-A +A
صالح الفهيد
في الوسط الرياضي السعودي دائما نحن على موعد مع العجائب، لقد برهنا المرة تلو الأخرى على قدراتنا المدهشة في خلق وابتكار القضايا الإشكالية المعقدة، لقد أنهكتنا واستنزفتنا هذه القضايا والأزمات العبثية.

قضية العويس بكل تشعباتها، ليست القضية الأولى ولن تكون الأخيرة، فنظامنا الاحترافي الذي يديره أشخاص هواة ويجري تطبيقه بطريقة انفعالية ومرتجلة، قادر على إنتاج المزيد من القضايا التي ستجعل منا قريبا الزبون الأكثر ترددا على فيفا طلبا للمساعدة في فك العقد التي نتفنن في ربطها بكثير من الإصرار والتحدي.


أجل، احترافنا يديره هواة تعوزهم الخبرة والتمكن والإلمام والقدرة على التعاطي مع القضايا المستجدة بالحكمة والحنكة والذكاء.

ويزداد الطين بلة في نظامنا الاحترافي عندما تتدخل غريزة العناد والتحدي والشخصنة في التعاطي مع القضايا المطروحة، حيث يريد كل طرف أن ينتصر لنفسه ولو بلوي أعناق النظام وبنوده ولوائحه.

وكما حدث في قضايا سابقة تكرر المشهد في قضية العويس، فقد برهنت لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي، وقبلها نادي الشباب والنادي الأهلي ومعهم بالطبع اللاعب العويس على جهلهم بالنظام واللوائح، وتعاطوا مع الموضوع بالكثير من الارتجالية والتسرع مما أوقعهما في مخالفات صريحة وصارخة لنظام الاحتراف، وهم بذلك يؤكدون مجددا الحقيقة التي لم تعد تقبل النقاش، وهي أن نظامنا الاحترافي ما زال يقوم عليه أشخاص هواة لا يتقنون شيئا أكثر من إتقانهم الوقوع في الأخطاء.

الوضع في الأندية أكثر سوءا من غيره، ونظرة سريعة على بيانات نادي الشباب الصادمة التي كتبت بلغة خشبية تشبه اللغة التي كان يستعملها كتاب المنتديات المجهولون في نقاشاتهم الغامضة، تكشف المستوى الضعيف من المهنية التي يدار به الملف الاحترافي في أنديتنا الرياضية.

وإذا ذهبنا إلى لجنة الاحتراف ورئيسها «نمبر ون» الدكتور عبدالله البرقان، فإننا ندعوه بكثير من الاحترام أن يتواضع كثيرا، وأن يتخلى عن الروح المتحدية التي يتعاطى بها مع النظام ومع الأندية، خصوصا بعد خسارته المريرة رهان التحدي في قضية سعيد المولد، وهو الآن يتصرف كالأسد الجريح، ويريد أن يثأر من خصومه بتسجيل نقاط عليهم في قضايا أخرى، وهذا يجعله أكثر عرضة للوقوع في أخطاء جديدة.

ودعك من اللاعبين، ودعك من الإعلام الذي ظهر كالعادة في نقاشاته حول هذه القضية بوضع هش ومزرٍ، بسبب المناكفات والخصومات والانحياز على حساب المهنة وشرفها.

والسؤال الذي ما زال يبحث عن إجابة هو: إلى متى هذا العبث، وإلى متى هذا التخبيص؟ أليست رياضتنا تستحق شيئا أفضل مما يحدث لها الآن؟