن القول بأن: أهم القضايا، بالنسبة لهذه الإدارة، على المستوى الخارجي بعامة، والمنطقة العربية بخاصة، هي القضايا التالية، مرتبة ترتيبا تنازليا (حسب الأهمية) الأكثر أهمية، فالأهم، فالمهم. ولنبدأ بالمنطقة العربية أولا، ثم نذكر بقية الملفات المهمة في المقال القادم.
- الوضع في المنطقة العربية بعامة: أي وضع المنطقة وسياسة أمريكا نحوه، وتعاملها المتوقع مع قضاياها بأبعادها الرئيسة التالية:
1 - السعي لمحاربة ما تسميه أمريكا بـ «الإرهاب»، بزخم أكبر... وباعتبار أن مسألة «الحرب على الإرهاب» ستظل شغل إدارة ترمب الخارجي الشاغل، في السنوات الأولى (على الأقل) من توليه السلطة.
2 - القضايا الساخنة، وأهمها: التعامل مع الوضع السياسي المضطرب والملتهب في كل من: العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، وغيرها.
3 - الملف النووي الإيراني: ستواصل إدارة دونالد ترمب الضغط الأمريكي على إيران... للحيلولة دون امتلاكها لسلاح نووي. ولا يتوقع إلغاء ترمب الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه سيطالب بضمانات إيرانية أكبر. ويبدو أن إدارته لا تستبعد الخيار العسكري تجاه إيران، على الأقل في المدى الطويل. فهذه الإدارة قد تؤيد قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية... موفرة غطاء سياسيا لهذا الهجوم. وستقف القوات الأمريكية في المنطقة على أهبة الاستعداد... للرد على أي «رد فعل» إيراني عسكري ضدها. وفي هذه الحالة ستدخل أمريكا الحرب بادعاء أنها أجبرت على دخولها... دفاعا عن النفس؟! وربما تتبنى إدارة ترمب هذا الخيار لاحقا، إن فشلت محاولات التفاهم الدبلوماسي مع طهران.
***
4 - قضية الصراع العربي - الإسرائيلي: وهذا الاهتمام يأتي - كما نرى - في المرتبة الرابعة على سلم أولويات سياسة ترمب بالمنطقة، رغم إن تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي يجب أن تكون على رأس أولويات أي رئيس أمريكي، لما يسببه استمرار هذا الصراع من توتر إقليمي ودولي بالغ الخطورة. ولكن الشواهد تشير إلى أن هذه القضية ستحتل مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات بالمنطقة العربية، رغم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وذلك يعني المزيد من المعاناة للفلسطينيين، والمنطقة. وقد استعد الصهاينة لمقاومة أي ضغوط من إدارة ترمب في اتجاه حل الدولتين، وذلك رغم أن ترمب من أشد مؤيدي الصهيونية، ولا يتوقع أن يمارس أي ضغوط تذكر على الكيان الصهيوني. ومن الأمثلة على هذا التأييد كانت مطالبته أوباما استخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، وتوعده بتغيير هذا التوجه لاحقا لصالح إسرائيل.