كما ارتبط مدخل العام الجديد بالاحتفال عند بعض الأمم، ارتبط كذلك بنشاط من يسمون أنفسهم (فلكيين) من الذين يدعون معرفة علم الأبراج وقراءة ما فيها من تغيرات تؤثر على الناس المولودين فيها.
صارت قراءة الأبراج مع بداية كل عام طقسا من الطقوس التي تحرص على أدائها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، فهذه القراءة تجذب للإعلام ملايين المتابعين. كما أن احتفاء الإعلام بالفلكيين، فتح لهم أبواب الثراء، وألحقهم بقوافل المشاهير الذين لهم آلاف المعجبين من المتابعين، حتى باتوا نجوما لامعة كالمطربين والممثلين وعارضي الأزياء ولاعبي كرة القدم وغيرهم ممن يتابعهم الناس بحب وإعجاب.
من يشاهد أولئك الفلكيين والمنجمين، تصيبه الدهشة كيف أنهم يعرضون على الناس أكاذيبهم بثقة تامة، كما لو أنهم يستمدون أقوالهم من معرفة خاصة بالعلم الغيبي تمكنهم من قراءة علامات فلكية لا يحسن قراءتها أحد سواهم. بينما هم في الحقيقة، وإن كانوا لا يملكون من العلم شيئا، إلا أنهم يستمدون ثقتهم تلك من معرفتهم أن أغلب الذين يتابعونهم يصدقونهم ويعتقدون أنهم يعرفون ما لا يعرفه أحد غيرهم، فيمضون في عبثهم واثقين مطمئنين إلى أن لا أحد سينقض قولهم.
أعرف أناسا أذكياء وجادين في حياتهم، ومع ذلك يحرصون على متابعة ما يقوله الفلكيون في مطلع كل عام، يفعلون ذلك مساقين بتوق شديد لمعرفة ما يضمره المستقبل.
توق الناس إلى معرفة ما خفي عنهم في جيوب المستقبل، يبدو أنه غريزة فطرية في البشر، وكم ساقت الغرائز أصحابها إلى ما حرم عليهم، فالعرب على الرغم من أن الإسلام جاء ناهيا إياهم عن ادعاء معرفة الغيب، محرما عليهم علوما كالتنجيم والتنبؤ بالغيب مما كانوا يعملون به في الجاهلية، إلا أنهم بعد الإسلام لم يرتدعوا واستمروا في ممارسة تلك المهنة، وطوروها مستعينين بما أدخله إليها الفرس من ثقافتهم. وفي القرنين الثاني والثالث للهجرة إبان العصر العباسي الأول، نشط علم التنجيم وظهر منجمون أعلام مثل نوبخت والبلخي وابن الخصيب وأبو العنبس الصيمري، ووضعوا مؤلفات كثيرة في هذا العلم، وحققوا مكانة وشهرة كبيرتين في هذا المجال، تماما كما هو حال فلكيي هذا الزمان.
ويبقى السؤال يتردد، لماذا يتوق الناس إلى معرفة الخفي عنهم مما يضمره المستقبل؟ إني أستبعد أن يكونوا تواقين إلى معرفة ما سيصيبهم من إعاقة أو ما سيقع عليهم من كوارث أو متى سيحل بهم الأجل، فهم لو عرفوا شيئا من ذلك لربما قضوا بقية أيامهم في نكد وقلق متوجسين من حلول ما يكرهون.
ما أظنه هو أن توق الناس لمعرفة الغيب ليس إلا تعبيرا عن تلهفهم إلى أن يسمعوا من ألسنة الفلكيين والمنجمين وأمثالهم، شيئا ما، يبشرهم بقرب تحقق أمانٍ يرجونها، وأحلام عذبة ظلوا طويلا يحلقون على أجنحتها.
صارت قراءة الأبراج مع بداية كل عام طقسا من الطقوس التي تحرص على أدائها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، فهذه القراءة تجذب للإعلام ملايين المتابعين. كما أن احتفاء الإعلام بالفلكيين، فتح لهم أبواب الثراء، وألحقهم بقوافل المشاهير الذين لهم آلاف المعجبين من المتابعين، حتى باتوا نجوما لامعة كالمطربين والممثلين وعارضي الأزياء ولاعبي كرة القدم وغيرهم ممن يتابعهم الناس بحب وإعجاب.
من يشاهد أولئك الفلكيين والمنجمين، تصيبه الدهشة كيف أنهم يعرضون على الناس أكاذيبهم بثقة تامة، كما لو أنهم يستمدون أقوالهم من معرفة خاصة بالعلم الغيبي تمكنهم من قراءة علامات فلكية لا يحسن قراءتها أحد سواهم. بينما هم في الحقيقة، وإن كانوا لا يملكون من العلم شيئا، إلا أنهم يستمدون ثقتهم تلك من معرفتهم أن أغلب الذين يتابعونهم يصدقونهم ويعتقدون أنهم يعرفون ما لا يعرفه أحد غيرهم، فيمضون في عبثهم واثقين مطمئنين إلى أن لا أحد سينقض قولهم.
أعرف أناسا أذكياء وجادين في حياتهم، ومع ذلك يحرصون على متابعة ما يقوله الفلكيون في مطلع كل عام، يفعلون ذلك مساقين بتوق شديد لمعرفة ما يضمره المستقبل.
توق الناس إلى معرفة ما خفي عنهم في جيوب المستقبل، يبدو أنه غريزة فطرية في البشر، وكم ساقت الغرائز أصحابها إلى ما حرم عليهم، فالعرب على الرغم من أن الإسلام جاء ناهيا إياهم عن ادعاء معرفة الغيب، محرما عليهم علوما كالتنجيم والتنبؤ بالغيب مما كانوا يعملون به في الجاهلية، إلا أنهم بعد الإسلام لم يرتدعوا واستمروا في ممارسة تلك المهنة، وطوروها مستعينين بما أدخله إليها الفرس من ثقافتهم. وفي القرنين الثاني والثالث للهجرة إبان العصر العباسي الأول، نشط علم التنجيم وظهر منجمون أعلام مثل نوبخت والبلخي وابن الخصيب وأبو العنبس الصيمري، ووضعوا مؤلفات كثيرة في هذا العلم، وحققوا مكانة وشهرة كبيرتين في هذا المجال، تماما كما هو حال فلكيي هذا الزمان.
ويبقى السؤال يتردد، لماذا يتوق الناس إلى معرفة الخفي عنهم مما يضمره المستقبل؟ إني أستبعد أن يكونوا تواقين إلى معرفة ما سيصيبهم من إعاقة أو ما سيقع عليهم من كوارث أو متى سيحل بهم الأجل، فهم لو عرفوا شيئا من ذلك لربما قضوا بقية أيامهم في نكد وقلق متوجسين من حلول ما يكرهون.
ما أظنه هو أن توق الناس لمعرفة الغيب ليس إلا تعبيرا عن تلهفهم إلى أن يسمعوا من ألسنة الفلكيين والمنجمين وأمثالهم، شيئا ما، يبشرهم بقرب تحقق أمانٍ يرجونها، وأحلام عذبة ظلوا طويلا يحلقون على أجنحتها.