قد لا تكون وزارة الشؤون البلدية والقروية وجهازها البلدي التابع لها هما الأسوأ من حيث البيروقراطية الإدارية وسوء الخدمات المقدمة، وقد لا تكون هذه الوزارة وجهازها هما الأسوأ في الجهاز الحكومي من حيث تدني إنتاجية العنصر البشري وسوء تعامله، ولا من حيث غموض الأنظمة وضبابية المعايير وطول الإجراءات وتعقيداتها، وقد لا تكون هذه الوزارة وجهازها هما الأسوأ من حيث التعاملات الإلكترونية والخدمات الإلكترونية وتعذر الوصول لها من الغالبية العظمى من المستفيدين.
لكنني لا أعرف وزارة أو مؤسسة تجتمع تحت عباءتها كل أوجه القصور هذه من معايير مزاجية متقلبة، وسوء خدمات، وسوء تعاملات إلكترونية، وبيروقراطية إدارية، وتدني إنتاجية الموظفين، وأنظمة ولوائح غامضة، وأساليب ملتوية مثلما هو في وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات التابعة لها مع مرتبة الشرف.
اعتقدت لمدة طويلة بأن الوزارة الأكثر حاجة لتبني التعاملات الإلكترونية على نطاق واسع هي وزارة الشؤون البلدية والقروية وجهازها البلدي المتفرع عنها وذلك لتشعب خدماتها ومساسها بشرائح كثيرة من المجتمع إضافة إلى أعداد موظفيها وتعدد فروعها وكثرة التلاعب المعروف منذ زمن عن بعض العاملين فيها. لكن الصدمة هو أنهم أطلقوا خدماتهم وتعاملاتهم الإلكترونية، وليتهم لم يفعلوا.
لقد تكرست كل الأمراض الإدارية التي تعشش في هذه الوزارة بعدما تبنت الوزارة والبلديات التعاملات الإلكترونية وتضاعفت الإجراءات عشرات المرات بعد هذه التعاملات الإلكترونية وبشكل غير مسبوق. وأصبحت خدمات هذه الوزارة مرتعا خصبا للفساد إلى الدرجة أن إجراء الحصول على رخصة البلدية يعادل أربعة أضعاف رسوم الرخصة نفسها في السوق السوداء للمعقبين والمراجعين وذلك نتيجة لتعطل أو تعطيل تلك الخدمات الإلكترونية بشكل شبه دائم.
لقد أصبح أمرا ملحا وضروريا أن يتم تشخيص تلك الخدمات الحكومية الإلكترونية بشكل مستمر للوقوف على أعطالها أو محاولات تعطيلها وعدم استغلالها من قبل البعض ربما، لأن أي تعطيل لتلك الخدمات يعني تعذر الحصول على تلك الخدمات بالطريقة الإلكترونية أو بالطريقة التقليدية، وهنا تنتعش السوق السوداء لمكاتب الخدمات العامة المحددة لكل بلدية بالتنسيق طبعا مع نظرائهم داخل تلك البلديات والأمانات. فالخشية كل الخشية أن يصبح هذا الوضع مع الوقت مألوفا ومقبولا وحيث يتم ترويض التعاملات الإلكترونية وتدجينها لينسجم مع ذات الأمراض وبنفس التحكم البشري المعتاد في هذا الجهاز وغيره من الأجهزة.
على البلديات أن تجيب عن هذا السؤال: لماذا ينجح المعقبون ومكاتب الخدمات العامة بما يفشل به أصحاب الشأن؟ ولماذا لا تنجح مكاتب الخدمات والمعقبون إلا في بلديات بعينها، وينجح غيرهم من المعقبين مع بلديات أخرى، بالأصح مع موظفين بعينهم؟
لقد صنعت البلديات لها ثقافة قبل مجيء الخدمات الإلكترونية، هذه الثقافة مريبة ومثيرة للعجب والاستفهام. ثقافة يقف وراءها مستفيدون لهم مصالح في كل بلدية وفي كل أمانة، ولذلك كان متوقعا أن تجد التعاملات الإلكترونية مقاومة من قبل هؤلاء لأنها ببساطة هددت تلك المصالح وسحبت البساط من تحت أقدام المتمصلحين، ولن يستسلم هؤلاء المتمصلحون بسهولة لتلك التعاملات الإلكترونية.
مشكلة البلديات الكبرى هو أنها تضع معاييرها للمساكن والمحلات وغيرها، وهي أول من يخالف تلك المعايير ويضرب بها عرض الحائط طالما أن هناك من يدفع، هي لا تكترث لتطبيق تلك المعايير بقدر ما يهمها أن تحصل غرامات ومخالفات، يجب أن تقنعنا البلديات بهذا المنطق الغريب. فما معنى المعايير وما معنى الاشتراطات طالما أنه في حكم المعروف مسبقا مصير تلك المعايير مسبقا لدى البلديات؟ ما هو دور البلديات في هذه الحالة، إذا كان كل من يستطيع أن يدفع يحق له أن يضرب بالمعايير عرض الحائط؟
يجب أن تعرف البلديات وغيرها من المؤسسات الحكومية أن الغرامات والمخالفات المالية هي وسيلة وليست غاية. وهي وسيلة عقابية عندما تطبق، يجب ألا تكون بديلة عن تطبيق المعايير. المخالفات لتطبيق النظام وليست بديلة عنه، هذا إذا كانت البلديات أصلا مقتنعة بما تضعه من معايير وأنظمة. يجب أن يتغير هذا الفهم لدى البلديات وخبرائها وعلى البلديات أن توضح موقفها من هذه المعايير وما إذا كانت تضع معاييرها لكي يحترمها الناس ويتقيدوا بها أم لأمر آخر. يكفي لأي منا أن يدرك دور البلديات الغائب أو السيئ، لو قام بجولة في أحد شوارع المدن ليجد ما هو ممنوع هنا، مسموح هناك وما هو مسموح هنا ممنوع هناك.
إن حجم وزارة الشؤون البلدية والقروية والأجهزة التابعة لها والمنبثقة عنها وتحت إشرافها، يقتضي التفكير الجدي بتقسيم هذه الوزارة إلى وزارتين وربما أكثر، ويقتضي كذلك إعادة تقييم للعاملين وتصفية الكثير منهم بنقلهم لوزارات ومؤسسات أخرى لتقطيع أوصال تلك الثقافة المتوارثة في هذا الجهاز جيلا بعد جيل.
لكنني لا أعرف وزارة أو مؤسسة تجتمع تحت عباءتها كل أوجه القصور هذه من معايير مزاجية متقلبة، وسوء خدمات، وسوء تعاملات إلكترونية، وبيروقراطية إدارية، وتدني إنتاجية الموظفين، وأنظمة ولوائح غامضة، وأساليب ملتوية مثلما هو في وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات التابعة لها مع مرتبة الشرف.
اعتقدت لمدة طويلة بأن الوزارة الأكثر حاجة لتبني التعاملات الإلكترونية على نطاق واسع هي وزارة الشؤون البلدية والقروية وجهازها البلدي المتفرع عنها وذلك لتشعب خدماتها ومساسها بشرائح كثيرة من المجتمع إضافة إلى أعداد موظفيها وتعدد فروعها وكثرة التلاعب المعروف منذ زمن عن بعض العاملين فيها. لكن الصدمة هو أنهم أطلقوا خدماتهم وتعاملاتهم الإلكترونية، وليتهم لم يفعلوا.
لقد تكرست كل الأمراض الإدارية التي تعشش في هذه الوزارة بعدما تبنت الوزارة والبلديات التعاملات الإلكترونية وتضاعفت الإجراءات عشرات المرات بعد هذه التعاملات الإلكترونية وبشكل غير مسبوق. وأصبحت خدمات هذه الوزارة مرتعا خصبا للفساد إلى الدرجة أن إجراء الحصول على رخصة البلدية يعادل أربعة أضعاف رسوم الرخصة نفسها في السوق السوداء للمعقبين والمراجعين وذلك نتيجة لتعطل أو تعطيل تلك الخدمات الإلكترونية بشكل شبه دائم.
لقد أصبح أمرا ملحا وضروريا أن يتم تشخيص تلك الخدمات الحكومية الإلكترونية بشكل مستمر للوقوف على أعطالها أو محاولات تعطيلها وعدم استغلالها من قبل البعض ربما، لأن أي تعطيل لتلك الخدمات يعني تعذر الحصول على تلك الخدمات بالطريقة الإلكترونية أو بالطريقة التقليدية، وهنا تنتعش السوق السوداء لمكاتب الخدمات العامة المحددة لكل بلدية بالتنسيق طبعا مع نظرائهم داخل تلك البلديات والأمانات. فالخشية كل الخشية أن يصبح هذا الوضع مع الوقت مألوفا ومقبولا وحيث يتم ترويض التعاملات الإلكترونية وتدجينها لينسجم مع ذات الأمراض وبنفس التحكم البشري المعتاد في هذا الجهاز وغيره من الأجهزة.
على البلديات أن تجيب عن هذا السؤال: لماذا ينجح المعقبون ومكاتب الخدمات العامة بما يفشل به أصحاب الشأن؟ ولماذا لا تنجح مكاتب الخدمات والمعقبون إلا في بلديات بعينها، وينجح غيرهم من المعقبين مع بلديات أخرى، بالأصح مع موظفين بعينهم؟
لقد صنعت البلديات لها ثقافة قبل مجيء الخدمات الإلكترونية، هذه الثقافة مريبة ومثيرة للعجب والاستفهام. ثقافة يقف وراءها مستفيدون لهم مصالح في كل بلدية وفي كل أمانة، ولذلك كان متوقعا أن تجد التعاملات الإلكترونية مقاومة من قبل هؤلاء لأنها ببساطة هددت تلك المصالح وسحبت البساط من تحت أقدام المتمصلحين، ولن يستسلم هؤلاء المتمصلحون بسهولة لتلك التعاملات الإلكترونية.
مشكلة البلديات الكبرى هو أنها تضع معاييرها للمساكن والمحلات وغيرها، وهي أول من يخالف تلك المعايير ويضرب بها عرض الحائط طالما أن هناك من يدفع، هي لا تكترث لتطبيق تلك المعايير بقدر ما يهمها أن تحصل غرامات ومخالفات، يجب أن تقنعنا البلديات بهذا المنطق الغريب. فما معنى المعايير وما معنى الاشتراطات طالما أنه في حكم المعروف مسبقا مصير تلك المعايير مسبقا لدى البلديات؟ ما هو دور البلديات في هذه الحالة، إذا كان كل من يستطيع أن يدفع يحق له أن يضرب بالمعايير عرض الحائط؟
يجب أن تعرف البلديات وغيرها من المؤسسات الحكومية أن الغرامات والمخالفات المالية هي وسيلة وليست غاية. وهي وسيلة عقابية عندما تطبق، يجب ألا تكون بديلة عن تطبيق المعايير. المخالفات لتطبيق النظام وليست بديلة عنه، هذا إذا كانت البلديات أصلا مقتنعة بما تضعه من معايير وأنظمة. يجب أن يتغير هذا الفهم لدى البلديات وخبرائها وعلى البلديات أن توضح موقفها من هذه المعايير وما إذا كانت تضع معاييرها لكي يحترمها الناس ويتقيدوا بها أم لأمر آخر. يكفي لأي منا أن يدرك دور البلديات الغائب أو السيئ، لو قام بجولة في أحد شوارع المدن ليجد ما هو ممنوع هنا، مسموح هناك وما هو مسموح هنا ممنوع هناك.
إن حجم وزارة الشؤون البلدية والقروية والأجهزة التابعة لها والمنبثقة عنها وتحت إشرافها، يقتضي التفكير الجدي بتقسيم هذه الوزارة إلى وزارتين وربما أكثر، ويقتضي كذلك إعادة تقييم للعاملين وتصفية الكثير منهم بنقلهم لوزارات ومؤسسات أخرى لتقطيع أوصال تلك الثقافة المتوارثة في هذا الجهاز جيلا بعد جيل.